الأربعاء، 24 سبتمبر 2025

04:10 م

"لدغة ترامب".. هل تقوض فاعلية الباراسيتامول داخل الأسواق؟

هجوم غير مسبوق من ترامب على الباراسيتامول

هجوم غير مسبوق من ترامب على الباراسيتامول

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلًا واسعًا بعد تصريحاته الأخيرة التي ربط فيها بين مسكن الألم الشهير "باراسيتامول" والمعروف في الولايات المتحدة بـ"تايلينول" والتوحد.

هذه التصريحات فجرت أزمة جديدة للعلامة التجارية المعروفة منذ عقود، ودفعت الأطباء والصيادلة إلى إصدار تحذيرات بشأن الاستخدام المفرط لهذا الدواء.

ترامب يربط باراسيتامول بالتوحد

في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، كرر ترامب أكثر من مرة دعوته للنساء الحوامل بعدم تناول "تايلينول"، كما حذر الأمهات من إعطائه للأطفال.

تصريحات غير مسبوقة وضعت واحدًا من أكثر مسكنات الألم شيوعًا في العالم تحت ضغط جديد، خاصة مع وجود دعاوى قضائية سابقة تتهم الدواء بالارتباط بالتوحد، وفقًا لوكالة "أسوشيتد برس".

تاريخ طويل من الأزمات والدعاوى القضائية

"تايلينول"، الذي يحتوي على المادة الفعالة "أسيتامينوفين" (المعروفة عربيًا باسم الباراسيتامول)، يستخدمه سنويًا أكثر من 100 مليون أمريكي.

ورغم شعبيته الكبيرة منذ الخمسينيات، فقد واجه المنتج في الثمانينيات أزمة التسمم بالسيانيد التي أجبرت الشركة على سحبه من الأسواق، إضافة إلى دعاوى قضائية حديثة تزعم وجود صلة بالتوحد.

تايلينول

موقف الشركة المصنعة

شركة "Kenvue Inc"، المصنعة لـ"تايلينول"، نفت بشدة تصريحات ترامب، وأكدت أن البيانات العلمية المستقلة والموثوقة، لا تُظهر أي علاقة مثبتة بين الأسيتامينوفين والتوحد، كما أشارت إلى أن العديد من الجمعيات الطبية العالمية دحضت هذا الادعاء.

ارتفاع أسهم الشركة بعد تصريحات ترامب

رغم التراجع بنحو 20% في قيمة أسهم "Kenvue" منذ بداية العام، فإن المحللين يرون أن قوة العلامة التجارية وولاء المستهلك قد يخففان من الأثر طويل المدى لهذه الأزمة، وارتفعت أسهم الشركة مجددًا بنسبة 3% بعد تصريحات ترامب، مع تراجع مخاوف المستثمرين من حظر محتمل للدواء.

تحذيرات جديدة من الصيادلة

وسط الجدل، أصدر كبار الصيادلة والأطباء تحذيرات من مخاطر الإفراط في تناول الباراسيتامول حتى بالجرعات "الآمنة"، مؤكدين أنه قد يسبب أضرارًا جسيمة للكبد والكلى والجهاز الهضمي إذا استُخدم بانتظام أو بجرعات زائدة، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

وقال الصيدلي التلفزيوني والرئيس السابق للجمعية الصيدلانية الملكية، ثورون جوفيند: "غالبًا ما يعتقد الناس أن الباراسيتامول غير ضار، لأنه من السهل جدًا الحصول عليه، لكن الواقع مختلف تمامًا".

وأضافت الرئيسة التنفيذية لجمعية الصيدليات المستقلة، الدكتورة ليلى هانبيك: "في حين أن الباراسيتامول يمكن أن يكون فعالًا وآمنًا عند تناوله بالجرعات الموصى بها وخلال الفترة الزمنية الموصى بها، إلا أنه يمكن أن يكون ضارًا جدًا وحتى قاتلًا إذا تم تجاوز ذلك بانتظام - حتى ببضع أقراص".

الاستخدام الآمن والجرعات الموصى بها

الجرعة القصوى الرسمية للباراسيتامول هي قرصان بتركيز 500 ملي جرام، حتى 4 مرات يوميًا، مع ضرورة الفصل بين الجرعات بما لا يقل عن 4 ساعات، وركزت التحذيرات على "الجرعة الزائدة المتداخلة"، حيث يتناول المريض كميات بسيطة فوق الحد الموصى به لأيام عدة، ما يؤدي إلى تراكم خطير في الكبد.

مخاطر خفية في أدوية شائعة

وحذر الخبراء من أن الباراسيتامول موجود في كثير من الأدوية الأخرى، مثل علاجات البرد والإنفلونزا، ما قد يؤدي إلى تجاوز الجرعة الموصى بها دون قصد.

ووفقًا للتقرير، تشير الدراسات إلى أن الباراسيتامول يعد السبب الأول لفشل الكبد الحاد في المملكة المتحدة.

بين الدراسات والحقائق العلمية

رغم وجود بعض الدراسات التي ألمحت إلى احتمال ارتباط استخدام الحوامل للباراسيتامول بزيادة معدلات التوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فإن الأدلة متضاربة وغير قاطعة، حيث أكد الخبراء أن الدواء يظل الخيار الأول للنساء الحوامل لعلاج الألم والحمى بجرعات محدودة وتحت إشراف الطبيب.

رد المجتمع العلمي

قوبلت تصريحات ترامب بانتقادات واسعة من الأطباء والعلماء حول العالم، الذين اعتبروها تصريحات مثيرة للذعر بلا سند علمي.

وأكدت وكالة تنظيم الأدوية البريطانية (MHRA) أنه "لا يوجد دليل على أن الباراسيتامول يسبب التوحد"، داعية إلى الالتزام بالجرعات الآمنة وعدم التوقف عن تناول الدواء إلا باستشارة الطبيب.

تاريخ متقلب للدواء

الباراسيتامول، الذي يعود اكتشافه إلى آواخر القرن التاسع عشر، ارتبط منذ ظهوره بمخاوف صحية تتعلق بالسمّية وتأثيره على الدم والكبد، ورغم ذلك، ظل لعقود الخيار الأكثر انتشارًا لتسكين الألم وخفض الحرارة حول العالم.

search