الإثنين، 29 ديسمبر 2025

03:45 م

"السكند هاند" يوّحد الطبقات، كيف أصبحت الملابس المستعملة ظاهرة اجتماعية؟

ملابس مستعملة

ملابس مستعملة

شهد سوق الملابس المستعملة في السنوات الأخيرة، إقبالًا متزايدًا حتى أصبحت عملية شرائها ظاهرة اجتماعية بارزة، لم تقتصر فقط على الطبقة الفقيرة والمتوسطة بل امتدت أيضًا للطبقة الغنية.

ورغم تباين الآراء بين المواطنين حول شراء الملابس المستعملة، إلا أن الخبراء الاقتصاديين، أوضحوا الأسباب التي تدفع الكثير من مختلف الطبقات إلى الاتجاه لسوق المستعمل وتأثير تلك الظاهرة على الاقتصاد.

لماذا يتجه المواطنون لشراء الملابس المستعملة؟

أرجع أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إيهاب الدسوقي، ظاهرة شراء الملابس المستعملة إلى زيادة معدل الفقر وعدم قدرة المستهلك على شراء الملابس الجاهزة الجديدة ذات الأسعار المرتفعة بالنسبة للدخل.

وتابع الدسوقي، في تصريحات لـ“تليجرف مصر”، أن الطبقات الفقيرة هي التي تُقبل عليها بدرجة كبيرة، ولكن تأثيرها ليس سلبيًا لأنه يحل مشكلة، وهي سد احتياج الملبس، ورغم ذلك فإن خطرها الوحيد أنها قد تحمل أمراضًا وتنقلها للمستهلكين.

شراء الطبقات الغنية والمتوسطة للملابس المستعملة

وأشار الدسوقي إلى أن الطبقات الغنية والمتوسطة كذلك تعاني من ارتفاع معدلات التضخم، ما أدى إلى حدوث مشكلة في توزيع دخلهم نتيجة ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات، وخاصة الطبقة المتوسطة التي أصبحت تنحدر وتقترب من الطبقات الفقيرة، والاتجاه لشراء الملابس المستعملة لحل مشاكلهم، خاصة أنها مستوردة ومن خامات عالمية.

أما بالنسبة لتأثير ظاهرة الملابس المستعملة على سوق الملابس الجاهزة، فيُعد طفيفًا، لأنه يتم تصدير جزء منها للخارج، لكن الركود بصفة عامة والفقر يؤثران على إنتاج هذه المصانع، ومع ذلك فإن سوق المستعمل يحل مشكلة للفقراء، ويزيد من فرص عمل البائعين.

أستاذ إيهاب الدسوقي

هل تؤثرة ظاهرة شراء الملابس المستعملة على الاقتصاد؟

من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي، رشاد عبده، أنه لا يوجد تأثير لتلك الظاهرة على الاقتصاد المصري، لأن الملابس المستخدمة عادة ما تكون مستوردة من الخارج، كذلك يقوم بدفع جمارك للدولة، لكنه يضيق حجم الفرص على سوق الملابس المنتجة محليًا، ويكون التصدي لذلك بتطوير المنتجات وخفض هامش ربحه.

غلاء المنتجات وانخفاض الرواتب 

وتابع عبده في تصريحات لـ“تليجراف مصر”، أن المواطنين مضطرون لشراء الملابس المستعملة بسبب غلاء المنتجات المحلية وانخفاض الرواتب، فقد يكون مرتب الشخص بسيطًا، وإذا أراد شراء معطفًا، قد يبلغ سعره 1000 جنيه، وعادة ما يكون بخامات متوسطة أو رديئة.

وقال: “هنا يبدأ الاتجاه لسوق الملابس المستعملة لشراء ما يحتاجه، يمكن أن يشتري كومة من الملابس بالسعر نفسه، باختلاف أن الخامات تكون عالية الجودة من براندات عالمية، كذلك تكون الملابس في حالة ممتازة فلا يظهر أنها مستعملة من الأساس”.

وتابع: “يستفيد المواطن من الفرق، لكننا نرى كذلك شريحة كبيرة تنكر شراءها للملابس المستعملة على سبيل الوجاهة المجتمعية أو بسبب شعورهم بالخجل، رغم أنه على أرض الطبيعة نرى الأثرياء يستهدفون كذلك الوكالة وغيرها من الأماكن، لأن المنطق يقول إنه اشتري شيئًا أجنبيًا ذا قيمة بسعر زهيد”.

زيادة الإقبال على المستعمل تؤثر على عمالة الجاهز

وأوضح عبده أنه كلما زاد الإقبال على الملابس المستعملة، تأثرت العمالة في مصانع الملابس الجاهزة، من ناحية أخرى تولد فرص عمل في مجال الملابس المستعملة، سواء البيع أو الاستيراد.

ويكمن الحل كما ذكر عبده في أن يطور المنتج المصري منتجه ويحدثه، ويخفض هامش ربحه، حتى يجذب المواطنين إليه، لأن الغلاء أدى إلى الإقبال على الملابس المستعملة خاصة أنها تتفوق في الخامة والسعر.

الخبير الاقتصادي، رشاد عبده

كم ييلغ سعر الملابس المستعملة؟

أما حسين محمد الذي يعمل في مجال الملابس المستعملة، قال إنها أحيانًا يكون من بينها ماركات مستوردة، والتي يُمكن أن تصل سعرها إلى 500 أو 600 جنيه للقطعة إذا تم شراؤها جديدة، بينما يتم بيعها بثمن رخيص جدًا، حوالي 30 أو 40 جنيهًا، لافتًا إلى أنه في الأماكن البسيطة يحتاج العميل إلى قطع مخفضة من 40 إلى 10 جنيهات.

ملابس مستعملة التي يبيعها حسين محمد

كيف يتم فرز الملابس المستعملة وبيعها؟

وبالنسبة إلى فرز الملابس، أوضح لـ“تليجراف مصر”، أن هناك ملابس تكون عن طريق الجمارك وتوجد في “البالة”، ويتم بفرزها بدرجات، وأخرى تكون مستعملة محليًا، حيث تقوم مواطنة بجمع عدد من القطع مقابل 40 أو 50 جنيهًا، لافتًا إلى أن الأمر لا يقتصر على الملابس فحسب، بل يمتد إلى أدوات المطبخ والأجهزة المنزلية.

هل يشتري الأغنياء الملابس المستعملة؟

وتطرق حسين إلى أنه يُمكن لمدير شركة سواء في القطاع العام أو الخاص، أن يشتري ملابس مستعملة له أو لأولاده، إذ يلتقط بسيارته قطعة أعجبته أثناء مروره.

الملابس المستعملة المعروضة

واختتم أن الإقبال زاد على الملابس المستعملة بعد ثورة يناير، لأن الحالة الاقتصادية أصبحت سيئة، بما شملها من ارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية سوء ملابس أو خلافه، لافتًا إلى أن الإقبال سيستمر، طالما هناك تضخم في الاقتصاد.

مواطنون اتجهوا لشراء الملابس المستعملة

قالت ألفت حسن (45 سنة، ربة منزل): “ببص على الملابس المستعملة يمكن ألاقي حاجة كويسة لأولادي وسط أكوام الملابس، في الاغلب بتبقى الحاجة رديئة لكن أحيانًا بلاقي حاجات كويسة، بتأكد من القطعة كويس إذا كان في مشاكل أو ديفوهات".

وأضافت: "الأسعار متفاوتة، ليست مرتفعة ولا منخفضة، فهناك قطعة بـ5 جنيهات، لكنها ليست بحالة جيدة، في حين تصل القطعة الجيدة للسعر العادي في السوق إلى 600 و800 جنيه، واتجهنا للشراء من المستعمل بسبب الغلاء وضيق المعيشة".

أما ليلى علي، طالبة بكلية التجارة، (23 عامًا) قالت إن صديقاتها دائمات الحديث عن ظاهرة الملابس المستعملة، والذهاب لمنطقة الوكالة لشراء بعض القطع، كما دعوها أكثر من مرة للذهاب معهن، لكنها رأت في تصرفاتهن سعيًا وراء تقليد الترند، أو حماسًا لخوض تجربة جديدة، وليس احتياجًا حقيقيًا.

وتابعت: "رأينا فيديوهات كثيرة من صناع المحتوى بعنوان مشتريات الوكالة، وهي الدافع وراء رغبة صديقاتي، فلا يوجد لديهن رغبة حقيقية في الشراء بقدر ما هي مجرد موضة يريدن أن يتبعنها، لكنني أرى أنه توجه ظالم من صناع المحتوى، لأن ذلك سيؤدي بالتبعية لارتفاع أسعار السلع في تلك الأماكن، بالتالي يصعب على المحتاجين الشراء".

ووافقتها في الرأى منة لطفي، طالبة بالصف الثالث الثانوي، 17 عامًا، حيث قالت: "في البداية تعرفت على منطقة الوكالة من فيديوهات صناع المحتوى بمنصة يوتيوب، ورغم خوضي لتجربة الشراء من أماكن قريبة قبل ذلك، شعرت أن حماسي ازداد لإعادة التجربة، خاصة بعدما تبنيت مفهوم الاستدامة، ويعني استغلال كل الموارد المتاحة بعدة أشكال، والحفاظ عليها من الهدر في ظل أزمة قلة الموارد العالمية، كذلك ارتفاع أسعار الماركات المحلية وانخفاض الخامات الموجودة في الأسواق".

وأضافت أنها خاضت تجربة شراء الملابس المستعملة أكثر من مرة، سواء من الوكالة برفقة والدتها وصديقاتها، أو من محال قريبة من محل سكنها، مشيرة إلى أن التجربة عادية، حيث إن بعض القطع قد تكون عالية الجودة وأخرى أقل في الخامات، وهذا أمر طبيعي في أسواق الملابس لكل قطعة زبونها المناسب.

اقرأ أيضًا..

أرخص هاتف مستعمل في مصر، كم سعره؟

باستخدام أسلوب "المغافلة"، ضبط عصابة نصب سيارات مستعملة بالقليوبية

بـ"اقتصادية قناة السويس"، مشروع لإنتاج وقود الطائرات من زيت الطعام المستعمل

search