القصة الكاملة لوفاة رغد صبري بجامعة "فاروس".. صور وتسجيلات صوتية

في واقعة جديدة تلقي بظلالها الثقيلة على الإهمال الطبي والروتين الإداري الجامد، توفيت رغد صبري، طبيبة امتياز بكلية العلاج الطبيعي في جامعة فاروس بالإسكندرية، إثر تدهور حالتها الصحية داخل الحرم الجامعي وعدم تلقيها الرعاية الطبية اللازمة في الوقت المناسب، وفقًا لروايات زميلاتها وشهادات متداولة.

بداية أزمة طالبة الامتياز بجامعة فاروس

في صباح يوم الواقعة، وصلت رغد إلى الجامعة في حالة إرهاق شديد، وكانت تعاني انخفاضًا حادًا في نسبة الأوكسجين (90%)، مما أثار قلق زميلاتها. 

حاولت رغد الحصول على إذن بالمغادرة من مشرفة الامتياز، إلا أنها قوبلت بتعنت إداري، رغم وضوح أعراض التعب عليها.

ووفقًا لرواية إحدى صديقاتها لـ "تليجراف مصر"، تم توجيه رغد للعيادة الجامعية حيث خضعت لجلسة أوكسجين، وتلقت قرص Aspirin لتحسين حالتها، ثم طلب منها استكمال يومها كالمعتاد دون تصريح طبي بالمغادرة، ما جعلها تخشى المغادرة خشية التعرض للعقوبة من الإدارة.

إهمال طبي وغياب الطبيب المسؤول

وتضيف صديقة رغد، "في محاولة منها لإنهاء يومها الدراسي رسميًا، توجهت رغد في حوالي الساعة 1:30 ظهرًا لتوقيع الانصراف، لكن موظفي السكرتارية أبلغوها بضرورة الانتظار أو استئذان (د. أمل)، المسؤولة عن برنامج الامتياز، والتي لم تكن متواجدة حينها".

سعت رغد برفقة زميلتيها للبحث عن الطبيبة في أدوار مختلفة من مبنى الجامعة، وأثناء ذلك، تدهورت حالتها الصحية من جديد. 

حاولن التواصل مع سكرتيرة العميد، التي وجهتهن بالتوقيع والانصراف دون انتظار أحد، إلا أن الحالة الصحية لرغد لم تعد تسمح لها بالتحرك بسهولة، بحسب صديقتها.

السقوط أمام الجامعة واللا مبالاة من الأمن

بعد صراع طويل، وأثناء صعود السلم بعد توقيع الانصراف، انهارت رغد أمام الجامعة وسقطت على الرصيف في ظل ارتفاع حاد في درجات الحرارة.

وتقول رفيقتها، "طلبنا المساعدة من أفراد الأمن لنقلها أو إحضار كرسي متحرك، إلا أن الاستجابة كانت بطيئة وباردة، ورفض بعض أفراد الأمن التدخل لمساعدتها أو حتى مساعدتهن في إيجاد مكان تستريح فيه قليلًا".

وتتابع، "بعد جهود مضنية، أعيدت رغد إلى العيادة الطبية الجامعية وهي في حالة صحية متدهورة، حيث دخلت في مرحلة توقف قلبي واضح، وعلى الفور تم استدعاء الإسعاف، لكن الوقت كان قد تأخر".

توقف القلب والمخ

وتؤكد، "نقلت رغد إلى المستشفى، حيث حاول الأطباء إجراء إنعاش قلبي رئوي، وبالفعل عاد القلب للعمل لدقائق معدودة، لكن الدماغ كان قد توقف بالفعل، ولم تمضِ سوى لحظات حتى توقف القلب مجددًا".

اتهامات للتعنت الإداري وسلوكيات قمعية للمشرفة

الزملاء في الكلية تحدثوا عن أن المشرفة على الامتياز تمارس ضغوطًا شديدة على الطلاب، وتتعامل معهم بتهديدات مستمرة، إذ أن أي غياب أو اعتذار عن العمل يقابل بـ"إعادة 3 أيام بدلًا من يوم واحد"، ما يزرع الخوف في نفوس الطلبة، ويمنعهم من طلب الراحة أو المغادرة حتى لو كانت حالتهم الصحية لا تسمح بذلك.

التحقيقات بدأت والنيابة تستمع لشهادات الزملاء

وبحسب زملاء رغد بالكلية، حضرت الشرطة والنيابة العامة في أعقاب الواقعة، وبدأت تحقيقًا موسعًا مع إدارة الجامعة وطاقم العيادة، كما تم الاستماع إلى شهادات عدد من الزملاء المقربين من رغد، في محاولة لتحديد المسؤولية الإدارية والطبية عن الحادث.

منشور العميد يشعل غضب الطلاب

لم تمضِ ساعات على إعلان وفاة الطبيبة الشابة رغد صبري، حتى نشر الدكتور أمير نزيه، عميد كلية العلاج الطبيعي بجامعة فاروس، بيانًا عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"، حاول من خلاله التخفيف من حدة الغضب الطلابي، إلا أن منشوره أثار موجة واسعة من الاستهجان.

نفي وطمأنة واتهام بـ"المعلومات المغلوطة"

جاء في منشور الدكتور أمير:"بشأن انتشار بعض البوستات المغلوطة والأخبار الخاطئة، يوجد معلومات غير صحيحة فيما يتداوله البعض، وهي أن الوفاة لم تحدث داخل الكلية ولا الجامعة، والجامعة بكل قياداتها على قدم وساق بين أبنائنا الطلاب ويتم عمل اللازم".

وأضاف نزيه في منشوره، "لمس الطلاب اليوم بعض التغييرات، وأرجو من الجميع عدم المزايدة بين الطلاب وجامعتهم، وأرجو من جميع أبنائي الطلاب الأعزاء عدم الانسياق وراء البوستات الخاطئة والمعلومات المغلوطة وعدم نشرها، بل وحذف ما نشروه".

وختم العميد منشوره بتقديم العزاء قائلاً: "أتوجه بالشكر الجزيل والامتنان إلى طلابي الأعزاء على ضبط النفس، مع تقديري الشديد جدًا لمشاعركم في فقد الأخت العزيزة والغالية والخلوقة، د. رغد صبري".

غضب طلابي واسع والمنشور يحذف بعد ساعات

المنشور لم يحقق هدفه في التهدئة، بل أشعل غضبًا أكبر بين الطلاب، الذين اعتبروا أن البيان ينطوي على تنصل من المسؤولية، ويتجاهل مشاعرهم ويقلل من حجم الكارثة.

الطلاب اعتبروا أن محاولة إنكار وقوع الوفاة داخل الجامعة أو التهوين من الملابسات المرتبطة بها تمثل استفزازًا لمشاعر زملاء الفقيدة، الذين شهدوا مراحل انهيارها الصحي لحظة بلحظة داخل الحرم الجامعي.

وأمام هذا الضغط، اضطر العميد إلى حذف المنشور لاحقًا دون أي توضيح.

تسجيلات ومحادثات تكشف المشهد من الداخل

"تليجراف مصر" حصلت على محادثات موثقة "سكرينات" من جروب الدفعة تكشف حجم التوتر والمعاناة التي تعرضت لها رغد قبل وفاتها، كما حصلت على تسجيل صوتي لمشادة كلامية بين عدد من الطلاب والمسؤولة عن الامتياز بالجامعة، والتي تضمنت عبارات تشدد إداري وتعنت رغم وفاة الطالبة، وتهديد واضح من المديرة لأحد الطلاب وهي تقول له “ أنا ممكن أؤذيك”.

نقابة العلاج الطبيعي تشتبك وتحذر

وفي أول تعليق رسمي لها على واقعة وفاة طالبة الامتياز بجامعة فاروس، أصدرت النقابة العامة للعلاج الطبيعي بيانًا عبرت فيه عن بالغ تعازيها لأسرة الفقيدة، مشددة في الوقت ذاته على رفضها استخدام اسم النقابة أو الزج به في القضية دون سند قانوني.

وقالت النقابة في بيانها:"يتقدم النقيب العام للعلاج الطبيعي وأعضاء مجلس النقابة بخالص العزاء إلى أسرة الطالبة الراحلة، سائلين الله عز وجل أن يتغمدها برحمته وأن يُلهم ذويها الصبر والسلوان".

وأضاف البيان:"تحذر النقابة العامة بشدة من الزج باسمها في القضية أو استغلالها إعلاميًا أو اجتماعيًا بأي صفة رسمية أو غير رسمية، وتحديد أسباب الوفاة أو إثبات وجود إهمال هو من اختصاص النيابة العامة، وهي الجهة الوحيدة المنوطة بإجراء التحقيقات والفصل في ملابسات الحادث".

استعداد للتدخل الرسمي

وطالبت النقابة إدارة كلية العلاج الطبيعي بجامعة فاروس وإدارة الجامعة ذاتها بإصدار بيان رسمي يوضح الملابسات الكاملة المتعلقة بوفاة الطالبة، مشددة على أهمية الشفافية في التواصل مع الرأي العام والطلاب وأولياء الأمور.

وأكدت النقابة أنها ستتدخل بشكل رسمي في حال تلقيها شكوى رسمية موثقة من ذوي الطالبة أو من زملائها، مشيرة إلى أن لديها بعض التحفظات والملاحظات التي ستقوم بتقديمها للنيابة العامة في الوقت المناسب، متى طلب منها ذلك.

كواليس الساعات الأخيرة في حياة طالبة الامتياز بجامعة فاروس

وحصلت "تليجراف مصر" على تسجيل صوتي يوثق ما جرى في الساعات الأخيرة بعد وفاة رغد صبري، وأشار التسجيل إلى اتخاذ الجامعة إجراءات إدارية صارمة بحق عدد من العاملين المعنيين بالواقعة.

ووفقًا للمعلومات التي وردت في التسجيل، أحالت إدارة الجامعة كلاً من الطاقم الطبي في المستشفى الجامعي، ومديرة برنامج الامتياز، إضافة إلى أفراد الأمن، إلى التحقيق الفوري، وذلك على خلفية الملابسات التي رافقت الحالة الصحية للطالبة وسلوك بعض الموظفين أثناء محاولات إسعافها.

الأمن يطلب بطاقة لضمان الكرسي المتحرك

أحد أبرز التفاصيل التي أثارت الغضب، بحسب التسجيل، هو رفض عناصر الأمن توفير كرسي متحرك لصديقة رغد لنقلها سريعًا لتلقي الإسعافات، إلا بعد الحصول على بطاقة الهوية كضمان لعودة الكرسي، وهو ما تسبب، وفق الشهادات، في تأخير نقلها لتلقي المساعدة الطبية العاجلة.