
من "بيدوفيليا" لام شمسية إلى باريس وهوليوود
قد تبدو الكلمة ثقيلة على الأذن…“بيدوفيليا”. لكنها أخطر من أن تُهمَل، وأبشع من أن تُغضّ عنها الأبصار. هي ليست مرضًا عاديًا كما يحاول البعض الترويج، ولا حرية شخصية كما يدّعي بعض المرضى المختبئين خلف عباءة الفن أو النفوذ… بل هي جريمة صريحة، وعدوان مباشر على أنقى مراحل الحياة: الطفولة.
وفي زمن أصبح فيه كل شيء قابلًا للتبرير، خرج البعض – من قلب النخبة– ليُضفي على جريمته شرعية فكرية، أو يراها “ميولًا لا ضير فيها ما دامت لم تُترجم إلى أفعال!”.
ولكن متى كانت النية بريئة في حضرة الطفولة؟
البيدوفيليا… عندما يعترف الجناة دون خوف
فرنسا:
في قلب باريس، جلس الكاتب غابرييل ماتزنيف أمام الكاميرات، يحكي بتباهٍ عن مغامراته مع أطفال قُصّر في الفلبين، وكتاباته التي وثّق فيها كل ذلك كأنها فصول من رواية رومانسية.
والمذهل؟ أن الأوساط الثقافية الفرنسية احتفت به، ودعمت “إبداعه”، حتى جاءت شهادة صادمة من إحدى ضحاياه، فقلبت فرنسا الطاولة على ماضيها الثقافي المتواطئ.
أمريكا:
في عام 2014، اعترف الممثل ستيفن كولينز، نجم مسلسل “7th Heaven”، بأنه تحرش بثلاث فتيات قاصرات. اعترف! لكنه لم يُسجن، لم يُحاكم، ولم يُنبذ كما يجب. فقط سُحب مسلسله من العرض، وكأن حياة الضحايا تُعادِل عملًا تلفزيونيًا.
بريطانيا:
قائمة طويلة، يتصدرها اسم جيمي سافيل، المذيع الشهير في الـBBC، الذي اعتدى على مئات الضحايا، أطفالًا ونساءً، داخل المدارس والمستشفيات، مستغلًا شهرته كغطاء للجريمة.
وبجواره، يقف غاري غليتر، المغني المعروف، الذي أدين بالاعتداء على أطفال في فيتنام وبريطانيا، وجوناثان كينغ، منتج موسيقي، تورّط في اعتداءات جنسية على فتيان في عمر الزهور.
حتى رجال الدين لم يسلموا من المرض:
الأسقف البلجيكي روجر فانغيلوي اعترف بإقامة علاقة مع ابن أخيه القاصر على مدار 15 عامًا.
ولم يتوقف عند ذلك… بل اعترف بعلاقة مماثلة مع ابن أخ آخر.
الدراما تفضح المسكوت عنه: “لام شمسية” نموذجًا
في مشهد محوري من مسلسل لام شمسية، نرى طفلًا يتعرض لمحاولة تحرش داخل المدرسة.
الأم، التي تجسدها الفنانة أمينة خليل، تنفجر بصرخة لا تُنسى، تلخص كل ما نشعر به تجاه هذه الجريمة… القهر، الذنب، العجز. المشهد لم يكن مجرد أداء تمثيلي، بل مرآة لواقع نعيشه، ووجع نخشى حتى الاعتراف به.
المسلسل لم يكتفِ بالإشارة إلى الجريمة، بل وضع إصبعه على مكمن الألم: الصمت المجتمعي، غياب الرقابة، وثقافة لوم الضحية.
وما يُحزن حقًا، أن ما عُرض في الدراما، يحدث – بصمت– في مدارسنا، شققنا، وأحيانًا… في بيوتنا.
الوجه الآخر للمأساة: حين يتحول المرض إلى موضة
في بعض الأوساط الغربية، بدأت تخرج دعوات لتطبيع “الميول البيدوفيلية”، بل وصفها البعض بـ”الميل الجنسي الطبيعي غير المؤذي إذا لم يُمارس”! وهنا تكمن الكارثة: حين يتحوّل المرض إلى رأي، والجريمة إلى “اختلاف”. وتُصبح الطفولة، بكل براءتها، مستباحة باسم الحرية.
لا مكان للحياد في هذه المعركة
لا بد أن يكون القانون واضحًا، صارمًا، وأقوى من نفوذ المشاهير وأقنعة المثقفين. لا بد من إعلام مسؤول، لا يكتفي بالصدمة المؤقتة، بل يُكرّس لمساحات توعية دائمة. المؤسسات التعليمية مطالَبة بتدريب كوادرها على اكتشاف علامات الاعتداء، والمؤسسات الدينية عليها أن تُحاسِب بلا رحمة من يستغل سلطته لإيذاء الأرواح.
وأما نحن كأهل… فلنُصدّق أطفالنا، فلنحرسهم، ولنعلّمهم أن أجسادهم ملكهم وحدهم، وأن الخوف لا يحمي، بل يُبقي الجاني حرًّا.
صرخة أخيرة:
البيدوفيليا ليست ميلًا. وليست مرضًا ناعسًا. إنها وحش. وحين نُسامح الوحش، يصبح أطفالنا طعامه القادم.
المصادر:
تحقيقات رسمية وتصريحات منشورة في BBC News, Le Monde, The Guardian, وتقارير موثقة في قضايا سابقة ضد غابرييل ماتزنيف، ستيفن كولينز، جيمي سافيل، غاري غليتر، وروجر فانغيلوي

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة
لو أن هذا البرج خذلك.. ربما لن تشعر بالأمان مرة أخرى
13 مايو 2025 01:16 م
على أطراف الذاكرة.. عطر لا يزول
13 مايو 2025 12:33 م
مواليد شهر مايو بين برجين.. بداية مرحلة جديدة لا تشبه ما سبق
12 مايو 2025 01:34 م
من المنوفية إلى دبي.. خطوات مصري يعرف الطريق
05 مايو 2025 01:38 م
أكثر الكلمات انتشاراً