الأحد، 24 أغسطس 2025

08:53 م

"هانجر جيمز".. أداة إسرائيل لإبادة أهل غزة

أزمة غذائية في غزة (رويترز)

أزمة غذائية في غزة (رويترز)

بينما تقف مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية بلا حراك عند حدود قطاع غزة، يعيش السكان داخل القطاع، كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ تشهد المنطقة، مجاعة حادة باتت تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين.

كيف وصل الوضع إلى هذه المرحلة؟

يُعد "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)"، المدعوم من الأمم المتحدة، المرجع العالمي الأبرز لمراقبة أوضاع الجوع، وقد شكّل تقييمه الأخير صدمة دولية، بعدما كشف أن نصف مليون شخص، أي ما يعادل ربع سكان غزة، يعانون من المجاعة.

التقرير أكد أن هذه الأزمة "من صنع الإنسان بالكامل"، فيما تتهم منظمات الإغاثة إسرائيل بممارسة "عرقلة ممنهجة" لدخول الغذاء إلى القطاع، وبحسب التقرير، فإن سكان مدينة غزة يعيشون ظروف مجاعة واضحة تتمثل في "الجوع والفقر والموت"، مع توقعات بانتشار المجاعة إلى معظم أنحاء القطاع بحلول سبتمبر المقبل، إذا استمرت الأوضاع الحالية.

طبيب يفحص جنى عياد، وهي فتاة فلسطينية تعاني من سوء التغذية، أثناء تلقيها العلاج في مستشفى ميداني تابع لهيئة الخدمات الطبية الدولية، وسط الصراع بين إسرائيل وحماس (رويترز)

مؤشرات الكارثة الإنسانية

استند التقرير، إلى ثلاثة مؤشرات رئيسية لتأكيد حدوث المجاعة:

  • الجوع: أسرة واحدة من كل خمس أسر تعاني من نقص حاد في الغذاء.
  • سوء التغذية: طفل واحد على الأقل من كل ثلاثة أطفال يعاني من سوء تغذية حاد.
  • الوفيات: ما لا يقل عن شخصين من كل 10 آلاف يموتون يوميًا بسبب الجوع أو مزيج من سوء التغذية والمرض.

ويؤكد التصنيف أنه عند تحقق اثنتين من هذه المؤشرات الثلاث، يتم إعلان وقوع المجاعة، وعلى الرغم من غياب بيانات دقيقة حول الوفيات بسبب تعطل أنظمة الرصد، فإن الخبراء يؤكدون أن عتبة الوفيات المرتبطة بالمجاعة قد تحققت بالفعل.

حالات وفاة بسبب سوء التغذية

التقرير الأممي نُشر بالتزامن مع إعلان وزارة الصحة في غزة، التي تديرها حماس، تسجيل حالتي وفاة جديدتين جراء سوء التغذية، ليرتفع إجمالي الوفيات إلى 273 شخصًا، بينهم 112 طفلًا.

فاطمة حجازي تحمل جثمان طفلها مصطفى حجازي، البالغ من العمر عشر سنوات، والذي توفي نتيجة سوء التغذية ونقص الأدوية في دير البلح، غزة. (npr)

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نفى مرارًا وجود مجاعة في غزة، محملًا وكالات الإغاثة وحماس مسؤولية الأزمة.

إسرائيل بدورها تتهم الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بعدم توزيع المساعدات الموجودة عند حدود القطاع، لافتة إلى وجود مئات الشاحنات المتوقفة هناك.

حصار وتشديد القيود

منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، فرضت إسرائيل، قيودًا مشددة على دخول البضائع إلى غزة، لكن الوضع تدهور بشكل حاد منذ مارس 2025، عندما فرضت إسرائيل حصاراً كاملاً لثلاثة أشهر متتالية، قبل أن تسمح بدخول كميات محدودة من المساعدات في أواخر مايو، تحت ضغط دولي كبير، وفقًا لشبكة “بي بي سي”. 

وابتكرت إسرائيل، نظام توزيع جديد تديره منظمة أمريكية مثيرة للجدل تُعرف باسم "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF)، لتحل محل آلية التوزيع السابقة التي كانت بإشراف الأمم المتحد.

وبدلاً من 400 نقطة توزيع ضمن النظام الأممي، اقتصر توزيع الطعام حاليًا على أربعة مواقع فقط تقع في مناطق عسكرية، ما يجبر الفلسطينيين على قطع مسافات طويلة تحت تهديد الخطر.

هذا الوضع حوّل البحث عن الطعام إلى مغامرة قاتلة، إذ تشير الأمم المتحدة إلى استشهاد 994 فلسطينيًا في محيط مواقع المؤسسة منذ أواخر مايو، ضمن 1.760 شهيدًا سقطوا أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات، معظمهم برصاص إسرائيلي، بحسب شهادات ومصادر طبية.

ضغوط دولية وإجراءات إسرائيلية محدودة

مع تصاعد الضغوط الدولية، بدأت إسرائيل في يوليو، بالسماح بمرور المزيد من قوافل المساعدات يوميًا، وتطبيق "وقفات تكتيكية" في القتال، لكن هذه الإجراءات لم تكن كافية، إذ لا يزال متوسط دخول الشاحنات أقل من نصف العدد المطلوب وهو 600 شاحنة يوميًا، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

كما لجأت إسرائيل، إلى إسقاط المساعدات جوًا، في خطوة اعتبرتها المنظمات الإنسانية غير فعالة وخطيرة، وتواصل إسرائيل، اتهام حماس بالمسؤولية عن الأزمة، رغم نفي تقارير دولية، وجود أدلة على تحويل منهجي للمساعدات من قبل الحركة.

إسقاط المساعدات جوًا

ردود الفعل 

رفضت إسرائيل، تقرير التصنيف المتكامل، واعتبرته "مفبركًا ومتحيزًا"، متهمة القائمين عليه بتغيير المعايير العالمية لقياس الجوع. بالمقابل، ردّ التقرير، مؤكدًا التزامه بالمعايير المعتمدة سابقًا، بحسب الشبكة. 

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، شدد على أن إسرائيل تتحمل التزامات واضحة بموجب القانون الدولي لضمان وصول الإمدادات الغذائية والطبية للسكان، محذرًا من استمرار الوضع "دون محاسبة".

بدوره، وصف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، ما يحدث بأنه "فضيحة أخلاقية"، فيما اعتبر المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن "استخدام التجويع كسلاح حرب جريمة حرب قد ترقى إلى القتل العمد".

اجتياح مدينة غزة

بالتوازي مع هذه الأزمة، تستعد إسرائيل لاجتياح مدينة غزة، التي أعلن فيها التصنيف الأممي حالة المجاعة، بعدما سمحت باستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط. 

ستؤدي هذه الخطوة إلى تهجير نحو مليون فلسطيني، بحسب التقديرات، ما دفع وكالات أممية إلى التحذير من "عواقب مدمرة" على المدنيين، خاصة الأطفال والمرضى وكبار السن.

search