الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025

01:38 ص

تمثال ومصحف وصليب.. حكاية يوم لا ينساه العندليب في سجن طرة

العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ

العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ

في مواسم الصيف، يحرص نجوم الفن على الغناء في القاهرة والساحل الشمالي والعين السخنة وغيرها، ولكن ماذا عن الغناء داخل جدران سجن مُحكمة الغلق؟

العندليب في السجن 

مجلة الكواكب، كشفت قبل سنوات عديدة في أحد أعدادها المميزة، تفاصيل حفل مفاجىء غنى خلاله العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ داخل ليمان طرة عام 1960، للترفيه عن السجناء وإضافة الابتسامة على وجوهم.
في سجن طره، قدم عبدالحليم وصلة غنائية مميزة بناء على طلب النزلاء، بالتزامن مع إطلاق مشروع السد العالي، وبالاتفاق مع وزير الداخلية.
فتح السجن أبوابه للعندليب في 17 يناير 1960، بصحبة فرقته الموسيقية، ليقدم مجموعة من أشهر أغنياته، من بينها "إحنا الشعب"، و"فوق الشوك"، و"بتلوموني ليه".

نزلاء ليمان طرة في استقبال العندليب

حضور عبدالحليم جذب عددًا من الفنانين الذين سارعوا للحضور والمشاركة في إدخال البهجة على قلوب النزلاء، ومن بينهم: محمود شكوكو، ومحمد جمال، وعادل مأمون، وعدد من أعضاء فرقة "ساعة لقلبك"، بالإضافة إلى حسين الفار، وسلطان الجزار، ومصطفى عزمي، وبليغ حبشي.
كما حضر الفنان فريد شوقي جانبًا من الحفل، وشارك بتقديم عبد الحليم على خشبة المسرح، في لفتة نالت إعجاب الحضور وأضفت على المناسبة طابعًا خاصًا.

عبدالحليم غنى في ليمان طرة

وقف عبد الحليم حافظ وسط ساحة ليمان طرة، يغني على مسرح صغير قام نزلاء السجن ببنائه خصيصًا لهذا الحدث العظيم، حيث استغرقت عملية تجهيز المسرح أسبوعًا كاملًا، وقضى النزلاء الليالي وهم يباشرون العمل حتى اكتمل كل شيء، كما أوضح النقيب محسن طلعت.
واستقبل النزلاء، الفنانين الذين أحيوا الحفل بحفاوة كبيرة تعكس فرحتهم بلقاء نادر لم يتوقعوه وهم خلف القضبان. وبلغ عدد نزلاء الليمان حينها نحو ستة آلاف نزيل والذي كان من ضمنهم الترزي الخاص لعبد الحليم. عاشوا جميعًا يومًا استثنائيًا لا ينسى.
افتتح الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم ألقاها أحد النزلاء، ثم جاء بعده نزيل آخر ليلقي قصيدة شعرية نظمها خصيصًا بمناسبة السد العالي، ليصعد بعد ذلك فريد شوقي إلى المسرح وسط هتافات وتصفيق حار من الحضور، خاصة حين بدأ كلمته قائلًا بمزح: “إخواني وزملائي.. طبعًا أنتم هنا في الليمان، وأنا بظهر على الشاشة في الليمان كمان، وأظن إننا اتقابلنا كتير هنا، ولكن ربنا يتوب علينا جميعًا، فقد قررت ألا أدخل السجن أبدًا حتى ولا في السينما”.
بعد ذلك، قدم فريد شوقي عبدالحليم حافظ إلى الحضور، فشعر عبد الحليم أنه من واجبه أن يوجه كلمة لهؤلاء الذين يعيشون خلف القضبان، فقال: “إخواني، أنا سعيد جدًا لأنني استطعت أن أكون معكم اليوم، وأن أشارككم الاحتفال بمناسبة عزيزة على كل عربي، وهي بداية بناء السد العالي، وإن شاء الله سنلتقي كثيرًا في مناسبات أخرى، فأشعر أن هناك الكثير من الفرص التي سيمنحها لنا رئيسنا الحبيب جمال عبد الناصر للاحتفال بها جميعًا”.

العندليب قدم في الحفل مجموعة كبيرة من أبرز أغنياته

غناء عبدالحليم حافظ لسجناء طرة

ثم بدأ عبد الحليم بغناء أغنية "إحنا الشعب"، وشارك النزلاء في ترديد مقاطعها معه بحماس، تلاها أغنية "فوق الشوك"، ثم أنهى الحفل بأغنيته الشهيرة "بتلوموني ليه".
وأخيرًا جاء دور الفنان محمود شكوكو الذي أمتع الحضور بمزحاته وأغانيه بالطبلة والأكورديون، ولعب دورًا بارزًا في رسم البسمة وإدخال الفرح إلى قلوب نزلاء الليمان، ثم اختتم وصلته الفكاهية بمونولوج قال فيه: "ربنا يتوب عليكم"، ثم توقف فجأة وهو يضحك وأضاف: “دلوقتي بعضكم هيقول: ويتوب علينا ليه، طالما حليم وشكوكو جايين للسجن عشان يغنوا لنا”، للتعالى بعدها أصوات الضحك من النزلاء.
كانت تلك المناسبة مميزة لهم، حيث شعر السجناء الذين عانوا قسوة الحياة وفقدوا حريتهم خلف القضبان بأن المجتمع لا يزال يذكرهم ويهتم بهم، وشعر عبد الحليم أن عليه واجبًا تجاههم، وهو أن يمنحهم لحظات من السعادة، حتى وإن كانت قصيرة، تفتح أمامهم أبواب التوبة والرجاء في قلوبهم.
وفي نهاية الحفل، قدم النزلاء لعبد الحليم هدية مميزة عبارة عن تمثال نصفي لفتاة، كما أهدوه مصحفًا وغرفة نوم صغيرة كانت مخصصة لابنة أخيه، كما أهداه أحد النزلاء صليبًا، تعبيرًا عن تقديره وامتنانه لهذا اللقاء المميز.

اقرأ أيضًا: 

"وجع قلب".. أسرة عبدالحليم حافظ تغلق منزله للأبد

أسرة عبدالحليم حافظ تعلن انتهاء مواعيد الحجز لزيارة منزل العندليب

"سيظل مفتوحًا للجمهور".. أسرة عبدالحليم حافظ تكشف حقيقة بيع منزله


 


 



 

search