بعد تكرار الوقائع المخزية، مدارس تحمي الأطفال بندوات وكاميرات وأطباء نفسيين
التعدي على الصغار - تعبيرية
مع تعدد الوقائع المخزية التي هزت المجتمع مؤخرًا، أصبحت قضايا خدش براءة الأطفال في المدارس بمثابة قنبلة موقوتة تهدد أمن وسلامة الصغار وترعب ذويهم كل لحظة، وتدل على شرخ عميق في المجتمع.
في هذا التحقيق ترصد “تليجراف مصر” ردود فعل أولياء أمور بعد تعدد وقائع التعدي على تلاميذ في المدارس، كما نتطرق إلى رؤى إدارات بعض المدارس، وتفسير أطباء نفسيين لهذه الوقائع، في محاولة لفهم أعمق للمشكلة، ويبقى السؤال الأهم: كيف نحمي أطفالنا داخل الأماكن التي يُفترض أن تكون الأكثر أمانًا لهم؟
تأثير وقائع التحرش على أولياء الأمور؟
تواصلنا مع ولية أمر طفل في مرحلة الحضانة، نكتفي بذكر الأحرف الأولى من اسمها (ن.د)، التي بدورها قالت إنها بدأت تشعر بالخوف حيال صغيرها، بعد تكرار وقائع التحرش الأخيرة في بعض المدارس، كما بدأت تفكر جديًا في عدم ذهابه للمدرسة، إلى أن فكرت لاحقًا في نقله إلى مدرسة أخرى آمنة.

وتابعت الأم: “بعد نقله ما زالت أشعر بخوفي من احتمالية وقوع تعدٍ على ابني”، موضحة أنها تطمئن عليه كل يوم بعد عودته من الدراسة.
فقد الثقة بالمدارس
أما “س.ع”، فهو أب لطفلين بمرحلة رياض الأطفال، أصبح يشعر بحالة كبيرة من القلق، وصلت لحد عدم رغبته في ذهابهم إلى المدرسة، موضحًا: "عارف إن الحل مش هيكون في عدم نزولهم للمدرسة فبدأت أفكر إزاي أقدر أحميهم".
كما أوضح أنه لم يتحدث مع أبنائه صراحةً بشأن وقائع التعدي التي حدثت في بعض المدارس مؤخرًا، نظرًا إلى أن أعمارهم صغيرة، لكنه وضّح لهم التصرفات المقبولة من جانب من يتعاملون معهم، وكيفية حماية أجسادهم والأفعال غير المقبولة التي يجب صدها.
كيفية حماية الأطفال من التعرض للاعتداء؟
وتطرق في حديثه معنا إلى ندوة توعوية حضرها في مدرسة أطفاله، لافتًا إلى أن الندوة ناقشت أولياء الأمور حول كيفية حماية أبنائهم لضمان عدم تعرضهم للاعتداء عن طريق التوعية.
وأشار إلى أن الندوة تناولت أيضًا اللمسة المسموح بها واللمسة غير المسموح بها نهائيًا، كما يجب استئذان الطفل قبل الاقتراب منه من قبل والديه حتى يعتاد على ذلك مثل الاحتضان، وفي حالة حدوث اعتداء على الطفل يلزم التحكم في رد فعل أولياء الأمور دون صراخ أو لوم، كما نحرص على تعريفهم بأن المعتدي عوقب على ما قام بفعله.
ماذا يقول علم النفس في وقائع التعدي على الأطفال؟
من جانبه، يوضح استشاري الصحة النفسية، الدكتور وليد هندي لـ"تليجراف مصر"، الطريقة الصحيحة لتعامل الآباء والأمهات مع الظروف المحيطة بهم والتي يكثر بها حالات التحرش والاعتداء على الأطفال، حتى لا يصابوا بالهلع والخوف المرضي خوفًا على أطفالهم من التعرض للاعتداءات.
ويقول هندي إن أمهات كثيرات أصبن بحالة من الهلع والخوف الشديد بعد سماعهن الأخبار المتداولة مؤخرًا عن التعدي والتحرش بالأطفال، موضحًا أن بعضهن تحوّل به الأمر إلى الإصابة بـ“وسواس فكري”، لخوفهن الشديد من فكرة تعرض أطفالهن لمثل هذه الوقائع، ومنعن أطفالهن من المشاركة في أي نشاطات اجتماعية.
وأضاف أنه من الممكن إصابة البعض بمتلازمة "جوزكا"، وهي متلازمة يفضل فيها الأشخاص الالتفات والسماع إلى الأخبار الحزينة، وهذا ينمي الشعور بالخوف المرضي على الأطفال.
وينصح هندي أولياء الأمور بعدم الانخراط في متابعة الأخبار المتداولة من هذا النوع بشكل كبير، واستبدال ذلك بتكثيف الاهتمام بالأطفال والإنصات لهم، وتدريبهم على التعبير عن مشاعرهم، وعما يحدث لهم في أوقات الدراسة، والتعرف على دائرة الشخصيات المحيطة بهم.
الإجراءات التي بدأت بعض المدارس في تطبيقها للحد من الاعتداء على الصغار
وتواصلت "تليجراف مصر"، مع بعض المدارس التي بدأت في إجراءات للحد من حالات التعدي على الأطفال، من بينها مدرسة الألسن الأزهري للغات.
وأوضحت المسؤولة عن الرد على الاستفسارات في المدرسة أنها تعهد منذ سنوات بتقديم دورات تدريبية للطلاب يتم مناقشة فيها موضوع التحرش الجنسي، وتعريف الطلاب به وكيفية التصدي لأي اعتداءات تحدث للطفل، وكيف يتعرف على المناطق التي لا يجب لمسها في جسده، فيتعلم نطاق المسموح والممنوع.

وأضافت: "كل عام نقدم ندوات توعوية عن جريمة التحرش الجنسي، كما نقدم جلسات مخصصة لكل المراحل التعليمية، من خلال متخصص يدخل بشكل يومي تقريبًا لجميع الفصول الدراسية، ويتحدث مع الطلاب بشكل مكثف، والأمر غير مرتبط بالحوادث الأخيرة، فهذا توجه لدينا المنظومة منذ البداية".
ندوات توعية لأولياء الأمور
وأشارت المسؤولة ذاتها إلى أن المدرسة نظمت ندوة مؤخرًَا لتوعية أولياء الأمور والتخفيف من مخاوفهم بعد انتشار وقائع تحرش في بعض المدارس، وتحدث في الندوة متخصص ليوضح لأولياء الأمور المشكلة من كل جوانبها وكيفية التعامل معها.
وأوضحت أن هناك أساليب أمان تضمن للطفل حالة كبيرة من الحماية داخل أسوار المدرسة، ومنها وجود كاميرات مراقبة وإشراف على أعلى مستوى من قبل مشرفي المدرسة الموظفين الإداريين والمعلمين.
أما مدرسة “سانت ماري إلياس” الدولية، فكشف مسؤولة بها تواصلنا معها هاتفيًا نيتها البحث عن شركات أو جهات متخصصة تقدم دورات متطورة للطلاب من مرحلة الحضانة وحتى المرحلة الثانوية، للتعامل مع مشكلة التحرش بكل أوجهه.
وتابعت: "بالفعل لدينا نظام منذ سنوات طويلة يقوم على تقديم دورات وندوات وجلسات للأطفال، يفهمون فيها المشكلة حسب استيعابهم والمرحلة العمرية، كذلك نطاق تفكيرهم، ونعمل إلى تكثيف تلك الدورات، كما نعمل على حماية التلاميذ ضمن نطاق أمني متخصص يستند إلى وجود كاميرات مراقبة في كل مكان بالمدرسة، إضافة للمشرفين الذين يتابعون الأطفال بشكل دوري".
التوعية الدورية المنتظمة جوهر الحل
وتواصلنا مع مدرسة البيان في منطقة السلام بالقاهرة عبر الصفحة الرسمية لها على موقع "فيسبوك"، حيث استفسرنا عن الطرق المتبعة لديهم لتوعية الطلاب بقضايا التحرش، وجاء الرد واضحًا بأن علاقة المدرسة بأولياء الأمور لم تتأثر بجرائم التعدي التي شهدتها مدارس أخرى في الآونة الأخيرة، بسبب التوعية الدورية التي تقدم للأطفال بدءًا من مرحلة الحضانة وحتى المرحلة الإعدادية، بخلاف تقديم مساحة آمنة للطلاب وذويهم، يأمنون فيها بالحديث عن مشاكلهم ومناقشتها لوجود حلول.
وعن الاحتياطات التي جرى اتخاذها مؤخرًا لتفادي حدوث أي وقائع من هذا النوع عقب ذكرت المدرسة:" ننظم دورات بشكل مكثف لحماية الأطفال من ظاهرة التحرش، كذلك هناك متابعة دورية من الطبيبة النفسية بالمدرسة". وتابعت: “نشارك محتوا هذه الدورات على منصات التواصل الاجتماعي ليستفيد الجمهور بأكبر قدر ممكن من التوعية”.
وأضافت: "لا نكتفي بتعليم الأطفال وتثقيفهم حول المشكلة حتى إن كنا لا نشير للقضايا بشكل صريح، لكن نعمل أيضًا على حمايتهم بشكل مكثف داخل جدران المدرسة من خلال كاميرات المراقبة الموزعة في كل مكان، كذلك متابعة المشرفين ونظراء الدور".
مبادرة حياة كريمة لتوعية أطفال المدارس بظاهرة التحرش
كما تواصلت “تليجراف مصر” مع سفيرة النوايا الحسنة بمبادرة “حياة كريمة”، الكاتبة والإعلامية سماح أبوبكر عزت، للحديث عن تفاصيل المبادرة، لتوضح أنه تم إطلاقها قبل أيام، بدأت من كفر السنابسة بمحافظة المنوفية، تحت عنوان "خط أحمر".
وقالت عزت: "تشرفت بإطلاق المبادرة مع (حياة كريمة) كوني سفيرة الأطفال بالمبادرة الرئاسية، تم تقديم فعاليات مع الأطفال بمدرسة الشهيدات، تم التطرق فيها إلى كيفية حفاظ الأطفال على أنفسهم، وكيفية مواجهة أي تصرف خارجي غير مريح، أو أي طرف يريد إلحاق الأذى وكيف نتعامل في تلك الحالات، يفهمون ما هو الخط الأحمر في التعاملات وما التصرفات المرفوضة بشكل قطعي، والأولاد تفاعلوا بشكل كبير مع الفعاليات المقدمة".
وأوضحت أن المبادرة معنية بالقرى، وهدفها التجوُّل في القرى التي تغطيها المبادرة الرئاسية، وتقديم فعاليات مدرسية للتوعية بأزمة التحرش، كذلك استهداف مناطق تجمعات الأطفال، في القرى النائية والبعيدة التي قد يصعب الوصول إليها، لتصل التوعية لكل الأطفال في كل مكان.
وقالت: "لم نشِر للوقائع الموجودة على أرض الواقع، لكن لاحظت أن الأطفال لديهم وعي كبير بالمشكلة، ويفهمون ما نريد إيصاله، من خلال حماسهم وتفاعلهم الكبير، ليس من المفترض أن نعرض وقائع لأطفال آخرين حتى تصل المعلومة".
وتابعت: “البعض قد يفرق بين وعي الطفل في المدينة عن القرى، لكن الحقيقة تعكس معنى مختلفًا، فطفل القرية لديه جرأة للتعبير عن نفسه ومشاكله، وكذلك نلاحظ شغفهم بمعرفة كل جوانب المشكلة، لأن التكنولوجيا لم تخطفهم كما خطفت أطفال المدينة، إذ لم أرَ هاتفًا واحدًا مع طالب منهم”.
اقرأ أيضًا:
كيف يمكن للأهل مساعدة أطفالهم على التعافي من صدمات الاعتداء؟ (خاص)
الأكثر قراءة
-
إثارة متواصلة، المغرب والأردن إلى أشواط إضافية في كأس العرب
-
موعد مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب اليوم، والقنوات الناقلة
-
الدكتورة إيمان خضر، رحلة عالمة مصرية من جامعة أسيوط إلى ستانفورد
-
"اخونا بيروح مننا"، مريض يدخل غيبوبة 20 يومًا بعد عملية خاطئة بالمخ
-
نهائي كأس العرب، المغرب تتقدم بهدف أمام الأردن في الشوط الأول
-
نهائي كأس العرب، الأردن يسعى لإنجاز جديد والمغرب يطارد اللقب الغائب
-
مشاهدة مباراة الأردن والمغرب في نهائي كأس العرب 2025
-
عفوية عمر كمال.. الشهادة وأشياء أخرى لا تشترى!
أخبار ذات صلة
وصاية الأخلاق في المترو، هل تحوّل الفضاء العام إلى محكمة شعبية؟
18 ديسمبر 2025 02:23 م
"ابني متحرش صغير"، ماذا لو اكتشف الأم أن صغيرها سلوكه منفلت بالمدرسة؟
18 ديسمبر 2025 01:21 م
ذكرى ليلة تاريخية، الأهلي يهزم الهلال ويتوج بكأس أفريقيا
18 ديسمبر 2025 10:45 ص
أزمة صامتة بغرف الطوارئ.. كيف يهدد نقص الدم حياة المرضى ويعطل فرص نجاتهم؟
17 ديسمبر 2025 11:09 ص
ترامب يأمر بفرض حصار شامل على فنزويلا، ومادورو: لن نكون أفغانستان أخرى
17 ديسمبر 2025 04:34 ص
ياسمين والعوضي، نميمة الجمهور تُعيد الثنائي الأشهر للواجهة مجددًا
16 ديسمبر 2025 08:41 م
41 مليار جنيه في الظل، ألعاب المراهنات الإلكترونية تنهش جيوب 5 ملايين مصري
16 ديسمبر 2025 02:22 م
سجل أبطال كأس أمم إفريقيا، مصر في الصدارة بـ7 ألقاب
16 ديسمبر 2025 10:31 ص
أكثر الكلمات انتشاراً