ضبط النفس الاستراتيجي.. هل سياسة ترامب الخارجية تهدد أمريكا؟

دونالد ترامب
قال المحلل السياسي الأمريكي كريستوفر جيه فيتويس، إن مؤيدي انتهاج سياسة خارجية أمريكية محدودة يجب أن يفهموا أن أي مكاسب قصيرة الأجل تتحقق خلال الإدارة الثانية للرئيس دونالد ترامب لا تستحق تكاليف الضرر طويل الأجل الذي سيلحق بسمعة الولايات المتحدة.
وقال فيتويس أستاذ العلوم السياسية في جامعة تولين ومقرها مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا الأمريكية، ومؤلف كتاب "السعي إلى الهيمنة: 2000 عام من الاستراتيجية الكبرى للقوة العظمى"، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يعتقد أن الولايات المتحدة ليست لديها مصالح مهمة في سوريا.
ويرى البعض في المجتمع المؤيد لسياسة ضبط النفس الذين تفاعلوا مع انتخابه بتفاؤل حذر على أمل أن تبتعد الإدارة الجديدة عن عقود من السياسات الخارجية التي حققت نتائج عكسية. وقد رأى عدد لا بأس به من الأشخاص أن إدارة ترامب الثانية ربما تكون جيدة بالنسبة لأنصار سياسة ضبط النفس وربما يتعين عليهم أن يتقبلوها قريبًا.
ضبط النفس الاستراتيجي
واعتبر فيتويس أن مثل هذه الخطوة ستكون خطأ كارثيًا، وأن الرئيس المستقبلي لا يمثل نعمة لضبط النفس الاستراتيجي وإنما يمثل تهديدًا وجوديًا خطيرًا. وقال إن أي استراتيجية كبرى لن تنجح حال ارتباطها بترامب وحركة "ماجا" التي تعد اختصارًا لشعار ترامب "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" وضبط النفس ليس استثناء.
ويرى فيتويس أن الحزب الجمهوري في أعلى مستوياته الآن، لكنه سيحكم على أساس هش. إنه اليوم عبارة عن عبادة شخص أكثر من كونه حزبا سياسيا، وعبادة الأشخاص لا تستمر بعد رحيل قادتها. وفي نهاية الأمر، سيؤثر الزمن على الرئيس المنتخب.
ويعتقد المحلل الأمركيي أنه ربما عاجلا وليس آجلا، ستسهم أطباق التاكو وشرائح السمك الفيليه والخمول في تقاعده غير الطوعي عن السياسة. وعندما يحدث هذا، سيخضع الحزب الجمهوري للمحاسبة، ولن يظهر أحد ليحل محله. ولن يتمكن أي صوت جديد من مضاهاة جاذبية ترامب للجمهور والكاريزما الخاصة به وغرائزه.
وعندما يرحل، سترحل معه حركة "ماجا" (لنجعل أمريكا عظيمة مجددا) على الأقل كقوة تستطيع أن تحقق الانتصار في الانتخابات الوطنية، وسيعتبر المؤرخون يوم الخامس من نوفمبر 2024 ذروة نجاح الحركة.
وقال فيتويس إنه منذ عام 2015، عندما كان ترامب، مرشحًا في الانتخابات، فاق أداء الحزب الجمهوري التوقعات. وبدونه، في السنوات التي لم تشهد انتخابات مهمة وفي الانتخابات الخاصة، قدم الحزب أداءً ضعيفًا. ولذلك فإن القائد العزيز فقط هو الذي يستطيع أن يلهم أمة (لنجعل أمريكا عظيمة مجددا) للذهاب إلى مراكز الاقتراع.
ويرى فيتويس أن الإدارة الثانية لترامب لن تكون مقيدة بالمفاهيم الدستورية القديمة للضوابط والتوازنات ومن المرجح أن تسفر عن كارثة وخزي يفوق تصور الأشخاص العقلاء.
وبعد فترة وجيزة من سقوطها، سيكون هناك رد فعل عنيف ضد كل شخص ساعد وكل شيء زعم هذا الرجل أنه يمثله. وبمجرد تراجع دور حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا"، ستصبح قيمها وشعاراتها لعنة للجيل القادم. وبحلول عام 2034، سيكون من الصعب إيجاد أي أمريكيين جادين يعترفون أنهم كانوا يؤيدون ترامب، وفق فيتويس.
وإذا لم يكن مؤيدو سياسة ضبط النفس الاستراتيجية حذرين، ستصبح هذه السياسة ضحية لإرث ترامب السام. ويربط معارضو هذه السياسة بالفعل بينها وبين تشارلز ليندبيرج والأب كوفلين وغيرهما من الشخصيات شبه السلطوية في ثلاثينيات القرن العشرين.
ويرى المحلل الأمريكي أنه إذا أصبحت هذه السياسة مرتبطة بشبه السلطويين في العشرينات فإنها لن تظل خيارا للاستراتيجية الكبرى لأن تمضي قدما. وستكون الجهود التي استمرت أعواما لإبعاد ضبط النفس عن صورة الانعزالية بلا فائدة، ولن تتعافي سياسية ضبط النفس- وربما الواقعية نفسها- من ربطها بحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا".
شخصية ترامب
وقال فيتويس إن ترامب شخصية قومية، وقد تتداخل سياساته مع ضبط النفس، ولكن فقط بالمصادفة وليس من خلال قيم وأهداف مشتركة. إن المحافظ الجديد هو العدو الفكري لكل من حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" وضبط النفس، ولكن في هذه الحالة، عدو عدوي ليس صديقي، فقد دعا القليل من أنصار سياسة ضبط النفس إلى إغلاق الحدود أو تقييد التجارة أو وضع خطوط بين الأعداء والأصدقاء في الخارج.
كما أن عدد أقل يؤيد حشدًا ضخمًا في المحيط الهادئ لردع أي هجوم صيني ضد تايوان. في الواقع أنصار ضبط النفس يميلون إلى القلق بشأن التدهور المحتمل لهذه العلاقة والعديد من العلاقات الأخرى تحت قيادة قومية قصيرة النظر، ولا يدعم أي من أنصار سياسة ضبط النفس تقديم المزيد من الأموال لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) المتضخمة والمبذرة، ويتفق معظمهم في الشعور بالذعر إزاء قائمة المرشحين غير المناسبين الذين عينهم ترامب في مناصب خطيرة للغاية، بحسب المحلل الأمريكي.
وأشار فيتويس إلى أنه قبل صعود ترامب، كانت سياسة ضبط النفس تحظى بزخم في الدوائر الاستراتيجية الأمريكية، وكان الاشمئزاز من الحروب غير الضرورية ومستويات الإنفاق الدفاعي غير المعقولة تتزايد داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، كما كانت الأموال قد بدأت في التدفق على خزائن مخصصات مرتبطة بسياسة ضبط النفس.
مكاسب وهمية
واعتبر فيتويس أنه إذا أصبحت حركة ضبط النفس مرادفة لحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا"، سيتوقف هذا الزخم، ليس اليوم أو غدا، ولكن قريبا. وقد يكون الضرر دائما. وربما يكون المؤيدون مستعدين للتركيز على المكاسب قصيرة الأجل التي قد تحققها قيادة الحزب الجمهوري، لكنها ستكون مكاسب وهمية.
وأشار إلى أن خيمة ضبط النفس، يجب أن تكون واسعة ومفتوحة لكل القناعات السياسية. ومع ذلك، لكي تستمر الحركة بشكل دائم، لا يمكن الترحيب بالجميع. إن الموقف الوحيد المقبول لأولئك الذين يريدون بناء مسار مستدام حقا لضبط النفس هو التنافس على مركز في التيار المناهض لترامب. ربما يكون هناك متسع في المكان الآن، ولكن بمجرد رحيل الزعيم العزيز، سيصبح التيار مزدحما بسرعة.
واختتم فيتويس تقريره بالقول إن أنصار سياسة ضبط النفس يجب ألا ينخدعوا بأوهام السياسة قصيرة الأجل أو يبيعوا أرواحهم، مهما كانت قوة الإغراء. ولا يمكن إزالة الكبريت سريعا، حيث ستلتصق رائحته بكل ما يلمسه ترامب وسيؤدي إلى سقوط حركات بأكملها إذا لم يكن مؤيدوها حذرين وواضحين تماما في قيمهم من بداية ما تبدو أنها فترة طويلة ستمتد لأربعة أعوام.

الأكثر قراءة
-
لماذا تصدّر الأهلي مجموعته في مونديال الأندية رغم تساوي النقاط مع منافسيه؟
-
مراجعة ألماني تالتة ثانوي 2025.. ملخصات وأسئلة
-
حظك اليوم الاثنين 16يونيو 2025.. ستكون سعيدًا للغاية
-
بعد صراع إسرائيل وإيران.. هل تتحقق نبوءات بابا فانغا بشأن نهاية العالم؟
-
نموذج امتحان الفرنساوي تالتة ثانوي 2024
-
بابل شيت ثانوية عامة 2025 pdf.. نموذج للتدريب
-
طالب جامعي يتخلص من شقيقه بسبب مبلغ مالي في سوهاج
-
ماذا يحتاج الأهلي للتأهل إلى دور الـ16 في كأس العالم للأندية؟

أخبار ذات صلة
بعد استهدافه من إسرائيل.. 5 معلومات لا تعرفها عن التليفزيون الإيراني
16 يونيو 2025 09:17 م
قبل القصف الإسرائيلي.. من هي سحر إمامي آخر وجه على التليفزيون الإيراني؟
16 يونيو 2025 07:22 م
حلم فيفا الكبير| مونديال الأندية.. الكرنفال الذي لا يرغب أحد بالرقص فيه
16 يونيو 2025 06:48 م
"الماماد" تحت الاختبار.. صواريخ إيران تكشف ثغرات الملاذ الآمن بإسرائيل
16 يونيو 2025 05:32 م
أوسكار أوستاري.. نهض من رماد الإصابات ليُسدد دين الذكريات لميسي
16 يونيو 2025 11:32 ص
ضربات موجعة.. ماذا تخفي إسرائيل من خسائرها جراء الهجمات الإيرانية؟
15 يونيو 2025 05:09 م
صلاح الشرنوبي.. ابن الأنفوشي الذي أنصف فناني لبنان على المصريين
15 يونيو 2025 05:22 م
رحلة صلاح.. "مشي على الأشواك في مصر" إلى اعتلاء عرش ليفربول
15 يونيو 2025 03:58 م
أكثر الكلمات انتشاراً