
الرجل المصري.. حقوق مهضومة في صمت
في ظل الجدل المجتمعي المحتدم حول قضايا المرأة وتمكينها - وهو أمر محمود في ذاته- يُهمل في كثير من الأحيان وجه آخر للمعادلة: حقوق الرجل العربي. ذلك الطرف الذي غالبًا ما يُختزل في دوره كمستفيد دائم من الامتيازات الذكورية، بينما يغضّ المجتمع الطرف عن التحديات النفسية والاجتماعية والحقوقية التي يواجهها الرجل في حياته اليومية.
الصورة النمطية والعبء الذكوري
في المجتمعات العربية، لا يُسمح للرجل بأن ينهار. عليه أن يكون القوي دائمًا، المعيل، المتماسك، الصلب في مشاعره. يُمنع من البكاء أو الشكوى، وإلا وُصف بالضعف أو “قِلّة الرجولة”. هذا القالب النمطي يحرم الرجل من أبسط حقوقه الإنسانية: التعبير عن الألم، طلب الدعم، الاعتراف بالهشاشة.
الطلاق: القانون ينحاز.. ولكن لمن؟
على الرغم من الاعتقاد السائد بأن قوانين الأحوال الشخصية تنصف الرجل، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا. فالرجل المُطلّق يواجه أحيانًا ظلمًا قانونيًا حين يُلزم بنفقات لا تُراعي قدراته المالية الفعلية، أو يُمنع من رؤية أطفاله بسبب تعنت الطرف الآخر، في ظل آليات تنفيذ بطيئة، لا توفّر له العدالة المنشودة بالسرعة الكافية.
العمل والضغط النفسي
ثقافة “الرجل لا يشتكي” تُجبره على تحمل ضغوط العمل والمعيشة وحده. فكم من رجل ينهار نفسيًا بسبب ضغوط الإنفاق أو البطالة، دون أن يجد من يمد له يد الدعم أو حتى يُصغي لشكواه؟ الحديث عن الصحة النفسية للرجال لا يزال ترفًا في الخطاب العام، رغم أن معدلات الانتحار بين الذكور في بعض الدول العربية تفوق تلك المسجلة عند الإناث.
العنف ضد الرجل.. وصمة لا تُصدق
عندما يتعرّض رجل لعنف نفسي أو جسدي من شريكة حياته، يُقابل الأمر في الغالب بالسخرية أو التشكيك. لا توجد مؤسسات كافية لحمايته، ولا خطاب إعلامي أو ديني يدافع عنه صراحة. إنكار المجتمع لهذه الظاهرة لا يعني عدم وجودها، بل يعني فقط أن الضحايا يُجبرون على الصمت.
نحو خطاب أكثر توازنًا
الدعوة لإنصاف الرجل العربي لا تعني الانتقاص من حقوق المرأة، بل تسعى لخلق توازن حقيقي في القضايا الأسرية والاجتماعية. نحن بحاجة إلى قوانين أكثر عدالة، خطاب إعلامي منصف، وخطاب ديني واجتماعي يُنصف الإنسان بغض النظر عن جنسه.
لقد آن الأوان أن نُعيد التفكير في مقولة: “الرجال لا يُظلمون”، لأن خلف كل رجل صامت، قد يقبع رجل موجوع.. يفتقد العدالة والإنصاف.

الأكثر قراءة
-
الرقصة الأخيرة.. لحظة القبض على "طارق ميشو" بالإسكندرية (صور)
-
مشاجرة بأكياس الشطة.. "خناقة" في الشروق تنتهي بإصابة أسرة كاملة
-
لماذا امتنعت تونس والعراق وإيران عن التصويت على حل الدولتين؟.. أستاذ علوم سياسية يوضح
-
ما يحدث تهديد لاتفاقية السلام القائمة.. رسالة حاسمة من السيسي لـ إسرائيل
-
دبوس معدني وقطع فول.. فريق مجمع الأقصر الطبي ينقذ صغيرتين من الاختناق
-
ضبط شقيقين بحوزتهما مواد مخدرة وأسلحة نارية في الفيوم
-
وزنها 600 جرام.. تحقيقات موسعة حول سرقة أسورة الملك بسوسنس الأول
-
طرد وحرمان.. عمرو الدجوي يطلب من النائب العام استدعاء جدته نوال

مقالات ذات صلة
لماذا جادل بنو إسرائيل؟!
15 سبتمبر 2025 10:06 ص
لماذا ارتبطت الخيانة بالرجال أكثر من النساء؟
13 سبتمبر 2025 12:30 م
مصر بين مطرقة “إسرائيل الكبرى” وسندان النزوح القسري
12 سبتمبر 2025 08:32 ص
هل يعيش المواطن المصري حياة كريمة أم حياة حزينة؟
06 سبتمبر 2025 09:51 ص
"طوارئ بلا طوارئ".. بين زحمة "الحكومي" وجشع "الخاص"
03 سبتمبر 2025 08:45 ص
مولد الرسول ﷺ.. يوم وُلد النور
01 سبتمبر 2025 03:46 م
الزيتون يحترق والاحتلال يترنح.. غزة "ملحمة صمود"
30 أغسطس 2025 02:22 م
اغتيال الحياء.. من كوكب الساحل إلى بيوتنا
26 أغسطس 2025 11:20 ص
أكثر الكلمات انتشاراً