
كأنهم رؤوس الشياطين
قدمت مصر للعالم نموذجًا فريدًا عندما نجحت ثورة 30 يونيو في استعادة هوية الدولة، واقتلعت من جذور التاريخ ذلك الورم السرطاني المسمى بجماعة الإخوان، الجماعة الإرهابية التي لم تتوقف يومًا عن الخيانة والعمالة. فما إن وطأت أقدامهم مدينة أو بلدة إلا ونشرت فيها الخراب والفساد، غير أن الله كان لهم بالمرصاد، كما وعد: "إن الله لا يصلح عمل المفسدين".
في هذه الأيام، تتابع فرنسا عن كثب خطر تنظيم الإخوان العابر للحدود، بعدما بات يشكل تهديدًا مباشرًا لهوية المجتمع الفرنسي. فالتنظيم، من خلال أكثر من 280 جمعية، وأكثر من 134 مركزًا مشبوهًا، يتمدد في البنية الاجتماعية الفرنسية بشكل مقلق، وهو ما أكدته تقارير أمنية حول نشاطاته المتطرفة.
لقد دفعت فرنسا ثمنًا باهظًا بسبب تغلغل التطرف في أوروبا، من خلال سلسلة من العمليات الإرهابية، والهجمات التي نفذتها "الذئاب المنفردة".
وفي تصريح مهم، قال وزير الداخلية الفرنسي، برونو بريتاتيو، إن جماعة الإخوان تمارس التقية السياسية، حيث تسعى لاستخدام الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى الحكم، دون إيمان حقيقي بها. فهم لا يؤمنون بتداول السلطة، بل يستخدمونها كوسيلة فقط، ثم يتمسكون بها إلى آخر قطرة دم، على طريقة "الغاية تبرر الوسيلة" لميكافيلي. إنهم يعتبرون الديمقراطية صنمًا، ولا يتركون مناصبهم طوعًا، لأن السلطة عندهم غاية وليست وسيلة لخدمة الناس.
وتمضي الجماعة في فرنسا بخططها للهيمنة على مفاصل الدولة، عبر بوابة المجالس المحلية، مستخدمة شعارات دينية تخالف مبادئ الجمهورية. ومن هنا تبرز أهمية استحضار قيم الثورة الفرنسية لعام 1789، التي أرست دولة مدنية تفصل الدين عن الحكم بشكل قاطع، وترفض قيام أي حزب أو حركة على أساس ديني، حمايةً لمدنية الدولة.
لذلك، من المتوقع أن يصدر عن المجلس الأعلى للدولة الفرنسية، بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون، خلال اجتماعاته القادمة، حزمة قرارات حاسمة، قد تشمل حظر أنشطة الجماعة داخل الأراضي الفرنسية، بما يضمن حماية فرنسا من هذا الخطر المتربص بها من الداخل.
لكن الأمر لا يتوقف عند فرنسا، فهذه الجماعة لا تريد السيطرة على مجالس محلية فحسب، بل تطمح إلى الحكم في أي دولة تتواجد بها، حتى لو جاء ذلك على ظهر دبابة الأعداء. ألم يقل أستاذهم التكفيري سيد قطب: "إن الوطن حفنة تراب عفن"؟ لقد غرسوا في أذهان أتباعهم أن لا ولاء للوطن، ما حوّلهم إلى جواسيس وعملاء يتقنون تخريب أوطانهم بأيديهم.
ولذلك، بدأت دول كألمانيا وبريطانيا والنمسا والسويد باتخاذ إجراءات رادعة، بعدما أدركت خطورة التنظيم على الأمن القومي والنسيج الاجتماعي الأوروبي.
إن هذه المواجهة الدولية مع الجماعة الإرهابية هي انتصار ناعم لمصر، التي فضحت فكرهم منذ ثورة 30 يونيو، وأثبتت للعالم أن الإخوان ليسوا جماعة دعوية أو سياسية، بل تنظيم متطرف يعمل على تقويض الأوطان.
وتظل ثورة 30 يونيو، ثورة الإنسانية والعقل المستنير، تواصل انتصاراتها على كل أشكال التطرف، بتعزيز وعي المجتمع، وترسيخ قيم الاعتدال، وحماية الدولة من براثن الظلامية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة
مصر وفلسطين.. مقاربة استراتيجية لدور إقليمي فاعل
21 مايو 2025 12:56 م
لماذا فشل نتنياهو في تغيير الشرق الأوسط؟
15 مايو 2025 03:32 م
تاريخ الصراع بين الهند وباكستان أسباب للأزمة الحالية
07 مايو 2025 11:09 ص
عبد الناصر ذو الظل الأخضر
30 أبريل 2025 01:46 م
أكثر الكلمات انتشاراً