حشمت في الساحل الشرير!
شاهدت مقاطع فيديو ليست الأولى من نوعها لشاب يتقمص شخصية أحد الملاك فيما درج على تسميته بالساحل الشرير "أونر" ويطلق على نفسه "حشمت بيه" ويسخر من المستأجرين "الجرابيع" الذين لوثوا كومباوندات الساحل الراقية!
فيديوهات سخيفة بل مقززة، تكشف مرضاً اجتماعياً بغيضاً، حتى لو كان أصحابها يسخرون من "الأونرز" في هذه المجمعات الفارهة، لأنها ترسخ ثقافة يعمدون إلى نشرها وهي أن مصر تحولت إلى بلدين، الأولى يسكنها فئة فاحشة الثراء، والأخرى التي تؤوي الأغلبية العظمى يسكنها الفقراء المساكين الذين يتمسحون في ملاك الساحل الشرير، ويبذلون الغالي والرخيص لقضاء يوم في أحد هذه القرى الفارهة، لالتقاط صورة تعبر عن انتماء كاذب لطبقة لا ينتمون إليها!
طبقات المجتمع تتفاوت في كل بلاد الدنيا، ونحن في مصر نواجه – بلا شك- مشكلة تآكل الطبقى الوسطى التي تعد ضمانة استقرار الدول وتماسكها، لكننا لا زلنا شعباً واحداً غير منقسم طائفياً أو عرقياً، لذا لا يجب أن نتلاعب في نسيج هذه التركيبة الربانية، ونعزز انقساماً طبقياً يثير الحسد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد!
الأجهزة الأمنية في مصر اتخذت موقفاً صارماً حيال بلوجرز وتيك توكرز أساءوا بشكل أو بآخر إلى بلادنا، ولا يزالوا متهمين بارتكاب جرائم أخرى أكثر بشاعة مثل غسل الأموال، ولن أقع في فخ أخلاقي واستبق جهات التحقيق والقضاء، لكن أتمنى من الأجهزة المعنية أن تتصدى كذلك لهذا النوع من المؤثرين الذين يروجون لثقافة الانقسام الطبقي، ويسخرون من الفقراء على لسان الأغنياء.
لقد انزعجت كثيراً بمشاهدة حشمت بيه المزعوم، وهو يتحدث بلغة مخنثة مقلداً ملاك الساحل الشرير، وأنا أعرف منهم كثيرين، وأدرك أنهم ليسوا بهذا التدني، حتى لو جنحت فئة منهم إلى التعالي والتجبر على خلق الله.
كما أزعجني سخريته من البسطاء الذين تغريهم حياة الطبقة المخملية، فيقصدون تلك القرى الفارهة في الساحل الشمالي، لقضاء يوم أو أكثر في مجمع جميل وفخم ببلادهم، فلعل من بينهم الأفضل أخلاقاً وتربية من كل ملاك هذه المجمعات!
لقد تحدث رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار عن هذه الظاهرة ضمنياً خلال فعالية أقيمت في كومباوند مراسي الشهير بالساحل الشمالي المطورة من قبل شركة "إعمار" التي يملكها، وكيف تحولت عملية الدخول والخروج إلى كابوس بسبب التشدد في مسح رمز الدخول "كيو آر كود" وقال بكل أدب إن مراسي يجتذب زوار أكثر من جزيرة إبيزا الشهيرة باسبانيا وجزيرة ميكونوس الأشهر في اليونان، ومن الطبيعي في ظل هذا الزحام أن يتم التدقيق، لكنه أوضح بكل أدب أن الشركة سوف تراجع سياساتها حتى لا يشعر الناس بالضيق أو يعانون من التضييق!
بشكل عام، أريد أن أكون موضوعياً في هذه النقطة تحديداً، ففي كل بلاد العالم هناك مقاصد تناسب الأثرياء دون غيرهم، بل أن بعضها لا يناسب إلا كريمة هذه الطبقة، وهناك مقاصد تناسب الفئات الأقل دخلاً، فلا داعي أن نحرج أنفسنا، ونتمسح بما لا ننتمي إليهم!
أنا شخصياً لست من هواة الساحل الشمالي، وبغض النظر عما إذا كنت قادراً على امتلاك فيلا في أفخم هذه القرى من عدمه، فأنا أمقت العنصرية والطبقية، وأعوذ بالله من التعالي على غيري بما أملك، فالرزق من الله، لذا لا أحب التواجد في مكان يتكبر فيها الناس على غيرهم لأنهم ملاك وليسوا مستأجرين، أو بأنواع السيارات التي يملكونها، والملابس التي يرتدونها!
كفاكم سخافة وغروراً وعنصرية وطبقية، وراعوا مشاعر أسر تكافح حتى لا ينام أطفالها جياعاً، واستمتعوا بساحلكم وفيلاتكم وسياراتكم في صمت وأدب، فالجميع قد يدفع فاتورة الحقد الطبقي إذا لم تسيطر الدولة على صانعي هذا المحتوي البغيض، وأولهم حشمت بيه!

الأكثر قراءة
-
التعليم العالي تعلن الحدود الدنيا للشعبة الأدبية (نظام حديث)
-
تنسيق كلية حقوق 2025 علمي وأدبي.. القائمة الكاملة للجامعات
-
متى تنكسر الموجة الحارة؟.. حالة الجو الأيام المقبلة
-
حشمت في الساحل الشرير!
-
120 دقيقة بالطوارئ.. جولة داخل قصر العيني للبحث عن سبب وفاة سلمى حبيش (خاص)
-
حارب الفقر وآمن بالعدالة.. علي المصيلحي الأب الروحي لـ"تكافل وكرامة"
-
بالمستندات.. زيزو يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد الزمالك وجماهيره
-
تجديد حبس سيدة أنهت حياة زوجها بمساعدة 4 من أبنائها في سوهاج

مقالات ذات صلة
حظر الرقص في انتخابات مجلس النواب!
06 أغسطس 2025 05:58 م
من الرئيس إلى شعبه.. لماذا يهاجمون مصر؟!
28 يوليو 2025 09:13 م
لماذا دبي؟
25 يوليو 2025 06:07 م
الحكمة تنتصر على البلطجة
17 يوليو 2025 03:52 م
أكثر الكلمات انتشاراً