
مسرحية الموسم.. إلغاء الهبوط واستمرار الفوضى في كرة القدم المصرية
اجتمعت بالأمس رابطة الأندية المصرية في جلسة اعتبرها البعض استثنائية، بينما أراها أقرب إلى مسرحية دُبِّرت بدون سيناريو واضح، وكأنها ليست اجتماعًا لمناقشة مستقبل كرة القدم، بل جلسة لتثبيت وضع قائم في ظل موسم حمل كثيرًا من المشاكل والتحديات. في هذا الاجتماع، تم اتخاذ قرار بإلغاء الهبوط، قرار أثار الكثير من التساؤلات عن مدى جدية هذا القرار وعن تأثيره على منظومة المنافسة في الدوري المصري.
إلغاء الهبوط يعني عمليًا أن موسمًا شاقًا ومليئًا بالتحديات ضاع من دون أن يُحاسب فيه أي فريق على أداءه، وهذا في حد ذاته رسالة غريبة موجهة إلى جميع الفرق والجماهير على حد سواء، وكأن الرابطة تقول لهم: "لا داعي للقلق بشأن الأداء، المهم أن تبقى الفرق كما هي" هذا القرار يشير إلى خلل في فهم جوهر المنافسة الرياضية التي تعتمد على الجدية والشفافية والعدل، وليست على حلول مؤقتة تُغطي على مشاكل أعمق.
الغريب في الأمر أن أغلبية الأندية صوّتت لصالح القرار، بينما غاب البعض الآخر، مما يطرح علامات استفهام حول موقف هذه الأندية ومدى اهتمامها بمصلحة اللعبة. وبينما كان من المفترض أن تمثل الرابطة هيئة منظمة ونزيهة تدير شؤون كرة القدم، تحولت إلى جهة تُكرم نفسها وتمنح الثقة لمجلس إدارة تحمل مسؤولية المشاكل التي رافقت الموسم الماضي.
الموسم الماضي كان حافلًا بالأزمات، من تأجيلات مستمرة وتعطيلات في الجداول، إلى مشاكل إدارية ومالية أثرت على أداء الفرق وأجواء المنافسة بشكل عام، مما أثار استياء جماهيري كبير، وأضر بسمعة الكرة المصرية. ومع ذلك، لم نلحظ خطوات واضحة للإصلاح أو للتغيير الجذري، بل تمت المحافظة على نفس الإدارة والأشخاص، وكأن الأمر مجرد استمرارية في دائرة من القرارات المتخبطة.
تم تحديد موعد انطلاق الموسم الجديد في 15 أغسطس 2025، وهو موعد يظل محفوفًا بالكثير من الغموض، خاصة مع استمرار ضعف التخطيط وعدم وجود رؤية واضحة تضمن انتظام الموسم واستقراره. وما يزيد الأمور تعقيدًا أن الرابطة نفسها لم تحترم اللائحة التي وافقت عليها في الموسم الماضي، فما الذي يضمن لنا الآن التزامها بلائحة الموسم الجديد؟ كما منح النظام الجديد الأندية مهلة 30 يومًا فقط لتقديم ملاحظاتها على لائحة المسابقة، ما يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى الجدية في تطوير القوانين والإجراءات التي تحكم المنافسة، وهل هي مجرد حبر على ورق يُكتب ويُنسى؟
الكرة المصرية، التي تحمل في طياتها شغف الملايين، لا تزال تعيش في حلقة مفرغة من التردد والضعف الإداري، حيث تكثر الوعود دون تحقيق خطوات حقيقية على أرض الواقع، وتظل قرارات مثل هذه تبرز المشاكل بدلًا من معالجتها. فكرة القدم في مصر لن تنهض إلا عندما يخرج الفاشلون من دائرة القرار، ويأخذ المحترفون زمام المبادرة، وهذا ما ننتظره بشوق، لكننا ما زلنا بعيدين عنه.
في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستشهد كرة القدم المصرية قريبا حراكًا حقيقيًا نحو الإصلاح والاحتراف، أم سنظل نراوح مكاننا داخل دوامة التكرار والتقليد، دون أن نسمع صوتًا جادًا يعيد للعبة بريقها ومكانتها؟

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة
زحمة السجل المدني بالوراق.. وجبر الخواطر المؤجل
27 مايو 2025 11:35 ص
قانون الانتخابات.. متى تنتصر القواعد على الاستثناء؟
25 مايو 2025 07:14 م
ترامب لا يشرب القهوة.. لكنه يعرف متى يطلُب الحساب
14 مايو 2025 12:24 م
من كولر لـ بيسيرو.. هل حان وقت خصخصة الأندية المصرية؟
07 مايو 2025 02:50 م
أكثر الكلمات انتشاراً