محمد الشيخ "قاهر" الزمالك| من أحلام العشرينيات الضائعة إلى كسر قوس الأبيض

محمد الشيخ
محمود موسى
من لاعب اضطر لترك الملاعب بسبب إصابة مبكرة، إلى مدرب شاب بعمر 32 عاما فقط يقود فريق طموح في الدوري الممتاز ويمنح الفرص للاعبي قطاع الناشئين، إلى تحقيق فوز تاريخي على الزمالك، ليكون أول انتصار في تاريخ الفريق الدجلاوي على الأبيض.
رسم محمد الشيخ قصة نجاح استثنائية في الدوري المصري تجمع بين الإصرار والموهبة والقدرة على مواجهة الصعوبات، ليصبح مدربا شابا بحق، وليس مدربا شابا عمره 50 عاما.
محمد الشيخ سلك طريقًا غير تقليدي، بدأه من العمل الإداري والحكم، ثم تدريجًا في قطاع الناشئين، ليصل إلى قيادة فريق وادي دجلة في سن الحادية والثلاثين، ويصبح أصغر مدرب يقود فريقًا في دوري الدرجة الثانية، قبل أن يقوده إلى الصعود إلى الدوري الممتاز، محققًا إنجازًا رائعا، زينه بالفوز الأول على نادي الزمالك في دوري "نايل".
ويستعرض “تليجراف مصر” الرحلة الفريدة لـ محمد الشيخ، التي شهدت تحوله من لاعب معتزل في سن صغيرة إلى مدرب شاب ملهم، قهر الزمالك وتعادل مع بيراميدز، ويرسم طريقه الخاص في كرة القدم المصرية كالتالي:
يعد محمد عبدالله حسين "محمد الشيخ" من مواليد 9 أغسطس 1993، وبدأ مسيرته الكروية كلاعب في مركز شباب الساحل، وشباب بيجام ونادالبلاستيك، قبل أن يتوقف عن اللعب بعمر العشرين بسبب إصابة بقطع في الرباط الصليبي.
حلم ضائع
"لم أشعر بالغضب تجاه مسيرتي الكروية السابقة، ما أحزنني وقتها كان الإصابة التي تعرضت لها، إذ لم أكن أفهم طبيعتها، لكنها كانت تجربة صعبة أثرت علي نفسيًا، الأمور كانت دائمًا بفضل توفيق الله، فقد كنت أتابع خطواتي التالية فورًا دون الانشغال بالحزن"، مؤكدًا أهمية تجاوز المحن والتركيز على الخطوة التالية" محمد الشيخ.

بعد الإصابة، فكر محمد الشيخ في العمل التدريبي، وبالفعل حصل على عددا من الكورسات التدريبية، وعين إداريًا ثم مديرًا إداريًا بنادي النجوم، قبل أن يتجه للتدريب ويتدرج في قطاع الناشئين بالنادي حتى تولى المهمة الفنية الفريق الأول، في الوقت الذي كان يمارس فيه عمله كحكم درجة ثانية.
بدأ الشيخ مسيرته التدريبية في نادي مسار لمدة 3 سنوات، ثم تولى تدريب صول ثم نادي رع، كما كان يعمل كمدرب شخصي لبعض اللاعبين، وأُتيح له العمل في إسبانيا لمدة 10 أشهر، لكنه رفض العرض في الوقت الذي كان يخطط فيه للحصول على رخصة تدريب "Uefa License".

ووصف الشيخ أن الأمر بدا وقتها كخسارة كبيرة، لكن الله فتح له بابًا آخر بالانضمام لنادي وادي دجلة كمدرب مساعد، ليبدأ من الصفر.
والتحق الشيخ بوادي دجلة في سن الثامنة والعشرين كمدرب مساعد في الفريق الرديف، وبعد عام واحد قاد فريق مواليد 2005 في بطولة دولية أُقيمت في مصر، ونجح في الوصول بالفريق إلى نصف النهائي.
ومع نهاية الموسم، جاءت الفرصة الأهم بتعيينه مديرًا فنيًا للفريق الأول، ليصبح أصغر مدرب يقود فريقًا في دوري الدرجة الثانية.
رهان كبير
تولي منصب المدير الفني في سن الحادية والثلاثين أثار جدلا كبيرًا في النادي، فالبعض اعتبرها مجازفة غير محسوبة أو نوعًا من الاستسهال من جانب إدارة النادي، ورأت الأغلبية أن المدرب لم يملك أي تجربة سابقة مشابهة، وأن سنه الصغيرة لا تمنحه شرعية قيادة فريق بحجم وادي دجلة.
وجاءت الخطوة مفاجئة للمدرب نفسه، إذ وجد الشيخ نفسه فجأة على رأس الجهاز الفني للفريق الأول لوادي دجلة، رغم أنه لم يملك خبرات كبيرة كمدرب.
ويقول محمد الشيخ عن توليه تدريب دجلة “كان رهانًا كبيرًا، فمعظم الناس لم تكن تصدق أو تؤمن بي، لكن إدارة وادي دجلة آمنت بي ومنحتني الدعم الكامل طوال الموسم، حتى في أصعب اللحظات ونتائج الفريق السيئة”.
“اعتبرتها مرحلة طبيعية من التشكيك لا بد من تجاوزها، وكان الحل الوحيد لإقناع الآخرين إثبات نفسي للجميع”.
ورغم كل ما واجهه من ضغط، فإن إدارة وادي دجلة أظهرت دعمًا غير مألوف، ففي لحظات النتائج السلبية لم تلجأ للتغييرات المعتادة، بل منحت مدربها الشاب دفعة معنوية كبيرة وثقة.
تأثير “رايموند”
خلال فترة البداية مع دجلة، واجه الفريق سلسلة من النتائج غير الجيدة، وحصل على نقطتين فقط خلال 4 مباريات، لكنه تلقى دعمًا كبيرًا من إدارة النادي، إذ أرسل له مستر ماجد رسالة أكد فيها إيمانه بقدراته، واصفًا الفريق بأنه الأفضل في الدوري، مشجعًا إياه على الاستمرار ومتابعة الأداء.
وقال ماجد سامي في رسالة له “أنا واثق فيك، وفي المباريات الثمانية المقبلة ستحقق 24 نقطة”.
وبعد كل مباراة، كان محمد الشيخ يرسل له رسالة بعد كل مباراة، 1 من 8، 2 من 8، وعندما حقق الفوز في 5 مباريات متتالية وتعادل في السادسة، تلقى رسالة تقول: “أنت أول مدرب في تاريخ النادي يحقق 5 انتصارات متتالية”.
وعن صغر سنه بالنسبة لمهمة التدريب، قال الشيخ عبر موقع النادي “رغم صغر سني، وجدت بعض اللاعبين وأعضاء الجهاز الفني أكبر مني، لكنني تعاملت مع الأمر بمنهجية قائمة على الاحترام والديمقراطية والمشاركة”.
“كنت أُناقش كل التفاصيل معهم واستعين بآرائهم، ولا أتخذ أي قرار فردي ما لم أقتنع به بعد التشاور، القرارات الجماعية سواء نجحت أو فشلت، لم تُشكّل أي أزمة”
كما جلبت إدارة النادي كوادر قوية للعمل معه، على رأسهم مصطفى شبيطة، الذي وصفه بالمحترم على كافة المستويات وذو خبرة كبيرة كلاعب وكمدرب رغم صغر سنه في التدريب.

كما ساعده أنظمة وادي دجلة المتشابهة بين الفرق، بالإضافة إلى حضوره دورة تدريبية مع المدرب الهولندي رايموند، المحاضر الدولي، حيث اعتبر الفترة التي قضاها معه من أفضل 5 أيام عاشها في كرة القدم.
وأكد أن هذه التجربة لم تعلمه فقط أساليب التدريب، بل علمته الالتزام والانضباط، وجعلته يحافظ على الحضور المبكر قبل الميعاد بـ3 ساعات.
صعوبة دوري المحترفين
وقال الشيخ عن نجاحه في الصعود إلى الدوري الممتاز عبر موقع ناديه “دوري المحترفين كان صعبًا وطويلًا، مع منافسة شديدة، معتبرًا أن التحدي في هذا الدوري أصعب من الدوري الممتاز من حيث عدد الفرق الطموحة والمنافسة الشرسة على المراكز المتقدمة”.
"رحلة الفريق نحو الصعود بدأت منذ شهر يوليو، وأن العمل على مدار 11 شهرًا كان مجهدًا للغاية، نظرًا للحاجة إلى استمرارية كبيرة للحفاظ على النتائج الإيجابية.
“الفريق حافظ على المركز الأول لمدة 25 أسبوعًا من أصل 36 أسبوعًا، ولم يتراجع عن مراكز الصعود، مسجلًا أقوى خط دفاع في الدوري بواقع 12 هدفًا فقط دخلت مرماه”.
وأشار إلى صعوبة تطبيق أفكاره على أرض الواقع، موضحًا أن اللاعبين في البداية كانوا متشككين بسبب صغر سنه وقلة خبرته، ولكنه استوعب ذلك وتفهم الموقف، وركز في البداية على إقناعهم بقدرته على إدارة الفريق وتحقيق النتائج.
وأضاف أن الأفكار والتكتيكات تغيرت وتطورت على مدار الموسم، مع ضرورة المرونة حسب المنافس وإمكانات اللاعبين، موضحًا أنه استخدم 27 إلى 28 لاعبًا من إجمالي 35 لاعبًا في الموسم، مع تطبيق سياسة التناوب لإبقاء الجميع على أهبة الاستعداد.

“هدفي دائمًا كان منح لاعبي قطاع الناشئين في وادي دجلة فرصة حقيقية للظهور في الفريق الأول، في مصر عامة، الناس تعتبر خطوة الصعود للفريق الأول صعبة جدًا، ومعظم الأندية تلجأ لشراء لاعبين من الخارج”.
”في الموسم الحالي، ضم الفريق الأول 27 لاعبًا من قطاع الناشئين، مع تثبيت 4 منهم في كل تدريبات الفريق الأول. هؤلاء اللاعبون يخضعون لنفس برنامج التدريبات الذي يخضع له اللاعبون الكبار دون أي تمييز".
“دوري كمدرب يشمل تقديم الدعم المستمر للناشئين ومنحهم فرصًا متعددة لتطوير أنفسهم، مع مراعاة عدم لومهم عند الفشل، بل تشجيعهم على المحاولة مجددًا حتى يصلوا إلى المستوى المطلوب”
"إدارة النادي تعمل على جمع أفضل اللاعبين المميزين في قطاع الناشئين في فريق الأمل، ومنحهم تدريبات مركزة ومتوازنة، بحيث يتم تجهيزهم للفريق الأول بشكل صحيح".
قاهر الزمالك
بعد صعود دجلة إلى الممتاز، فاجأ الفريق الجميع وتعادل سلبيا في أولى مبارياته بالدوري أمام بيراميدز بطل أفريقيا.
واعتبرها البعض بداية غير موفقة للفريق السماوي بسبب عدم جاهزية اللاعبين في بداية الموسم الجديد، ومازاد هذه الفرضية خسارة الفريق أمام إنبي وبتروجت على الترتيب، بنتيجة واحدة (1-0).
وحقق دجلة أول انتصاراته على نادي زد بهدف دون رد في الجولة الثالثة، قبل أن يحقق المفاجأة الكبرى بالفوز على الزمالك 2-1 ليقدم مباراة رائعة، انتزع بها محمد الشيخ إشادات الإعلام والجمهور.

وقال الشيخ في تصريحات مع كريم رمزي لبرنامج "لعبة والتانية" بعد الانتصار على الزمالك: “جمهور الزمالك كان “مرعب” بالنسبة لي وأيضا للاعبي الفريق”.
وأضاف "هذه أول مباراة في حياتي ألعب أمام جمهور مثل جمهور الزمالك، وكنت أحاول كسر الرهبة التي شعرت بها لاعبو وادي دجلة من جمهور الزمالك".
وتابع “كنت مصمم على منح لاعبي دجلة الثقة منذ بداية اللقاء، وحزنت من نفسي بسبب ضغطي المبالغ على لاعبي الفريق، وقلقت عليهم بعد الهدف الأول للزمالك ولكن أبهروني بالأداء الكبير لهم طوال المباراة”.
وأتم “لدينا هوية ثابتة في وادي دجلة نحاول الحفاظ عليها بصرف النظر عن نتيجة اللقاء، وبين الشوطين عرضنا فيديو لبعض الأخطاء التي ارتكبها الفريق خلال الشوط الأول بالإضافة إلى بعض المميزات”.

الأكثر قراءة
-
"هددونا وعرضوا علينا فلوس".. والد ضحية حادث الواحات يكشف تفاصيل جديدة
-
تحرك حكومي لمساعدة الطفل علي "عبقري الرياضيات"
-
مع بدء تنفيذ قانون الإيجار القديم.. ماذا طلب الملاك من المستأجرين؟
-
المرشدون السياحيون يطالبون بإعادة فتح كافيتيريا وادي الملوك
-
التقديم في جامعة شرق العاصمة 2025.. كل ما تريد معرفته
-
"لا لصندوق النقد والاقتصاد محلك سر".. هل محمود محيي الدين محق في نصيحته؟
-
خطأ طبي ينهي حياة أم لطفلين داخل مستشفى خاص بالدقي
-
بدء تطبيقه رسميًا.. 10 حقوق يضمنها لك قانون العمل الجديد

أخبار ذات صلة
زلزال شرق أفغانستان.. خسائر بشرية هائلة ودمار واسع للقرى الجبلية
01 سبتمبر 2025 07:38 م
بدء تطبيقه رسميًا.. 10 حقوق يضمنها لك قانون العمل الجديد
01 سبتمبر 2025 10:53 ص
تفاوت أجور وزيادات متوقفة.. هل أصبح الأثريون كبش فداء لـ"السياحة" بعد الدمج؟
31 أغسطس 2025 05:42 م
متى يبدأ الملاك تحصيل أول قيمة للإيجار القديم بعد الزيادة الجديدة؟
30 أغسطس 2025 11:17 ص
أكثر الكلمات انتشاراً