الجمعة، 11 أكتوبر 2024

05:06 م

قمة الأهلي والزمالك .. حين يحكم الجمهور!

حالة الزخم الرهيبة المصاحبة لمباراة الأهلي والزمالك تستدعي وقفة حقيقية، فهذه القمة الكروية بغض النظر عن قيمة طرفيها وقدراتهما وإمكانياتهما، تعكس مكانة مصر كبلد يستحق دائماً الأفضل.. 

لا يخفي على أحد أن هناك فرقاً شاسعاً بين الفريقين سواء من حيث عدد البطولات والإنجازات، أو القيمة السوقية الحالية للاعبين والمنشآت والتجهيزات، فالأهلي يغرد وحيداً محلياً وقارياً وإقليمياً، ويستحق عن جدارة أن يكون علامة مصرية عالمية، والزمالك في المقابل، يعاني كثيراً طوال السنوات الأخيرة، ويدار بطريقة عشوائية، لا يمكن أن ينكرها محب أو منتمي حقيقي لهذه القلعة العريقة، ووصل الحال إلى تراجع قدراته التنافسية، وتنازله عن الوصافة أو المركز الأول لأندية أخرى.

ومع ذلك، تظل قيمته محفوظة بدليل هذه الحالة الرائعة من التحفز والترقب من قبل ملايين المناصرين والمشجعين داخل مصر وخارجها، وهذا يدفعنا – بلا شك- إلى مساندة هذا الكيان العظيم، لأنه أحد أذرع القوة المصرية الناعمة على مر التاريخ. 

المقدمات في علم المنطق تقود إلى نتائج، ولا يمكن أن ترتكب الخطأ ذاته وتنتظر نتيجة مختلفة، وهذه القاعدة تنطبق على حال الأهلي والزمالك، ففي حين يملك الأول منظومة قوية مؤسسية، لا تتأثر بهوية مجلس إدارته، يدار الزمالك منذ سنوات بطريقة فردية، وفق اجتهاد شخصي من قبل القائمين عليه، دون وجود آلية رقابة واضحة تفرز الصواب من الخطأ وتفرض وسيلة للمحاسبة حال وجود شبهة تجاوزات! 

أذكر جيداً أن مخاوف كبيرة أثيرت بعد فوز المجلس الأول للأهلي برئاسة الكابتن محمود الخطيب من أن يتأثر النادي مالياً بسبب خسارة المهندس محمود طاهر رجل الأعمال الناجح، لكن على العكس تماماً حلق مجلس الخطيب بعيداً، وحقق إنجازات رائعة سواء على مستوى الإنشاءات أو الصفقات والبطولات، ولم نشعر بأي معاناة تذكر للنادي رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، وهذا مرده إلى العمل المؤسسي، فالكيانات الناجحة هي التي تستند فقط إلى نظام قوي ومتماسك. 

أما الزمالك، فحدث ولا حرج، مقر واحد للنادي لم يزد عليه شيئاً يذكر، ما ضاعف بالتأكيد من صعوبة انضمام أعضاء جدد، ومن ثم الفشل في تحقيق مكاسب مادية من العضوية، فضلاً عن صراعات مستمرة، وعقوبات دولية، حتى صار اسمه مرتبطاً لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم بالمشكلات وعدم التقيد بالالتزامات المالية تجاه اللاعبين والمدربين! 

الطرف الوحيد الذي لم يتهرب من التزاماته، ويكافح وحيداً لمصلحة هذا النادي، هو جمهور الزمالك الذي لا يتقاضى مليماً واحداً أو يحظى بأي وجاهة، لكنه يساند في صمت، محاولاً الحفاظ على جريان المياه في واد شبه جاف.

وبسبب هذا الجمهور فقط، لا يزال لهذه القمة رونقها وشعبيتها، فالصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي وسوق الدعاية والإعلان تستهدف البشر بشكل أساسي، ومن ثم يمثل هؤلاء الملايين القيمة الأهم والأكبر. 

وتخيلوا معي لو كانت المنافسة التي احتدمت بين الأهلي وبيراميدز في موسم الدوري المنصرم، مع الزمالك؟ أجزم أن الوضع كان سيختلف كلياً، ولحققت المنافسة أضعاف ما حققته من أرباح وجاذبية. 

وبالمناسبة أنا ضد تقديم أي دعم لأي نادٍ، وبكل أمانة وإنصاف، ما حصل عليه الزمالك من مساعدات مادية ورسمية على مدار السنوات الأخيرة يفوق ما قدم لجميع أندية مصر، لكن أهدرت الموارد لأسباب معلومة وغير معلومة دون أن يحاسب أحد! الرقابة ضرورية وواجبة الآن، للحفاظ على هذين الكيانين العظيمين، ولن يحدث هذا في ظل منظومة رياضية مترهلة يشوبها كثير من التجاوزات، وتنتقل إدارتها بين وجوه شاخت وهيمنت لعقود طويلة، وكأنهم يحتكرون فنون الإدارة، رغم أنهم لم يقدموا إنجازات تذكر لهذا البلد العظيم! 

أخيراً، أتمناها مباراة تليق بمصر، وبحجم التوقعات، فالمباراة الأخيرة التي عقدت بالمملكة العربية السعودية كذلك في نهائي الكأس شهدت زخماً كبيراً، لكن تمخض الجبل وأنجب فأراً في النهاية! 

أتمناها مباراة تنافسية رائعة، يستمتع بها الجمهور في السعودية ومصر وجميع دول العالم، بغض النظر عن الفائز، وإن كنت أميل لأحد الفريقين بالتأكيد .. لكن لندع ما في القلب في القلب..

search