سقراط في ستاد محمد بن زايد: حين رأى توروب جماهير الأهلي
يقول سقراط "تكلم حتى أراك" ليضع بذلك نظريته الفلسفية التي تشير إلى أن جوهر الإنسان الحقيقي يظهر حين يبدأ في التحدث وطرح أفكاره، ودون ذلك تصبح الأحكام سطحية والآراء لا تستند على أي واقع، لا أعرف لماذا خطرت تلك المقولة على ذهني بمجرد أن فاز الأهلي بالسوبر المصري ووجدت "ييس توروب" يحتفل بين اللاعبين داخل المستطيل الأخضر؟
محاولات عدة من التفكير انتابتني أثناء تجميع خيوط الفكرة ، خاصة وأنا وسط حالة الفرح التي كنت جزء منها منذ أيام حين احتفلت مع الأهلي بالفوز على سيراميكا ورافقته من مدينة العين إلى أبو ظبي حيث مشهد النهاية السعيد بتتويج الأحمر، لكن في الأخير وصلت إلى السبب أو الربط بين ييس توروب ومقولة سقراط الخالدة.
لم أكتب عن المدرب الدنماركي حتى الآن، البدايات لم تك مبشرة بالقدر الكافي لكني أعلم أن بعض المدربين يحتاجون إلى وقت، لذلك التزمت الصمت حتى فاز "توروب" بأول بطولة له، وهنا بدأ التعارف الحقيقي بينه وبين جماهير الأهلي، الجماهير التي ملئت المدرجات وهتفت باسمه وباسم اللاعبين وقبلهم باسم النادي، ملايين الأحمر هم أنفسهم الذين قالوا لـ"توروب" بشكل ما "فز حتى نراك".
على الجانب الآخر تصلح الجملة نفسها لييس توروب الذي أراد الفوز لـ"رؤية جماهير الأهلي" وقت المكسب خاصة إنه شاهدهم وقت التعادلات والأداء السيء ولمس بعض من الغضب المكتوم داخل الصدور خلال الأسابيع الماضية.
لكني من ناحية أخرى على يقين أن "توروب" لم يرى جماهير الأهلي جيدًا رغم كل ذلك، فهو كأي مدير فني يظن أن تحقيق الألقاب ينجيه من ضياع أخرى، وأن الانتصارات ستشفع له حين يسوء الآداء وتخفق النتائج وتضيع البطولات، يظن أيضًا "ييس توروب" أن لحظات السعادة تعيش في قلوب جماهير الأهلي طويلًا، وأن بطولة واحدة يمكن أن تستغرق شهرًا من الاحتفالات.
للإنصاف ما يظنه "توروب" هو الطبيعي لأي مدير فني لأي نادِ آخر، وللإنصاف هكذا هي كرة القدم أيضًا "يوم فوق ويوم تحت"، لكن لسبب ما لا أحد يعرفه حتى الآن، تلك القوانين كلها لا تسري على جمهور الأهلي ولم يعترف بها في أي يوم، لذلك لابد على "توروب" قبل أن يرى الفرحة ويسمع الهتافات باسمه وقبل أن يقتنع بـأن"الجماهير فرحت فرآها" أن يدرس تاريخ الأحمر جيدًا خلال العقدين الأخيرين على الأقل.
سيقرأ "توروب" عن مدربين كِبار كانت بدايتهم أفضل منه بكثير، سيرى بعينيه إنجازات يحلم بتحقيقها، وربما يشاهد عبر الفيديوهات ملايين الناس وهي تحمل مدربين على الأعناق ويحلم هو بلحظة كتلك، وبالتأكيد سيتعرف على من غادروا مبكرًا مثل ريفيرو سواريش وغيرهم، سيعرف كل شيء ويسأل السؤال نفسه: لماذا رحل هؤلاء المدربين الذين حققوا كل تلك الإنجازات؟
إجابة السؤال رغم غرابته ستبدو بسيطة وسيجيب عليها أصغر مشجع أهلاوي وهو أن النادي لا يشبع من البطولات، وأن حصده للألقاب يعتبر أمرًا طبيعيًا وما دون ذلك استثناء، لذلك احتفل بدوري أبطال أفريقيا أغلى بطولة قارية لمدة ساعات فقط وبعدها أغلق الصفحة، ولذلك يعمل كل عام على توسيع دولاب البطولات لاستقبال درع الدوري الجديد، ولذلك أيضًا فالنادي لا يكترث باتساع الفجوة بينه وبين الخصوم من حيث العدد والإحصاءات وكل ما إلى ذلك، هو نادي لا يعرف سوى المنصة والميداليات الذهبية.
صحيح أن جزء من هذا يعود إلى أسباب مثل أن النادي دومًا مستقر وملتزم ماليًا تجاه لاعبيه وأن لاعبيه في الغالب يملكون القدرة والكفاءة، وأن النادي أيضًا لا يستخسر في الجماهير أي صفقة، وبالتالي فالعيب على الأرجح في المدير الفني، لكن هذا لا يمنع من قسوة هذا الطبع بعض الشيء وهي قسوة تمثل ميزة الأهلي الوحيدة!
سيحتاج "ييس تورب" أن يعرف قبل ذلك ثم يعود لمشاهدة فرحة الجماهير في ستاد محمد بن زايد حتى لا يغتر بالفرحة بل حتى يُدرك أن ضياع أي لقب سيقلب تلك الجماهير عليه وبالتالي مقولة سقراط هنا غير دقيقة تمامًا فحتى لـ"لو فزت 100 مرة لتراهم" لن تراهم إلا وهم يقولون لك أين اللقب الـ"101"، ولذلك كله حين رأيت فرحة المدرب الدنماركي قلت في سري "أهلًا بك في القلعة الحمراء".
الأكثر قراءة
-
وفاة المطرب الشعبي إسماعيل الليثي
-
هل ألغت دينا الشربيني متابعة مي عمر بعد دعمها آن الرفاعي؟
-
حل كتاب التقييمات للصف الثاني الإعدادي عربي PDF 2025-2026
-
حقيقة نشوب حريق في المتحف المصري الكبير
-
انسحاب مفاجئ من انتخابات النواب، المرشحة نشوى الديب تعلن قرارًا هامًا وتكشف السبب
-
سقراط في ستاد محمد بن زايد: حين رأى توروب جماهير الأهلي
-
الأهلي بطلا للسوبر المصري للمرة الـ16 في تاريخه بثنائية أمام الزمالك
-
حظك اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025، يوم يدعوك إلى التوازن والهدوء في قراراتك
مقالات ذات صلة
ليلة الحقيقة في الإمارات، من ينجو من فخ السوبر المصري؟
05 نوفمبر 2025 12:22 م
الطريق إلى النموذج المغربي (2-2)
28 أكتوبر 2025 02:36 م
الطريق إلى النموذج المغربي (1-2)
20 أكتوبر 2025 11:32 ص
العميد في اختباره الأول.. نجاح محسوب لا معجزة
13 أكتوبر 2025 06:21 م
أكثر الكلمات انتشاراً