قمة ألاسكا.. "انتكاسة ترامبية" تنهي عزلة بوتين دون مقابل

دونالد ترامب وفيلاديمير بوتين- أرشيفية
لا تزال نتائج قمة ألاسكا بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فيلاديمير بوتين، مبهمة للجميع، خاصة وأنها خلت من أي اتفاق بشأن أوكرانيا والحرب هناك، رغم وعيد وتهديد ترامب قبلها.
وكشفت ماكارينا فيدال لي، المحللة السياسية الإسبانية ومراسلة صحيفة “إل بايس” في واشنطن، أن القمة التي طال انتظارها في ألاسكا لم تنجح في تغيير مواقف الزعيم الروسي من مطالبه للتوصل إلى سلام في أوكرانيا، ولكن لم يكن ذلك لتقصير من الرئيس الأمريكي، الذي لم يدخر جهدًا في إكرام ضيفه، المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب والذي كان حتى الآن منبوذًا دوليًا، خلال اجتماعهما الذي استمر ساعتين ونصف الساعة في قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون الجوية، شمال أنكوريج.
وأكدت ماكارينا، في مقالها بصحيفة “ألبايس”، أنه مع أي زعيم آخر لم يُظهر ترامب هذا القدر من الاحترام طوال فترة ولايته كما فعل مع الرئيس الروسي، الذي غالبًا ما تبنى حججه ومنحه الأفضلية حتى على حساب أجهزته الاستخباراتية.
في هذه المناسبة، قدم الأمريكي لنظيره أرقى معاملة ممكنة، فالاجتماع بحد ذاته - وكونه على الأراضي الأمريكية - كان بمثابة جائزة للروسي، لأنه بمثابة نهاية للعزلة الدولية التي عاشها منذ بداية الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022.

مظاهر حفاوة الاستقبال ببوتين
وأشارت إلى أن حفاوة الاستقبال أكدت الانطباع أن بوتين رئيس دولة مهم، يستحق التعامل معه، وليس حاكمًا مستبدًا غزا دولة مجاورة ويعتبره الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والقادة الأوروبيون شخصًا لا يمكن الوثوق به على الإطلاق.
وصفت ماكارينا مظاهر حفاوة الاستقبال، حيث كان بساطا أحمر كبيرا ينتظر طائرة الرئيس الروسي عند هبوطها في القاعدة الجوية، وقبل أن ينزل من سلم الطائرة، قامت مجموعة من الجنود الأمريكيين، وهم جاثون على ركبهم، ببسط ذلك السجاد، في صورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في غضون ثوانٍ.
كان ترامب ينتظره أسفل المدرج للترحيب به شخصيًا، وتبادل الزعيمان مصافحة حارة، مصافحة ختمت عودة على الأقل في نظر الكرملين وترامب الشرعية كزعيم عالمي، وأظهر كلاهما انسجامًا واضحًا، حيث تبادلا التحية بابتسامات وتربيتات ودية على الظهر.
في تلك اللحظة، حلقت مجموعة من قاذفات الشبح B-2 ومقاتلات F-35 الأمريكية فوق المشهد، في استعراض للقوة من جانب ترامب وتقدير للزعيم الروسي.
ولم تفتر الابتسامات إلا عند الوقوف أمام المصورين والصحافة، حيث لم يرغبا في الإدلاء بأي تصريحات، وأشار الرئيس الروسي بإيماءات واضحة متجاهلاً سيل الأسئلة التي كان يطلقها الصحفيون.
3 ضد 3
كان من المقرر أن يبدأ الزعيمان لقاءهما بمحادثة منفردة، يحيط بهما مترجميهما فقط، قبل أن ينضم إليهما مستشاروهما.
في النهاية، وفي اللحظة الأخيرة، تغير الشكل، أصبح الاجتماع ثلاثة ضد ثلاثة: كل زعيم كان يرافقه مسؤولوه عن الشؤون الخارجية، في حالة ترامب، وزير الخارجية ماركو روبيو، ومبعوثه الخاص للشرق الأوسط وروسيا، ستيف ويتكوف.
ومن الجانب الروسي، وزير الخارجية سيرجي لافروف، ومستشار السياسة الخارجية للكرملين يوري أوشاكوف، السفير السابق لموسكو في واشنطن.

المقارنة بين مقابلة بوتين وزيلينسكي
وكشف لويس باسيتس، المحلل السياسي الإسباني، أنه مرة أخرى، يهدد ترامب ولا يفعل، خاصة عندما يكون من أمامه أقوى منه، أما إذا كان أضعف، فإنه يستعرض عضلاته ويتعجرف.
وأكد باسيتيس في مقاله بصحيفة “البايس” الإسبانية، أنه يكفي مقارنة المعاملة المفرطة في الاحترام التي حظي بها بوتين في قمة أنكوريج بالفخ المخزي والمهين الذي أعده لزيلينسكي في البيت الأبيض، فمع بوتين الذي تلاحقه مذكرة توقيف دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، والذي رفض مرة أخرى وقف إطلاق النار الضروري قبل أي مفاوضات سلام متوازنة، رأينا بساطًا أحمر، واستعراضًا جويًا، وتصفيقًا وابتسامات، ومقعدًا مشتركًا في سيارة الليموزين الرئاسية المصفحة، ودون أي لوم يوجه إليه.
أما في مواجهة الرئيس الديمقراطي، الذي اختار مقاومة الغازي بدلًا من الهروب والمنفى، فكانت المعاملة عبارة عن مطالب بعقود إذعان لاستغلال الموارد المعدنية، وقيود على توريد الأسلحة، ورفض تقديم أي ضمانات أمنية جدية لما بعد وقف إطلاق النار غير المشروط الذي قبله زيلينسكي بالفعل.
ترامب دائمًا ما يجبن في النهاية
وأضاف باسيتيس أن ترامب وعد بفرض السلام في غضون 24 ساعة، ومرت سبعة أشهر على هذا الوعد، الذي كان موجهًا أيضًا إلى إسرائيل، وما زال بوتين يضحك في وجهه، وكذلك نتنياهو، وينتهي به الأمر دائمًا إلى التراجع، كما يقول شعار خصومه الذي يثير حنقه بشدة: "ترامب دائمًا ما يجبن في النهاية" (Trump always chicken out).
من المؤكد أن القمة ستدخل التاريخ، ولكن ليس كما كان يأمل البيت الأبيض الترامبي، ستُسجل في السجلات كغرق للدبلوماسية الهاوية التي زرعتها محسوبية ترامب الفاسدة في الحكومة، بعد أن دمرت أفضل المؤسسات وألمع المهنيين الذين امتلكتهم دولة ديمقراطية لإدارة علاقاتها الخارجية.

هل فشلت قمة ألاسكا
وأكد باسيتيس أنه لا شيء يمكن أن يخفي حجم الفشل، يغادر بوتين مبتسمًا، دون أن ينفذ ترامب أيًا من تهديداته الغامضة، وبدون مبالغاته المعتادة التي يزين بها مآثره هذه المرة، ورفض ترامب تلقي الأسئلة ولجأ إلى عبارة لا معنى لها: "لا يوجد اتفاق حتى يكون هناك اتفاق".
وأضاف: “نحن نعرف مصدر مثل هذا التصريح، فهو محاكاة سخيفة للمفاوضات الدولية الكبرى التي يتم فيها السعي لإبرام اتفاقيات معقدة تتكون من عدة فصول يمكن إغلاقها واحدًا تلو الآخر، ولكن لا يدخل أي منها حيز التنفيذ حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي”.
لم يعد بوتين منبوذًا؛ فهو يعامل كندٍ لمن ينصّب نفسه زعيمًا للعالم الحر، دون أن يتلقى لومًا واحدًا، كجارين يلتقيان بعيدًا عن الأراضي الأوروبية، حيث تسري مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
انتكاسة ترامبية دون التوصل لاتفاقات
من الناحية السياسية، كان يمكن أن يكون الأمر أسوأ لو أسفرت القمة عن استنتاجات واتفاقات، أو حتى نوع من وقف إطلاق النار، لأن التفوق الدبلوماسي الروسي كان سيجني كل المكاسب.
من المحتمل أن يكون الضغط الأوروبي الأخير على ترامب هو ما حال دون وقوع كارثة أكبر، من هنا، لا ينبغي أن يسود الإحباط في أوروبا أمام هذه الانتكاسة الترامبية.
على الرغم من أنه لا يمكن توقع أي خير من البيت الأبيض الحالي، إلا أن قمة أنكوريج أثبتت مرة أخرى الحاجة الملحة لرد فعل أوروبي قوي في مواجهة اللامسؤولية الأمريكية المتزايدة والحتمية، إن السلام العادل والضروري لأوكرانيا هو في نهاية المطاف شأن أوروبي.

الأكثر قراءة
-
موعد نزال حمزة شيماييف 2025 والقنوات الناقلة
-
"الكورة مع ماهر": الأهلي يطمئن جماهيره برباعية نارية في فاركو
-
مدبولي يناقش تفعيل لجان حصر المناطق الخاصة بقانون الإيجار القديم
-
البؤساء.. رؤية فلسفية تتجاوز الزمن
-
الشوط الأول.. نتيجة مباراة الزمالك الآن ضد المقاولون العرب بالدوري
-
بسبب ماس كهربائي.. اندلاع حريق في شقة سكنية بأسيوط
-
أول تعليق من شقيق لاعبة الجودو دينا علاء عن سبب وفاتها الحقيقي
-
طفلة تبهر وزير الرياضة ومحافظ بورسعيد بأدائها في الكاراتيه (صور)

أخبار ذات صلة
10 دقائق على متن "الوحش".. لقاء غامض بين ترامب وبوتين في ألاسكا
16 أغسطس 2025 05:08 م
خطوط كييف الحمراء.. تسليم 11 مدينة شرط بوتين لإنهاء الحرب
16 أغسطس 2025 05:45 م
السجادة الحمراء في قمة ترامب وبوتين.. بروتوكول دبلوماسي أم رسالة سياسية؟
16 أغسطس 2025 08:13 ص
باكستان في "يوم القيامة".. السيول جرفت البيوت والبشر ونشرت الظلام
16 أغسطس 2025 11:35 ص
أكثر الكلمات انتشاراً