"يا ليتني قدمت لحياتي!".. اعتزال إجباري للفن فرضته "سكرة الموت"

تصاعدت الأحداث بعد وفاة المغني الشعبي أحمد عامر، خاصة بعد دعوات البعض لحذف أغانيه من على يوتيوب، حتى وصل الجدل إلى اشتباك على مواقع التواصل الاجتماعي.

وصية واجبة التنفيذ

الأزمة اكتسبت وقودًا جديدًا، وضع مزيدًا من الزيت على “نيران الجدل المتصاعد”، بين الحلال والحرام في الغناء، وتوجه عدد من المغنيين إلى حذف أغاني المطرب الراحل أحمد عامر، انطلاقًا من حمو بيكا وشحتة كاريكا، وكذلك إغلاق أسرة أحمد عامر صفحته بعد تعليقات حادة، بناء على وصية الراحل.

فنانون أعادوا النظر في حرمانية الغناء 

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقف فيها مطرب عند حرمانية الغناء ويبدي استعداده للاعتزال، فقد أوصى المطرب الشعبي طارق الشيخ، أولاده بحذف أغانيه بعد وفاته، قائلًا: "يا بخت اللي عمله عشان سيرته تكون طيبة مش سيرة الفن".

وخرج حمو بيكا بتصريحات نارية، وهو يعبّر عن خوفه الشديد من الموت المفاجئ، بعد صدمة وفاة صديقه أحمد عامر، مشيرًا إلى أنه يُفكر جديًا في التوقف عن الغناء خلال السنوات المقبلة.

وقال بيكا: "بحلم أكون مرتاح ومستور.. ومش ناوي أكمل كل الغناء ده العشر سنين الجايين، عاوز أعمل مصلحة أعيش بيها وأفضل في مكاني".

تامر حسني: “نفسي مموتش وأنا مطرب”

الفنان تامر حسني، قال في لقاء تلفزيوني سابق مع المذيعة إنجي علي: “في حاجة على طول شاغلة تفكيري.. نفسي مموتش وأنا مطرب، وبتمنى أغني شوية وخلاص.. مش عشان بعمل حاجة غلط بس مش حاسه ده آخر الأحلام في الدنيا.. عاوز أعمل حاجات أحسن”.

“تاريخ سعد الصغير في الكباريهات”

وأبدى المطرب الشعبي سعد الصغير، رغبته في اعتزال الفن، قائلا: تاريخي حافل بالرقاصات والكباريهات.

وأوضح سعد الصغير في حواره مع الإعلامية راغدة شلهوب في برنامج "سابع سما" المذاع عبر قناة النهار: "ربنا مش راضي عني.. وعندما يرضى عني سأعتزل، وأمنية أمي قبل رحيلها كانت أن أقدم برنامجا فيه خير مثل برنامج الإعلامية ريهام سعيد، وهذا ما أقوم به حاليا".

اعتزال محمد نجم الفن 

اعتزل محمد نجم، الفن، بسبب موقف حدث معه أمام الكعبة حين قابله شاب ملتحي وتعامل معه بلطف وأخبره أنه يحبه ويتابع مسرحياته، ثم قال له: “علشان بحبك قوي مش عايزك تتعذب لما تموت وأفهمه الأمر فهنا قرر فورًا الاعتزال”.

بمجرد اتخاذ نجم، القرار وبرغم تعاقده على عملين منهما فيلماً مع سمير عبدالعظيم ومسرحية مع حسن عابدين بعد نجاح عش المجانين، هاتف زوجته، لتخبرهما بإلغاء التعاقد لأنه قرر الاعتزال وهو قرار نهائي.

أدهم نابلسي من اعتزال الغناء إلى حفظ القران

وفي 2022، خرج المطرب الأردني أدهم نابلسي، ليكشف أسباب اعتزاله الغناء، وذلك عبر حسابه على السناب شات، وقال في بث مباشر، إنه لم يكن يشعر بالراحة وحاول إصلاح الأمر وساعدته فترة الحظر المفروضة جراء انتشار فيروس كورونا.

وأوضح: "فترة كورونا ساعدتني أشوف الأمور على حقيقتها قبلها كان سفر ولا يوجد استقرار، كنت جالسًا في البيت وبدأت أفكر واستمريت في العمل سنة تقريبًا.. بس اللي صار أنه في شهر رمضان الماضي كنت أعمل على ألبوم وبدأنا العمل، وقلت يا ليتني قدمت لحياتي، ومسحت فعلا السوشيال ميديا وحاولت لا أضيع دقيقة في رمضان".

التفكير يدمر المجتمع

وعلى النقيض تمامًا، انتقد الناقد الفني طارق الشناوي، الحديث عن وصية أحمد عامر، قائلا إنه لا يمكن نسبتها بشكل قاطع، لأنها لم تُكتب رسميًا، بل تداولها بعض أصدقائه. 

وأضاف: "ما نراه هو تكرار لنموذج فكري أصبح شائعًا، وهو ربط الفن بالخطيئة، خاصة في الأوساط الشعبية، رغم أن الفن في جوهره رسالة إنسانية".

كما انتقد الشناوي عبر برنامج “الستات ميعرفوش يكدبوا”، من يطالبون بحذف أعمالهم بعد الوفاة، قائلاً: "هذا النوع من التفكير يُدمّر أي مجتمع، إذا كنت ترى أن ما تقدمه لا يليق، فلا تقدمه من الأساس.. لا يعقل أن تُنتج أعمالًا فنية ثم تطلب شطبها لاحقًا بعد أن أثرت في الجمهور". 

وأضاف الناقد الفني: "هذه الدعوات تفتقر إلى المنطق، وكأن الشخص يريد أن يغسل تاريخه، بدلًا من أن يقف أمامه ويفسره".

محدش يمسح الأغاني

وبدوره، علق الشاعر الغنائي، محمد عاطف، قائلاً: "والنبي لما أموت ميظهر ليا صحاب يمسحوا أغنياتي وأعمالي عشان أدخل الجنة وأترحم دي حاجة تكسف والله، طب إنتم عارفين إنكم أصوات أي كلام ورسالتكم في الفن عبارة عن تحريض على سلاح وأخصام وخمور ومخدرات ومشاكل، يعني اللي بتعملوه حرام فعلاً، بتمسحوا أغاني الراجل وتراثه وشقاه ليه.. ده زمن له العجب".

أما الناقد أحمد فرغلي رضوان فكتب: "إيه موضوع حذف الأغاني بعد ما نموت!!؟ طيب ما تحذفوها وأنتم عايشين في الدنيا وتعتزلوا وتعملوا مشاريع أخرى!؟ طالما مقتنعين أن ما تفعلوه حرام". 

رسالة شديدة اللهجة من الأوقاف

ورافق الحديث الساخن عن حرمانية الغناء، شماتة على السوشيال ميديا، قطعت الطريق عليها وزارة الأوقاف بتعليق لافت، حيث ذكّرت الشامتين بـ"العودة لإنسانيتهم".

وعلقت الأوقاف على صفحتها الرسمية "فيسبوك”، قائلة: “اللي مات خلاص راح للي أرحم بيه من كل الخلق.. ممكن متكونش تعرف الشخص اللي مات، ولا بتحب شُغله، ولا حتى متفق معاه في حاجة، بس وقت الموت.. مش وقت تصفية حسابات، ولا فرصة للتشفي!".

وتابعت: “الموت بيكشف قلوبنا مش قلوب اللي ماتوا.. وبيظهرنا قدام ضميرنا قبل الناس.. لما حد يموت ويرجع لربه، إحنا اللي لسه واقفين هنا بنختبر.. المؤلم مش فُقدان الشخص بس.. المؤلم إن في ناس بتحرم عليه الرحمة”.

وأضافت: "بيتكلموا كأن معاهم مفاتيح الجنة والنار.. كأنهم شافوا نهايته.. وسَمِعوا اللي بينه وبين ربنا!.. هو حد فينا شقّ عن قلبه؟.. هو حد فينا عارف خاتمته كانت إيه؟.. هو إحنا نسينا إن ربنا رحيم… وإن رحمته وسعت كل شيء؟.. اللي يشمت في الموت.. مش بس قلبه غليظ.. ده عنده خلل في الفطرة".

وواصلت: “الناس كانت زمان تقول الله يرحمه أول ما تسمع خبر وفاة.. دلوقتي بقى في ناس تقول: ما يستاهلش.. وفي اللي بيتكلم كأنه شاف مصيره وقرر هو بنفسه نهايته عند ربنا!".

واختتمت: “لو عندك رحمة إدعيله.. ولو مش قادر تدعي اسكت.. بس متبقاش سبب في أذى أهله ولا ألم ناسه، ولا فضح نفسك قدّام ربك!.. اللهم نقِّ قلوبنا من القسوة.. واجعلنا من عبادك الرحماء”.

حكم الغناء والتمثيل

ومع جدل حذف أغاني المطرب أحمد عامر بعد وفاته وتجدد الخلاف بين الحلال والحرام، وهل هناك حكم مطلق أم أن الحكم يتوقف على طبيعة هذا الغناء وجودته.

وقال مفتي الجمهورية الأسبق الدكتور على جمعة، إنه كان يستمع إلى الأغاني في شبابه، مضيفا أن الأغاني لم يحرمها أحد على إطلاقها بل هناك تقييد، فحلالها حلال وحرامها حرام، بمعنى أن ما يهذب النفس ويطيب القلوب فهو حلال.

الشعراوي وفلوس شادية

وللشيخ محمد متولي الشعراوي موقف شهير مع الفنانة شادية عندما قررت الاعتزال وهي في أوجه شهرتها ونجاحها، وحينها أفتاها بعض الشيوخ بأن عليها أن تتخلص من كل الأموال التي جمعتها خلال فترة عملها بالفن وقالوا لها إن هذه الأموال حرام، فتوجهت شادية إلى الشيخ الشعراوي لتسأله عن حكم هذه الأموال وكيف تتصرف فيها.

وأفتى إمام الدعاة لـ شادية، بأن تحتفظ بما يضمن لها حياة كريمة ومستوى لائق طوال حياتها، وأن تحتفظ بمن يعملون لديها ويخدمونها وأن تتبرع بما يزيد عن ذلك، مؤكدًا أن جده لم يحرم الفن وكان يرى أن حلاله حلال وحرامه حرام.