"البالون دور" تدور بشروطها.. لحظة إجبارية لإنصاف صلاح ورفاقه الأفارقة

محمد صلاح وأشرف حكيمي وعثمان ديمبلي
تثير جائزة الكرة الذهبية منذ تأسيسها جدلًا متجددًا كل عام، ليس فقط حول هوية الفائز، بل أيضًا حول معايير الاختيار التي كثيرًا ما عكست نفوذ الإعلام الأوروبي وتحيزاته التاريخية، بحسب محللين رياضيين.
وحُرم أساطير كبار مثل بيليه ومارادونا من التتويج، لا لقصور في الموهبة أو الإنجاز، بل لأن الجائزة كانت حتى منتصف التسعينيات حكرًا على اللاعبين الأوروبيين.
ومع توسيع المعايير لاحقًا، دخل لاعبو أفريقيا والمنحدرون من أصول أفريقية دائرة المنافسة، لكن تمثيلهم ظل محدودًا، رغم التأثير الكبير الذي صنعوه في تاريخ اللعبة.
ويتجدد النقاش حول العدالة في توزيع هذه الجائزة الأهم في كرة القدم، وما إذا كانت الأرقام الفردية والإنجازات الجماعية تُقيَّم بمعايير واحدة للجميع؟
أفضل لاعب في أوروبا فقط
تأسست جائزة الكرة الذهبية في الأصل من قبل مجلة فرانس فوتبول الفرنسية، وكان يتم اختيار الفائز من قبل لجنة دولية من الصحفيين من أفضل 100 دولة مصنفة من قبل “فيفا”.
حتى عام 1995، كانت الجائزة مقتصرة على اللاعبين الأوروبيين، إذ كانت تُعرف في البداية بجائزة “أفضل لاعب كرة قدم في أوروبا فقط”.
ومنحت أول جائزة كرة ذهبية للاعب البريطاني ستانلي ماثيوز عام 1956، وكان هذا انعكاسًا لنظرة ضيقة للإعلام الأوروبي.
ولم يفز بيليه ومارادونا بالكرة الذهبية، وهما أحد أفضل لاعبي التاريخ، وفي عام 1995، وسّعت مجلة فرانس فوتبول المعايير لتشمل اللاعبين من جميع أنحاء العالم، شريطة أن يكونوا قد لعبوا لأندية أوروبية.

في عام 1958، كان بيليه أفضل لاعب في العالم، وفاز بالمونديال مع البرازيل، لكنه كان يلعب لسانتوس البرازيلي، ولم يكن أوروبيًا، ليفوز الفرنسي ريموند كوبا بالجائزة.
وتأهل إلى القائمة المختصرة لاعبان أرجنتينيان من أصل أوروبي، ألفريدو دي ستيفانو وعمر سيفوري، إذ كانا يلعبان مع إسبانيا وإيطاليا.
موزمبيقي
يعد أوزيبيو، أسطورة بنفيكا أول لاعب من أصل أفريقي يتنافس على جائزة الكرة الذهبية، وولد في موزمبيق المستعمرة حينها، وكان يحمل الجنسية البرتغالية، وحلّ ثانيًا عام 1962 خلف ماسوبوست من تشيكوسلوفاكيا.
فاز النجم البرتغالي بالجائزة لاحقا عام 1965، وحل ثانيًا عام 1966 خلف اللاعب الإنجليزي بوبي تشارلتون، بينما جاء الألماني فرانز بيكنباور ثالثًا.

كان اللاعب الأفريقي التالي الذي وصل إلى المراكز الثلاثة الأولى عام 1984، إذ حل اللاعب الفرنسي جان تيجانا خلف زميله ميشيل بلاتيني.
ووُلد تيجانا في باماكو لأب مالي وأم فرنسية، في عام ١٩٨٤، وفي ذلك العام حصل على جائزة أفضل لاعب فرنسي، وفاز مع الديوك أيضًا ببطولة أوروبا عام ١٩٨٤.
وكان دييجو مارادونا أفضل لاعب في العالم بين عامي 1986 و1990 حسب الكثيرين، لكنه لم يتأهل للجائزة لأنه لم يكن أوروبيًا.
أفارقة هولندا
في عام 1987، فاز الهولندي رود خوليت، إذ يعد من أصل سورينامي، وأهدى خوليت الجائزة إلى نيلسون مانديلا، الذي كان لا يزال مسجونًا في جنوب إفريقيا.
في ذلك الوقت، كان خوليت يُعتبر ثاني أفضل لاعب بعد مارادونا. حلّ البرتغالي باولو فوتري ثانيًا، والإسباني إميليو بوتراجينيو ثالثًا.
في عام ١٩٨٨، احتل خوليت المركز الثاني خلف زميله في المنتخب الهولندي، ماركو فان باستن، كما احتل لاعب آخر من أصل أفريقي، فرانك ريكارد (والده أيضًا من سورينام)، المركز الثالث.
كان اللاعبون زملاءً في فريق ميلان الإيطالي، وقادوا هولندا للفوز ببطولة يورو 1988.

في عام 1989، احتل ريكارد المركز الثالث في تصويت الكرة الذهبية، خلف فان باستن والإيطالي فرانكو باريزي. كان باريزي يلعب أيضًا مع ميلان في ذلك الوقت.
الرئيس الليبيري
وشهد عام 1995 نقطة تحول مهمة عندما فُتح باب الترشح لجائزة الكرة الذهبية للاعبين غير الأوروبيين، وأصبح الليبيري جورج وياه الذي تولى رئاسة بلاده فيما بعد، أول لاعب أفريقي يفوز بالكرة الذهبية، متغلبًا على الألماني يورغن كلينسمان والفنلندي ياري ليتمانن.
ولا يزال ويا حتى الآن اللاعب الأول والأخير والوحيد من القارة الأفريقية، وانتقل المهاجم الليبيري من وطنه ليوقع مع موناكو عام 1988 تحت قيادة أرسين فينجر.
اعترف مدرب أرسنال السابق في سيرته الذاتية: "في أول حصة تدريبية له، ترك انطباعًا سيئًا".
وأضاف: "جورج عمل بجدٍّ لا يُصدق. التدريب يُنمّي الشخصية، ومعه شعرتُ بذلك فورًا". "لقد أصبح نجمًا حقيقيًا، وواحدًا من أفضل اللاعبين في العالم".
بعد تألقه مع مع موناكو، انتقل إلى باريس سان جيرمان، الذي ساهم في فوزه بلقب الدوري الفرنسي وكأسين خلال ثلاثة مواسم، قبل أن يلفت أنظار ميلان، ويحصل على “البالون دور”.
إلى جانب جائزة الكرة الذهبية، حقق وياه ثلاثية فريدة من نوعها بفوزه بجائزة أفضل لاعب في العالم من الفيفا وجائزة أفضل لاعب أفريقي.
كان فوز وياه مهمًا في تغيير مجرى الأمور وتغيير النظرة إلى لاعبي كرة القدم الأفارقة في أوروبا، سمح نجاحه لزيادة الثقة في اللاعبين من القارة السمراء، وأدى إلى موجة من التعاقدات من أفريقيا.

قال لصحيفة الجارديان عام 2000: "لقد جعلنا كرة القدم الأفريقية تحظى بالاحترام، لدينا الموهبة، والأمر يتعلق فقط بتوفير الإمكانات، وأريد أن أبقى في دائرة الضوء بعد مسيرتي لمساعدة الآخرين على التقدم".
في عام 1996، احتل الظاهر رونالدو المعروف بـ"الأفروبرازيلي" المركز الثاني خلف الألماني ماتياس تسامر، ومتقدمًا على اللاعب الإنجليزي آلان شيرر.
وحصل رونالدو على جائزة الكرة الذهبية في عام 1997، متفوقًا على بيدجا مياتوفيتش وزين الدين زيدان الفرنسي من أصل جزائري.
أصول أفريقية
في عام 1998، فاز زيدان بكأس العالم ثم جائزة الكرة الذهبية، متفوقًا على الكرواتي دافور سوكر ورونالدو.
وفاز ريفالدو عام 1999، وحلّ زيدان ثانيًا عام 2000 خلف البرتغالي لويس فيجو، وفي عام 2002، كان رونالدو بكأس العالم مع البرازيل كما فاز بجائزة الكرة الذهبية، بينما حلّ روبرتو كارلوس ثانيًا.
في عام 2003، حلّ تييري هنري، الذي هاجرت عائلته من منطقة البحر الكاريبي (والده من جوادلوب ووالدته من مارتينيك) إلى فرنسا، ثانيًا خلف التشيكي بافل نيدفيد ومتقدمًا على الإيطالي با
وبالانتقال إلى عام 2018، اعتُبر النجم مصري محمد صلاح من أبرز المتنافسين، لكنه لم يكن ضمن الثلاثة الأوائل، وفاز الكرواتي لوكا مودريتش، بينما جاء كريستيانو ثانيًا، وأنطوان جريزمان ثالثًا.

في العام التالي، وتحديدًا في عام 2019، وحلّ اللاعب الهولندي من أصل أفريقي فيرجيل فان دايك (والدته من سورينام) ثانيًا خلف ميسي ومتقدمًا على كريستيانو رونالدو.
وفي عام 2022، تحقق بعض العدل عندما فاز بنزيمة الذي لم يكن محبوبًا جدًا من وسائل الإعلام الفرنسية آنذاك بجائزة الكرة الذهبية، بينما حلّ السنغالي ساديو ماني ثانيًا، ولم يكن هناك مكان لمحمد صلاح أو كيليان مبابي رغم تألقهم.
وفي عام 2024، كان من المفترض أن يفوز فينيسيوس بالجائزة بحسب الكثيرين لكن الجائزة ذهبت إلى رودري نجم إسبانيا.
أشرف وصلاح وعثمان
فاز ليونيل ميسي بالكرة الذهبية لعام 2010 على حساب الهولندي شنايدر الذي حقق الثلاثية مع إنتر ميلان ووصل إلى نهائي كأس العالم مع هولندا، كما تفوق على النجم الإسباني إنييستا المتوج بكأس العالم مع “لا روخا”.
كما فاز البرغوث الأرجنتيني بالجائزة عام 2012، واعتبر السويدي زلاتان ابراهيموفيتش، أن النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي لا يستحق الفوز، رغم أنه سجل 90 هدفا ذلك العام ليحقق رقم تاريخي واستثنائي لن يتكرر.
وقال المهاجم السويدي في مقابلة صحفية إن ميسي" قدم موسما رائعا لكنه لم يفز بألقاب كثيرة"، وأضاف "الأمر يعتمد على نظرتك للأمور وما إذا كنت تمنح الجائزة بناء على العمل الفردي أو المجهود الجماعي".
وبالمقارنة مع فوز ميسي في عام 2012، نجد أن النجم المصري محمد صلاح حقق أرقاما استثنائية الموسم الماضي، بعدما نجح في قيادة ليفربول إلى معانقة لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، ليمنح النادي تتويجه العشرين في تاريخ البطولة، ويتساوي مع مانشستر يونايتد.
فعلى الصعيد الفردي، كتب صلاح التاريخ بحصوله على جائزة الحذاء الذهبي كأفضل هداف للبريميرليج برصيد 29 هدفا، للمرة الرابعة في مسيرته.
ولم يقتصر تألقه على التسجيل فحسب، بل كان أيضًا الأكثر صناعة للأهداف برصيد 18 تمريرة حاسمة، ليظفر بهذه الجائزة للمرة الثانية في مسيرته.
ورغم الجدل حول عدم فوزه بلقب كبير مع منتخب مصر أو التتويج بدوري أبطال أوروبا مع الريدز، وبين إنجازات الفردية في الموسم الأخير، حيث أن الجائزة تُحسم دائمًا بالنظر إلى الألقاب الجماعية في المقام الأول،
وقدم صلاح موسمًا استثنائيًا على المستوى الفردي كما فعلها ميسي عام 2012، وحصد الجوائز الفردية الكبرى كهداف وأفضل صانع ألعاب، ما يجعله مرشحًا طبيعيًا للكرة الذهبية، لكن يظل السؤال مطروحًا: هل يفوز بالجائزة هذه المرة أم يظل بعيدًا عن التتويج رغم تفوقه بالأرقام الفردية؟
وتشير التقارير الإعلامية إلى أن نجم الفراعنة، سيحصل على المركز الثالث خلف عثمان ديمبلي وأشرف حكيمي ثنائي باريس سان جيرمان على التوالي.
ويبدو أن المراكز الثلاثة الأولى في سباق الكرة الذهبية سيكون أول مرة مكون من 3 أفارقة أحدهما (المالي الأصل عثمان ديمبلي) الذي يلعب لمنتخب فرنسا، ويمثل حدثًا تاريخيًا غير مسبوق، ويعكس تألق اللاعبين الأفارقة والمهاجرين من أصول أفريقية في كرة القدم العالمية.


الأكثر قراءة
-
أسوة بـ "الإجراءات الجنائية".. هل يعود قانون الإيجار القديم للبرلمان؟
-
30 سم في القلب.. حلاق ينهي حياة شاب بـ"مقص" في إمبابة
-
هل تزوجت سهير رمزي من سيد متولي طمعا في الملايين؟.. إجابة عمرها 38 عامًا
-
ضبط المتهم بتتبع فتاة وارتكاب أفعال خادشة للحياء بكفر الشيخ
-
شهيد لقمة العيش بأسيوط.. مصرع عامل بناء سقط من الطابق الثامن
-
موعد بدء صرف مرتبات سبتمبر 2025.. والأماكن المتاحة
-
مصرع سيدة في حادث سيارة بالفيوم
-
بعد اشتعال الأثاث.. السيطرة على حريق منزل في طامية بالفيوم

أخبار ذات صلة
“وشهد شاهد من أهلها”.. أسير إسرائيلي يفضح نتنياهو: يسعى للتخلص منا
22 سبتمبر 2025 06:54 م
مصر تلتقط "طفلي رشيد" من بين براثن العدوان.. رحلة نزوح إلى الحياة
22 سبتمبر 2025 03:50 م
"واقعية الرئيس" تربك الإجراءات الجنائية.. هل يحتاج إلى برلمان جديد لإقراره؟
22 سبتمبر 2025 03:50 م
صرخة على كوبري كربة عايد.. أرواح تسير فوق "شريان مبتور" (خاص)
22 سبتمبر 2025 01:32 م
أكثر الكلمات انتشاراً