
شائعات تشويه السُمعة
تنشط دائما الشائعات في أوقات الأزمات أو المواسم الثابتة وتنشط حتى بدون داعٍ إذا لزم الأمر، فلا تزال الحرب النفسية والشائعات أحد أهم الأنشطة السرطانية التي استخدمها قدماء المحاربين وكبار السياسين في القضاء على خصومهم من أفراد أو أمم، بتكلفة مالية أقل بكثير من الحروب التقليدية المسلحة، حتى في ظل الميزانيات المفتوحة التي ترصدها وسائل الإعلام وأجهزة المخابرات لا تزال هي الأقل تكلفة.
ولا يزال وقود هذه الحرب النفسية من بعض الأشخاص الانتهازيين وبعض الذين يعانون من آثار نفسية أو اجتماعية أو الذين لديهم الشغف والفضول ودعاة العلم والثقافة، وأخيراً من يطلقون على أنفسهم المحايدون وقت المعارك الأخلاقية.
علاوة على أن الشائعة تجد في المجتمعات المتغيرة التي تنتقل من مرحلة الركود إلى البناء أو مجتمعات ما بعد الحروب والثورات فرصة للانتشار، إذ يحكم تلك المجتمعات سيكولوجية القلق والتطلع والأمل، إضافة الى صراع المحصلة الثقافية الأساسية من تراث أخلاقي وفكري مع الأوضاع الجديدة، ويزيدها انتشاراً رغبة الكثير من الناس في مسايرة الدوائر القريبة منها خوفاً من أن تطالها سهام النقد.
فنجد على سبيل المثال وليس الحصر أحد أنواع الشائعات التي تُطلق في تلك الأوقات شائعات تشويه السمعة، وهي أحد أنواع الشائعات والتي تؤتي ثمارها من التكرار فقط دون معقولية الرواية، وتعرف أيضاً باسم شائعات (دق الإسفين) ويستهدف منها زعزعة الثقة بالشخصيات العامة أو المسئولين أو المرشحين المحتملين للاستحقاقات الدستورية، وهي تمس الجوانب الأخلاقية والدينية.
وهي أيضاً تقع تحت تصنيف أغراض الشائعات بعنوان الأغراض السياسية للشائعة وهي تسعى إلى التشكيك في القادة، والشخصيات البارزة، والمرشحين للانتخابات البرلمانية، بالمواقف، وتعتمد هذه النوعية على أسلوب التهويل والتضخيم والتشويش والتشكيك، وتُطلق من الداخل من بعض العناصر السلبية المضادة وتنتشر عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتقع أيضاً تحت غرض الشائعات الأخلاقية التي تمس القيم والمبادئ وشخصية القدوة.
ويلجأ الخصوم لذلك الأسلوب قديماً بشكل منفرد، أما في العصر الحالي، تستخدم هذه الأساليب المختلفة كإستراتيجيات أفقية مستقلة، فنراها بشكل واضح منذ قدوم إعصار 2011، زمرة من الشائعات والحروب النفسية العشوائية التي أتت على الأخضر واليابس من معنويات الشعب وأدت إلى تضارب الأفكار والتشكيك في الثوابت والمعتقدات، إضافة الى التسريع من وتيرة تغيير القيم المجتمعية، ونراها في الخمس سنوات الأخيرة مركزة ومنمطة على شخصية رئيس الجمهورية والقوات المسلحة، في صور من التشكيك والسخرية وبث للخوف وبيع الآمال الكاذبة.
ونرى في هذة الآونة شخصاً يرى في نفسه جاذبية ولكنها سطحية، ذكاء متوسط ولكنه دون المستوى، يظهر بصورة المطمئن ولكن القلق متمكن منه، ليس لديه إحساس بالمسئولية لا يشعر بالخجل، لديه الرغبة في الاستغلال والابتزاز، وهذه من سمات مروجي الشائعات من أصحاب الشخصيات المضادة للمجتمع، يكيل من السباب واللعان إلى الشخصيات العامة وذويهم دون التطرق إلى الحقائق وبدون أدلة وبراهين.
لا شك في أن بعض الشائعات حقيقة يجب الالتفات لها، وبإخلاص أقول إن أغلب الشائعات لا أساس أو جذور لها، يكفي أن يولد شخص محب للشهرة، ساعي للظهور المجتمعي، يجد ضالته ورونقه في التفاف الناس من حوله بصفته الناشر الأول والأسرع للأخبار دون التأكد من صحتها، لمجرد أن يشعر بأهمية زائفة تتيح له النظر إلى نفسه في المِـــرآة كل صباح وكل دقيقة.
تستوقفني دائما مقولة أرثر شوبنهاور الفيلسوف الألماني في كتابه (فن أن تكون دائما على صواب – الجدل المرائي) إن “استجماع الحجج دون مراعاة صحتها ومشروعيتها والاستناد إلى أساليب تضليلية وتمويهية ويحاول أن يجريها مجرى منطقياً، وما دام مبتغي المغالطة هو الإيقاع بالخصم فإنه يعمد إلى استخدام سُبل ترغيبية وترهيبية قادرة على صرف الخصم عن الهدف الحقيقي، مع توجيه الخطاب دائما للجماهير للاستحواذ على التأييد”.
يضيف شوبنهاور أيضاً: “كل الحقائق تمر بثلاث مراحل: الأولى أن تتعرض للسخرية، والثانية أن تقاوم بعنف، أما الثالثة فأن يتم اعتبارها من المسلمات”.

الأكثر قراءة
-
القنوات الناقلة لمباراة الزمالك وديكيداها بالكونفدرالية الأفريقية
-
موعد صرف مرتبات أكتوبر 2025، هل تشمل الزيادة الجديدة؟
-
شقيق السائق في حادث ترعة منقباد: أخي لم يكن سائقًا.. وابنتاه بين الضحايا
-
شاهد، بث مباشر مباراة الزمالك و ديكاداها في الكونفدرالية 2025
-
شاهد، بث مباشر مباراة الأهلي وإيجل نوار في دوري أبطال إفريقيا 2025
-
الكنيست ١٩٧٧ – ٢٠٢٥
-
كم توفر الحكومة من رفع أسعار البنزين والسولار في الزيادة الأخيرة؟
-
والد ضحية الإسماعيلية: "جمعنا جسم ابننا من كذا مكان ومش هسيب حقه"

مقالات ذات صلة
الكنيست ١٩٧٧ – ٢٠٢٥
18 أكتوبر 2025 08:00 ص
مفهوم الحرية
04 أكتوبر 2025 09:10 ص
اختر من بين الأقواس
27 سبتمبر 2025 09:00 ص
عالم ثقيل الظل
20 سبتمبر 2025 09:30 ص
أكثر الكلمات انتشاراً