الإثنين، 06 أكتوبر 2025

09:48 م

انتصار أكتوبر المجيد بين كذب أدرعي وحماقة الشرع!

فيما نحتفل بانتصار أكتوبر العظيم، خرج كعادته هذا المهرج المدعو أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي قائلا إن الحرب بدأت بمفاجأة كبيرة، وانتهت بانتصار عسكري لإسرائيل!

أنا أتفهّم جيداً تكرار هذه المزاعم والادعاءات الإسرائيلية في كل ذكرى لانتصار أكتوبر المجيد، فلا يمكن أن يمحى من ذاكرتهم ساعات الرعب والفزع التي عاشوها، وتوسلاتهم إلى الأمريكيين حتى ينقذوهم صارخين بأن وجودهم مهدد في ظل الهيمنة المصرية والكفاءة الاستثنائية لأبطالنا في تلك الحرب العظيمة!
لم تكن حرب أكتوبر مجرد مواجهة عسكرية، بل ميدان لتجربة استراتيجيات حديثة، وصراع نفوذ بين قوى عظمى، وتحول في موازين القوى الإقليمية، وترجمة لعمل دؤوب عظيم استمر على مدار سنوات منذ نكسة 1967 حتى ثأرت مصر لنفسها من الغدر الإسرائيلي.

حرب أكتوبر بكل تحضيراتها وتفاصيلها ملحمة عظيمة ترسخ إيماننا بقدرة الشعب المصري على فعل المعجزات، والتغلب على أصعب التحديات، ومن الضروري أن يكون أبناؤنا على وعي تام بها، لأنها خير نموذج يمكن أن يسترشدوا به لما يمكن أن يقدموه لأنفسهم وبلادهم.

لم تكن حرب أكتوبر مجرد صدفة، بل ثمرة تراكم تحضيرات دقيقة، وقدرة عبقرية على إخفاء النوايا حتى اللحظة المناسبة، فقد غرقت إسرائيل في وهم أن المصريين لن يفعلوا أو يجرؤوا على اتخاذ خطوة عسكرية مماثلة، وأننا عاجزون عن تنفيذ هجوم واسع الناطق، ورسخت القيادة المصرية برئاسة خالد الذكر أنور السادات هذا الوهم لدى الإسرائيليين حتى تلقوا صدمة العمر.

لم يتخيل الإسرائيليون أن يفعلها المصريون صياماً، وفي يوم عيد اليهود، ما أضاف بعداً نفسياً مفاجئاً في المعركة، وكانت صدمتهم مضاعفة حين استطاع جنودنا البواسل اختراق خط بارليف الذي ظنوه حصيناً، وإسقاط الساتر الترابي بأذكى سلاح استخدم في حرب حديثة وهو "المياه".
لقد أثبتت هذه الحرب أن إسرائيل ليست منيعة، وأن قواتنا قادرة على أن تحدث تغييراً ميدانياً مشهوداً في ساحات القتال.
وفيما نحتفل بهذا النصر العظيم، هالني قرار حكومة أحمد الشرع بإلغاء الاحتفال باليوم الوطني لذكرى أكتوبر في سوريا، وكأن من بذلوا الدماء في هذه الحرب من أبطال هذه الدولة العظيمة استشهدوا هباء!
لا أدري لماذا يفعلون هذا، وما الداعي لمثل هذه القرارات الغبية، لماذا يهيلون التراب على تضحيات وإنجازات عظيمة، ويتعمدون فعل ذلك في وقت تتغول فيه إسرائيل وتتجرأ على بلادهم.

على أي حال، حرب أكتوبر ليست مجرد فصل من فصول الصراع العربي- الإسرائيلي، بل هي نقطة تحول درامية في الوعي العربي، وفي المعادلة العسكرية والدبلوماسية في الشرق الأوسط.
إنها قصة عظيمة تعكس كيف يمكن لقوة الإرادة والقيادة المدروسة أن تحوّل الواقع، وكيف أن الحرب لا تنتهي عند توقيع وقف إطلاق النار، بل تمتد آثارها إلى السنوات التالية، فتغير السياسات، وتحوّر المفاهيم، وتعيد تموضع القوى.

عند النظر اليوم إلى المشهد الإقليمي المعقّد، نرى أن بعض ملامح الصراع وأسس النفوذ لا تزال تذكرنا بحرب أكتوبر، وأن كثيرًا من الدروس التي خرجت منها لم تُنسَ بعد، وهي تستحق منّا أن نتعلّمها وأن نراعيها في قراءة الحاضر والتخطيط للمستقبل..
 

title

مقالات ذات صلة

search