
جرائم كولر التي يستحق الرحيل بسببها
التاريخ لا يُكتب على الكيف والأمزجة، لا يبخس المنتصر حق انتصاره ولا يرحم المهزوم خاصة إن جبن عن المقاومة، والتاريخ أيضًا هو من يصعد بالأبطال إلى قمم الجبال ويهوي بهم إلى سابع أرض إن تخلوا عن شجاعتهم أو فرّطوا في حماية ما يفترض حمايته.
والتاريخ يقول أن مارسيل كولر فاز بـ11 لقبًا مع النادي الأهلي، وحصد بطولتي أفريقيا مرتين متتالتين غير الدوري المصري وكأس مصر وبرنزية كأس العالم للأندية وكأس أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ، والتاريخ يقول أيضًا أن جماهير القلعة الحمراء عاشت مع المدرب السويسري لحظات من المجد والفخر والانتصارات كان يفترض أن تصل به إلى كأس العالم بنسخته الجديدة وهو واثق الخطى غير مكلف بشيء سوى بأداء يليق بأكبر نادِ في القارة السمراء.
لكن التاريخ كما قلت لا يرحم، وكما يسجل الصفحات البيضاء يسجل الجرائم أيضًا، وكما كان لكولر انتصاراته كانت له جرائمه الكروية التي زادت في العام الأخير لدرجة أدت بهبوط مستوى الفريق لأدنى درجة وفقده الكثير من البطولات.
نعم أجرم المدرب السويسري حين فرّط في لاعبين كثر سواء من خلال "تطفيشهم" من النادي أو بإجلاسهم على الدكة، وكانت قائمة الضحايا طويلة بداية من أحمد عبد القادر وديانج وكريم الدبيس الذي اكتشفنا إنه لاعب جيد ووصولًا إلى قفشة الذى اختفى في ظروف غامضة خلال الشهرين الأخيرين وعمرو السولية الجالس دومًا في الخارج بلا سبب مقنع، كل هؤلاء لم يتعرضوا لإصابات خطيرة أو انخفاضات حادة في المستوى بل افتقدوا الفرصة لأسباب غير مفهومة، وبالتالي أفقد الأهلي ثرواته البشرية في وقت كان في حاجة إلى مجهود كل لاعب خاصة قبل إبرام الصفقات الأخيرة.
نعم أجرم مارسيل كولر حين أضاع على الأهلي بطولة السوبر الإفريقي أمام الزمالك رغم فرق الإمكانيات وجودة اللاعبين ليفقد لقب يضاف إلى الألقاب التي فقدها مثل السوبر الإفريقي أيضًا أمام اتحاد العاصمة الجزائري في 2023، كما أجرم حين تعادل 7 مباريات خلال الدوري الجاري ما جعل بيراميدز متفوق عليه بـ4 نقاط مرشحة لأن تصبح 7 نقاط وقد لا يلحق الأهلي بدوري الأبطال العام المقبل لو حدث هذا، التعادلات لم تكن جميعها أمام فرق قوية بالعكس فرق متواضعة الإمكانات والخبرة لكنها تمكنت من أن تستنزف نقاط الأهلي في دوري صعب.
واكتملت المصيبة بالخروج من دوري الأبطال بعد الهزيمة امام صندوانز الذي انتزاع صدارة التأهل للنهائي من قلب ستاد القاهرة. الأمر ذاته ينطبق على تصريحات مارسيل كولر عن عدم وجود لاعبين كفاية لخوض المباريات، وهي تصريحات أدلى بها أكثر من مرة في وقت عانى فيه بعض اللاعبين من إصابات مختلفة.
ورغم أنها تصريحات كان يمكن أن تكون منطقية إذا كان منافسين الأهلي فرق قوية وتملك سكواد متنوع، لكن الحقيقة أن "كولر" أطلق تلك التصريحات في وقت كان يواجه فيه أندية منتصف الدوري وأحيانًا من يصارعوا على الهبوط وبالتالي لم يكن الأمر سوى تبرير لإخفاقه بإلقاء المسئولية على عاتق الإدارة التي جلبت له كل ما يريده ولم يتغير شيء ليثبت في النهاية من المُخطيء.
واستكمالًا للموسم الكارثي في إدارة المدرب السويسري للأحمر كانت النهاية من خلال تغيير هوية الأهلي نفسه، وأقصد بذلك تحويله من فريق يفرض سيطرته على الخصم إلى فريق تتكدس لاعبيه في نصف الملعب لمنع تسجيل أي هدف مثلما حدث في مباراة صن دوانز بجنوب أفريقيا، ورغم إشادة البعض بنتيجة المباراة وخروج الأهلي بما يريد، لكن الصوت الأكثر عقلًا حذر من تلك الطريقة التي ستفقد الأهلي هويته وتجعل الجميع راغب في هزيمته، وهو ما حدث في ستاد القاهرة حيث لعب بنفس الطريقة فلعب صن داونز شوط كامل امام مرمى الشناوي حتى استطاع أن ينتزع بطاقة التأهل للنهائي.
كل تلك الجرائم حرمت جماهير النادي الأهلي في النهاية من أجمل ثلاث سيناريوهات كان يمكن أن تحدث، أولها الصعود إلى نهائي كأس العالم للأندية لو فاز الأهلي على باتشوكا ليكون المركز الثاني على الأقل مضمون لأول مرة في التاريخ، وحرم الأهلي من الفوز على الغريم التقليدي في مباراة السوبر الأفريقي.
كما حُرمت الجماهير من الصعود لنهائي أفريقيا للمرة الثالثة على التوالي في إنجاز كان يمكن أن يحسّن كثيرا وضعية الموسم الجاري.
وأخيرًا أرفض ما تعرض له مارسيل كولر من قِبل بعض الجماهير بعد انتهاء مباراة صن داونز كما أرفض أي ترهيب أو تخويف يتعرض له أي إنسان أي كانت السبب والظروف، ففي النهاية يجب أن يخرج الرجل بما يليق به من احترام وتقدير، لكنه يجب أن يخرج وهو ما اعتقد حدوثه، والرحيل لن يكون بسبب مباراة صن داونز فقط بل لكل تلك الجرائم الكروية التي ارتكبها.

الأكثر قراءة
-
12:00 AMالفجْر
-
12:00 AMالشروق
-
12:00 AMالظُّهْر
-
12:00 AMالعَصر
-
12:00 AMالمَغرب
-
12:00 AMالعِشاء


مقالات ذات صلة
عن مستقبل منتخب مصر
24 مارس 2025 03:28 م
عن المنظومة والتحكيم في أوروبا والدول المتقدمة
15 مارس 2025 05:27 م
قمة حسم الدوري
09 مارس 2025 02:37 م
موسم الفرص الضائعة
25 فبراير 2025 12:59 م
أكثر الكلمات انتشاراً