الأحد، 09 نوفمبر 2025

12:10 ص

الابتكار المؤسسي.. مصر ترسخ لاقتصاد معرفي جديد

في إنجاز وطني جديد يضاف إلى مسيرة الدولة المصرية نحو بناء اقتصاد معرفي قائم على الإبداع والتميز، حصلت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على اعتماد المنظمة الحكومية المبتكرة (CGInO®️) من المعهد العالمي للابتكار (GInI)، بتقدير خمس نجوم، وهو التصنيف الأعلى عالميا في مجال الابتكار المؤسسي، هذا الإنجاز يمثل اعترافا دوليا بقدرة مصر على ترسيخ منظومة مؤسسية للابتكار تتكامل فيها الحوكمة، والبحث العلمي، وريادة الأعمال، والتنمية الاقتصادية.

إن هذا النجاح يعكس التحول النوعي الذي تقوده الدولة المصرية برؤية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، نحو جمهورية جديدة قوامها المعرفة والإبداع وتمكين الشباب، وقد جسدت الجامعات المصرية مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هذا التوجه من خلال سياسات حديثة تبني جسورا بين المؤسسات الأكاديمية وسوق العمل، وترسخ ثقافة الابتكار داخل الكيانات الحكومية والتعليمية، باعتباره الطريق الأنجع لبناء اقتصاد تنافسي قادر على إنتاج المعرفة وتوظيفها في خدمة التنمية المستدامة.

ومن اللافت أن هذا التتويج الدولي يتقاطع بوضوح مع الجهود الرائدة التي بذلتها الأكاديمية الحديثة لعلوم الكمبيوتر بالمعادي، التي كانت من أوائل المؤسسات العلمية المستقلة في مصر التي تبنت مبكرا هذه الرؤية الاستراتيجية، فبقيادة العميد الدكتور محمود جاد الله، أطلقت الأكاديمية مركز الابتكار والتوظيف ودعم ريادة الأعمال (IEE HUB)، ليكون منصة فكرية وعلمية لتطبيق مفاهيم الابتكار المؤسسي داخل البيئة الأكاديمية وربطها مباشرة بمتطلبات التنمية الوطنية.

يأتي تأسيس هذا المركز الذي يديرة الدكتور أحمد رمزي كخطوة عملية لترجمة أهداف الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2030، عبر بناء منظومة تعليمية مبتكرة تُشجع التفكير النقدي، وتفتح أمام الطلاب والخريجين مسارات جديدة لريادة الأعمال وتأسيس المشروعات الناشئة، فالمركز لا يقتصر دوره على التدريب أو التوظيف، بل يتجاوز ذلك ليُسهم في خلق بيئة مؤسسية محفزة للإبداع والابتكار، وتعزيز التكامل بين التعليم والبحث والصناعة والمجتمع.

لقد أدركت الأكاديمية الحديثة أن الابتكار المؤسسي لم يعد رفاهية علمية، بل ضرورة اقتصادية وتنموية، فعملت على تطوير نموذج خاص يجمع بين التعليم الأكاديمي التطبيقي، ودعم الأفكار الريادية، وتأهيل الكوادر القادرة على المنافسة في سوق العمل المحلي والدولي. 

كما مثّل المركز بوابة حقيقية لتشجيع الطلاب على تحويل أفكارهم إلى تطبيقات ومشروعات واقعية، بما يتماشى مع توجه الدولة نحو توطين المعرفة وتحويل الجامعات إلى بيوت خبرة قادرة على توليد القيمة المضافة.

ويُعد هذا التوجه منسجمًا تماما مع فلسفة الاعتماد الذي حصلت عليه وزارة التعليم العالي من المعهد العالمي للابتكار، فالمراكز الجامعية مثل  IEE HUB هي الأذرع التنفيذية التي تجسد هذه الرؤية على أرض الواقع، وتجعل من المؤسسات التعليمية incubators للابتكار والإنتاج المعرفي.

إن ما يميز التجربة المصرية في هذا السياق أنها تمزج بين الابتكار المؤسسي والبعد التنموي، فالإبداع في الفكر والإدارة والتعليم أصبح جزءا من مشروع وطني شامل لبناء الإنسان، وتمكين العقول الشابة، وتحويل الجامعات إلى محركات حقيقية للنمو الاقتصادي والاجتماعي.

وفي ضوء ذلك، تبرز الأكاديمية الحديثة كنموذج مؤسسي يحتذى به في تطبيق فكر الوزارة ورؤيتها المستقبلية، من خلال مبادراتها الطموحة في دعم الابتكار وريادة الأعمال، واستثمار طاقات الطلاب والشباب. فهي لا تكتفي بإعداد خريج مؤهل علميًا، بل تسعى لإعداد مبتكر قادر على التفكير الحر، وريادي يمتلك الشجاعة لتأسيس مشروعه الخاص.

إن مصر تخطو اليوم بثقة نحو مرحلة جديدة من اقتصاد المعرفة، حيث تتكامل جهود الدولة والجامعات والمراكز البحثية في بناء مجتمع مبدع، منتج، ومؤمن بأن الابتكار هو السبيل الأوحد لتحقيق التقدم والريادة، وما بين إنجاز وزارة التعليم العالي على المستوى المؤسسي، ونجاح الأكاديمية الحديثة على المستوى التطبيقي، تتشكل ملامح تجربة مصرية فريدة تضع التعليم والابتكار في قلب مشروع الدولة الحديثة.

search