الجمعة، 16 مايو 2025

11:55 م

عادل إمام في السينما "مالوش شريك" (بروفايل)

عادل إمام

عادل إمام

أنا الزعيم المستديم، أنا اللي هزيت التاريخ جامد وطلقت بركانه اللي كان خامد، أنا مش بشر أنا قدر. 

كلمات ربما لا تخلو من بعض الغرور، صاح بها الفنان عادل إمام في افتتاحية مسرحيته الأيقونية "الزعيم" عام 1993، بينما أحكم قبضته على زعامة الفن في مصر، ونجاحه في الوصول لأكبر قاعدة جماهيرية لم يصل إليها أحد.

في العام ذاته، بدأ عادل إمام تصوير فيلمه المميز "المنسي"، في الوقت الذي لم يكن منسيًا على الإطلاق، وخلال كواليس تصوير مشهده الشهير الذي تعرض خلاله للضرب على يد رجال كرم مطاوع، حاوره الإعلامي الراحل مفيد فوزي بالكثير من الأسئلة الصريحة. 

ينافس الزمن 

تأهب مفيد فوزي لمباغتة الزعيم بإعادة سؤال سابق عمره 10 سنوات، وقال: "قولتلي من 10 سنين سألتك مين المنافس بتاعك وقولتلي الزمن، دلوقتي بسألك نفس السؤال تاني، مين منافس عادل إمام"؟ 

كان طبيعيًا أن يجيب الفنان الكبير الإجابة ذاتها، ولكنه حرص، بكل تواضع، على تفسير السر وراء الإجابة المتكررة على الرغم من مرور السنوات. 

"الزمن منافس لأي حد يا أستاذ مفيد، أي بني آدم بيكبر، فطبيعي يكون الزمن هو المنافس، لما سألوا عبد الوهاب في عيد ميلاده إيه شعورك قالهم شعور زي الزفت، سنة عدت من عمر الواحد". 

استكمل الزعيم حديثه عن منافسة الزمن قائًلا: "أنا قعدت 8 سنين أعمل مسرحية الواد سيد الشغال، واستمرارها كل السنين دي نجاح، النجاح هو كمان منافس مش بس الزمن". 

تفاصيل 

نجاح عادل إمام في هذا الكم من الأعمال الفنية، والظهور بوجوه وشخصيات مختلفة وتقديمها ببراعة، كان له بعض الأسباب، أهمها الاهتمام بالتفاصيل، وحتى البسيطة منها.

يقول عادل إمام في حواره مع مفيد فوزي: "لابد وأن يُحسن الفنان إدارة الشخصية التي سيظهر بها للجمهور، في تحضيرتنا لفيلم (الهلفوت)، جلست بجانب السيناريو لعامين، لم استطع خلالها التعامل مع شخصية عرفة التي أجسدها". 

وأضاف: "فكرت كثيرًا في الطريقة التي ستظهر بها تلك الشخصية، وقررت في النهاية ارتداء ملابس رياضية ولكن من أين تأتي"؟

يستكمل الزعيم: "كنت برفقة مساعدي في منطقة عابدين، والحصول على ملابس الشخصية يسيطر على تفكيري، كان من الممكن أن نشتري (ترينينج) جديد ثم نقوم بتجهيزه ليظهر رثًا بعض الشيء، ولكن وسط كل هذا رأيت شاب يلعب الكرة بالشارع، طلبت من مساعدي الذهاب إليه والحصول على ملابسه، ليرد: (أروح أضربه وأجبلك الترينج)؟ أعطيته خمسين جنيهًا ليذهب بها للشاب، وبمجرد رؤية الأموال تخلى عن ملابسه في الشارع"!

عوامل نجاح 

صنع الزعيم أسطورته بالعديد من التفاصيل، أبرزها الصعود بخطوات فنية هادئة، عن طريق مجموعة من الأفلام التي لفت بها الانتباه، أبرزهم "مراتي مدير عام" 1966، و"لصوص ولكن ظرفاء" 1969، وذلك بعد بطاقة تعارفه مع الجمهور بفيلم "أنا وهو وهي" 1964. 

ومع بداية حقبة السبيعنيات، أيقن عادل إمام ضرورة الظهور للجمهور بشكل مكثف، فظهر في مجموعة كبيرة من الأفلام، وصل عددها إلى 25 فيلمًا في 4 سنوات فقط. 

التألق

حقبة الثمانينيات، شهدت مرحلة التألق والتوهج للنجم عادل إمام، بعدما نجح في التألق بأدوار وشخصيات مختلفة، وصنع أفلامًا أصبحت من ضمن الأهم في تاريخ السينما المصرية.

خرج الزعيم خارج عباءة الكوميديا قليلًا ليطرح نفسه فنانًا شامًلا، ونفذ أفلام أيقونية بعيدًا عن الكوميديا أبرزها "المشبوه"، و"الحريف"، و"حتى لا يطير الدخان"، و"النمر والأنثى"، و"المولد"، بينما لم يغفل الكوميديا في الوقت ذاته وظهر بأفلام "الأفوكاتو"، و"واحدة بواحدة"، و"كراكون في الشارع"، و"الهلفوت". 

نضج 

مع بداية فترة التسيعينات، ظهر عادل إمام ناضجًا في أعماله بشكل أكبر، تميز أداءه بالهدوء الشديد وتنوع أكثر في أفلامه التي أصبحت أكثر جرأة. 
مع المؤلف وحيد حامد والمخرج شريف عرفة، ظهرت أفلام "الإرهاب والكباب"، و"الإرهابي"، و"اللعب مع الكبار"، و"طيور الظلام"، وغير من الأعمال السينمائية البارزة في تلك الحُقبة. 

تعامل عادل إمام مع متغييرات السينما بذكاء شديد

ذكاء

فرض عادل إمام موهبته على الجميع على مدار عشرات السنوات، ولكن الموهبة وحدها ليست كافية، وإذا كنت ترغب في استمرار التألق و"الزعامة"، عليك التعامل مع الأمر بذكاء، وهو ما أثبته عادل إمام في بداية الألفية الجديدة. 
 

وسط تغير خريطة السينما المصرية، وصعود أسماء جديدة مثل هنيدي ومحمد سعد، وتحقيقهم لأرقام قياسية بأفلامهم الجديدة، أيقن عادل إمام أن وقت التغيير قد حان، واستخدام العقل الآن أصبح واجبًا. 

اختار عادل إمام أفلامه الجديدة بعناية شديدة، وبشكل مختلف، استعان بوجوه جديدة لم يظهروا معه سابقًا، مثل حلا شيحة وداليا البحيري وخالد سرحان وغيرهم، كما عاد لرفيقات التألق مثل لبلبة بفيلم "عريس من جهة أمنية" 2004، وميرفت أمين بفيلم "مرجان أحمد مرجان" 2007.           

هدم عادل إمام في تلك المرحلة كل ثوابت مشواره، ولم يجد أزمة في التعاون مع المنافسين والنجوم الكبار، ظهر مع نور الشريف في "عمارة يعقوبيان" وعمر الشريف في "حسن ومرقص"، ليصبحا من أهم أفلامه على الإطلاق.

بنفس الذكاء، أيقن عادل إمام أن عليه الذهاب في اتجاه آخر، للحفاظ على نجوميته وتوهجه، امتنع بعد 2010 عن السينما عقب فيلم "زهايمر"، في الوقت الذي اتجه للدراما التليفزيونية وأصبح ضيفًا على الشاشة في كل موسم رمضاني.
 

search