
حين يصبح الحب معركة إثبات لا مساحة أمان
في بعض العلاقات، هناك علاقه تعرف بـ”العلاقة المشروطة المقنّعة”، هذه العلاقة يكون هناك طرف واحد يملك قائمة طويلة من التوقّعات والمواصفات التي يرى أنها دليل الحب الحقيقي. هو لا يطلب منك أن تحبه، هو يطلب أن تحبه بطريقته هو فقط.
لا يبدو الطرف المتطلب متطلبا من البداية، بل يظهر في صورة الشريك الهادئ، المتفاهم، الروحي، الذي يتحدث كثيرًا عن الاحتواء والخصوصية والنقاء العاطفي، لكنه مع الوقت يبدأ في فرض قواعد تُقيّد الطرف الآخر دون أن يشعر.
هذا النوع من العلاقات يكون فيه طرف دائم الطلب، دائم التوجيه، دائم النقد غير المعلن، يطلب أن يُحب بطريقة معينة، ويُعامل بطريقة خاصة، ويتلقى الاهتمام بالشكل الذي وضعه هو في ذهنه، دون مرونة، ودون تفهم للفروق الإنسانية. فيخلق شعورا دائما بالتقصير، مهما فعل الطرف الآخر.
مع الوقت، يبدأ هذا الشريك في إظهار وجه آخر… وجه لا يصرخ ولا يُهدد، لكنه يُرهق. يضع القواعد العاطفية الصارمة، ويطلب منك تطبيقها باسم الحب.
في كل لحظة، يضعك في حالة مراجعة ذات، وفي كل حوار، يشعرك بأن هناك شيئًا ناقصًا. هذا النمط من العلاقة يُطلق عليه في بعض المراجع النفسية Condition-Based Love، أي الحب المشروط. وهو النوع الذي لا يمنحك فيه الشريك الشعور بالأمان، بل يجعلك دائمًا في موقع المشتبه فيه، حتى لو كنت حاضرًا ومحبًا ومبادرًا.
تكمن خطورة هذا النوع من العلاقات في أنه لا يُظهر أذيّته بوضوح. لا يوجد صراخ، لا يوجد عنف. لكن هناك استنزاف خفي. Silent Depletion. تشعر أنك في اختبار دائم لإثبات مشاعرك، وفي محاولة مستمرة للوصول إلى صورة مثالية لا تعرف كيف تُرضيها، ولا متى. يُشعرك الطرف الآخر بأنه لا يُطالب بالكثير، فقط “الأساسيات” كما يراها هو، لكن هذه “الأساسيات” لا تنتهي، ولا تُشبعه.
غالبًا ما يكون هذا الشريك مزيجًا بين The Self-Centered Empath – الشخص الذي يبدو حساسًا لكنه في الحقيقة يدور حول نفسه فقط – وThe Subtle Controller الذي لا يأمرك بشكل مباشر، لكنه يتحكّم بك عبر التوقعات والخذلان الصامت إذا لم تُحققها.
وأيضا هذا الشريك يكون ميالًا للسيطرة بشكل غير مباشر، فيُقنعك أن كل شيء بينكما يجب أن يكون مشتركًا باسم “المشاركة”، باسم “الحب”، لكن ما إن تبدأ فعليًا بالمشاركة، حتى تُحاسب أيضاً عليها. يخفي رغبة في التملك، في أن يعرف، ويُتابع، ويُقرر، ويُراجع، تحت غطاء الحب والاهتمام. أنت لا تنتبه في البداية، لأن الأمر يبدو وكأنه رغبة في القرب، ثم مع الوقت تشعر أن كل ما تفعله يُراقَب، وكل قرار بسيط يُعاد النظر فيه، وأنك صرت محاصرًا دون أن تُمسك بك أحد.
وهكذا، يتحول الحب إلى عبء، والدفء إلى شعور بالخوف، والرغبة في الإرضاء إلى محاولة للبقاء. وفي نهاية المطاف، لا تشعر أنك محبوب، بل أنك موضع اختبار دائم، كأنك في علاقة مشروطة، لا تعرف فيها أين تبدأ حريتك وأين تنتهي شروط الآخر.
هذا النوع من العلاقات يُفقدك الثقة في نفسك، يجعلك تُشكك في مشاعرك، ويقنعك أن الحب يجب أن يكون مطابقًا لمقاييس معينة حتى يُحتسب. فيتحول الحنان إلى أداء، والتواجد إلى واجب، والعطاء إلى اختبار.
في النهاية، هذه ليست علاقة تنمو فيها، بل علاقة تتآكل فيها ببطء… حتى تختفي.
هل وجدت نفسك يومًا في علاقة شعرت فيها أنك لا تُحَب كما أنت… بل كما يُتوقَّع منك أن تكون؟

الأكثر قراءة
-
الدقائق الأخيرة مع الأم.. سائق "أوبر" يفارق الحياة أثناء عمله
-
7 حالات للطرد الفوري في قانون الإيجار القديم
-
قصة كفاح تنتهي بمأساة.. شاب يرحل صعقا بالكهرباء أثناء عمله في أسيوط
-
بعد دعم تامر حسني.. دينا فؤاد: سرطان الثدي تملكني بعد تشخيص خاطئ
-
فيديو يرصد آخر 30 ثانية قبل "فرم وتسييح" إسورة المتحف المصري
-
يانهار إسود.. زاهي حواس يعلق على بيع إسورة أثرية ملكية بـ 180 ألف جنيه
-
السيسي يوافق على اتفاق بين مصر والإمارات لتجنب الازدواج الضريبي
-
بعد تصريحات نتنياهو عن "إسرائيل والموبايل".. من يضع الآخر في يده؟

مقالات ذات صلة
حين يُثبت المجهولون أن الخير لا يموت
14 سبتمبر 2025 02:52 م
الانفصال الصامت.. وجع وموت بطيء
06 سبتمبر 2025 02:51 م
تحت حصار الجوع.. حكاية أم من خان يونس
01 سبتمبر 2025 03:05 م
ابتسامة معلّقة على صورة قديمة
31 أغسطس 2025 12:28 م
أكثر الكلمات انتشاراً