الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025

05:07 ص

العميد في اختباره الأول.. نجاح محسوب لا معجزة

في علم التخطيط، هناك دائمًا مرحلة أولى وأهداف يجب تحقيقها في البداية، تكون عادة تحت مسمى "قصيرة الأجل"، وهناك المرحلة الثانية كذلك تحت عنوان "متوسطة الأجل" ثم المرحلة الأخيرة والتي تمثل ذروة النجاح تحت عنوان "طويلة الأجل".

أي تخطي لمرحلة قبل أخرى هو ليس فقط نوع من تجاوز المنطق والمعقول، بل يؤدي إلى الفشل الكامل، نعم هكذا يقول علم التخطيط القائم عليه كل قطاعات الحياة أيضًا، فكيف يمكن أن تقفز إلى مراحل متوسطة أو تبني الدور الثالث وأنت لم تضع أساس العقار بعض، ومن منطلق هذا فإن أي مؤسسة حين تستعين بقائد جديد تحدد له  الأهداف الأولى والثانية والثالثة، ويكون دوره أن يحققها وفقًا للترتيب وهذا هو المعيار والفيصل الوحيد.

أعرف أن الأمر في كرة القدم مختلف قليلًا، لأن في وسط ذلك كله الناس تريد المتعة والمهارة وأحيانًا تكون محملة بأحلام أكبر من الإمكانات وطموحات تفوق ما هو مسموح به، لكن على كل تلك سنة كونية لن نستطيع تغييرها وكذلك لا يمكن أن نعتبرها مقياس حقيقي لقياس النجاح والفشل.

من هذا المنطلق يمكن تقييم الكابتن حسام حسن المدير الفني لمنتخب مصر، والذي التزمت الصمت تجاهه طوال الفترة الماضية فلم اشترك في من اشتركوا في الهجوم على الرجل من منطلق إنه يقدم "كرة خالية من المتعة"، ولم أشارك في وصلة المديح التي اعتبرت الصعود إلى كأس العالم إنجاز والحقيقة إنه نجاح وهناك فرق بين الاثنين، فالأخير يعني إتمام ما هو متوقع بكفاءة والأول يعني تحقيق ما هو غير مسبوق ولذلك لا يصلح أيضًا.

تولى حسام حسن تدريب منتخب مصر في وقت صعب بعد سلسلة إخفاقات مع المدرب السابق روي فيتوريا، ووقتها كان الشارع مقسوم بين من يؤيد "التوأم" ويطالب به منذ سنوات باعتباره كفاءة وطنية قادرة على القيادة، وبين من هو حذر من بعض السمات الشخصية لـ"العميد" والتي قد تؤدي إلى مزيد من الانحدار.

ماذا كان مطلوب من حسام حسن وقتها؟، بترتيب البطولات والالتزامات الدولية كان المطلوب منه أن يصعد بنا إلى كأس العالم، تلك مرحلة أولى "قصيرة الاجل"، ثم التواجد في المربع الذهبي على الأقل بكأس الأمم الأفريقية كـهدف "متوسط الأجل" قبل أن نبلغ ذروة بتقديم أداء جيد في كأس العالم 2026، تلك الأهداف كانت ستوضع أمام أي مدير فني آخر، أي أنها ليست لـ"تعجيز العميد" أو "تسهيل مهمته"، وهذا للإنصاف.

بعد فوز منتخب مصر على غينيا بيساو بهدف مقابل لا شيء في مباراة احتفالية بعد أن حسم المنتخب المصري تأهله إلى كأس العالم منذ أيام، وهو صعود لم يشوبه أي هزيمة، يمكن القول بلا تهويل أو تهوين أن حسام حسن نجح في أهدافه الأولى بدرجة 10 من 10، الأرقام تؤكد ذلك، النتائج تؤكد ذلك، موقعنا في التصفيات يؤكد ذلك، وكل ما يمكن قوله غير ذلك لا يدخل في باب الإنصاف.

لكن المرحلة الأولى ليست دائمًا دليل على نجاح المرحلة الثانية، هي مؤشر جيد ليس أكثر، وعلى الكابتن حسام حسن أن يستعد من الآن لينجح في مرحلته التالية والتي ستكون أصعب بالتأكيد لكن الدوافع الجديدة ربما تمنحه قوة لتجاوز الصعاب، ولو لم يحدث ذلك لا قدر الله سيكون لكل حادث حديث، أما الآن فليس بوسعنا سوى قول "كمل يا عميد" وأن نلتف حوله لنحقق الأهداف المقبلة والتي هي بالتأكيد حلم كل مصري.

search