لماذا دبي؟
قصة قصيرة حزينة، صديقي مصري مكافح يعيش في الخارج مثل ملايين غيره، حصل على قرض شخصي بعد استقرار أموره في الدولة التي يعيش بها، وقرر استثماره في شراء شقة بكومباوند في مدينة 6 أكتوبر، كان يفترض إنشاؤه تحت مظلة نادي خبراء وزارة العدل، يطلق عليه "الربوة الهادئة".
والتزم صديقي على غرار 3000 مالكاً آخر بسداد الأقساط المستحقة، إلى أن انتهى من معظم قيمة الشقة، التي كان يفترض أن يتسلمها ويستقر بها في عام 2011.
نحن الآن في عام 2025 ولم يتسلم صديقي الشقة مثل الآلاف غيره من مالكي الوحدات بهذا المجمع السكني، منهم الذي مات، ومنهم الذي يعاني في شقة بالإيجار، ومنهم الذي عجز عن التمكن من شقة اشتراها بحر ماله لابنه أو ابنته، ومن الكوميديا السوداء في هذه الحالة أن معظم العمارات في هذا الكومباوند قائمة بالفعل، لكن تتنازع الشركة المطورة مع جهاز المدينة بخصوص الأرض، ويدفع الملاك الثمن، مكتفين بجيرة افتراضية يتبادلون فيها همومهم وأحزانهم على تطبيق "واتساب" وصفحة فيس بوك!
هناك عدد كبير من المصريين في الخارج، والداخل أيضاً وقعوا ضحية احتيال أو تعثر ولم يجدوا ظهيراً حكومياً يساعدهم على التمكن من الوحدات السكنية التي اشتروها أو يرد إليهم أموالهم على الأقل، وهذا واقع لا يمكن أن يخدم الاستثمار العقاري في دولة ضخت موارد هائلة وعظيمة في تشييد مدن جديدة ومجمعات سكنية متنوعة!!
السكن أحد عوامل الأمان الرئيسة في الحياة، وحق أصيل لكل إنسان، ومن ثم تعمل الحكومات الرشيدة على توفيره وتسهيل الحصول عليه لأبناء شعبها، كما تحرص على سن قوانين قوية ورصينة تضمن الحفاظ على ممتلكات الأفراد، وحماية استثماراتهم العقارية لأنها إما عبارة عن بيت يعيش فيه الإنسان، أو عقار يحفظ فيه مدخراته.
ومن المهم دراسة التجارب الناجحة في هذا القطاع، خصوصاً تلك التي تجذب المستثمرين من خارج الدولة، على غرار إمارة دبي في دولة الإمارات العربية، فالاستثمار العقاري بها يعد نموذجاً يمكن الاحتذاء به بما يوفره من فرص رائعة تناسب جميع الشرائح بداية من الموظفين، وصولاً إلى أثرياء هذا الكوكب.
جاذبية شراء عقار أو أكثر للسكن أو للاستثمار في دبي لم تأت من فراغ، فقد شهدت تحولاً مذهلاً في هذا الاتجاه خلال السنوات الاخيرة. في السابق كان المقيمون من غير أبناء الدولة، يفضلون استئجار الوحدات السكنية، ثم دراسة فرص شراء عقار مناسب حسب مدخراتهم أو قدرتهم على الالتزام برهن بنكي، لكن الواقع تغير كثيراً، إذ أن عدداً كبيراً من المنتقلين حديثاً إلى الإمارة يفكرون أولاً في مسألة الشراء.
السر من وجهة نظري، هو الأمان القانوني في التعاملات العقارية بدبي، وهذا أمر بالغ الأهمية، بل لعله حجر الأساس لأي مشروع نعتزم المضي فيه، فحكومة دبي تحرص على تحديث وتعزيز ضوابط البيع والشراء والتملك مثل تسجيل العقود بدائرة الأراضي والأملاك، والتأكد من صحة الوثائق والمستندات، وسداد الرسوم، وحساب الضمان الذي يحفظ أموال المشتري قبل استلام وحدته، ويحول دون تأثره بعدم التزام المطور أو تعثره، لأن الحكومة استبقت كل ذلك بغطاء مالي للمشروع يضمن استمراره.
الخلاصة، أن لا أحد يمكن أن يشعر بالقلق أو الخوف من شراء عقار على الخريطة، لأن الحكومة هي الضامنة لتنفيذ المشروع، وجميعنا يعلم أن فرص الحصول على وحدة أو منزل غير جاهز أسهل وأرخص من شراء سكن موجود وقائم.
وأخيراً أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بصفته حاكماً لإمارة دبي قانوناً مهماً لحل المنازعات الناشئة عن عقود بناء منازل المواطنين، بما يضمن التوصل سريعاً وخلال 20 يوماً فقط لتسوية ودية، أو إحالة النزاع إلى القضاء وحسمه خلال شهر واحد.
القانون قوبل بترحاب بالغ، لأنه يحل إشكاليات كبيرة، ويحد من طول أمد التقاضي، وأعلن بشكل واضح أن الهدف منه هو تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي للمواطنين الإماراتيين خصوصاً الشباب المقبلين على الزواج.
استمعت إلى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة ثورة يوليو، وعرج فيها على الاستثمار العقاري، والضمانات التي سيتم توفيرها، وهذا يدل على إلمام الرئيس الكامل بأهمية هذا القطاع وضرورة حل كل الإشكاليات المرتبطة به.
خلاصة القول، مصر تتمتع بمقومات أراها الأفضل في العالم، ومع التوسع في الاستثمار العقاري يجب أن تحمي الدولة المستثمرين، بداية من الأفراد الذين يحلمون بامتلاك شقة جديدة، وصولاً إلى الأثرياء القادرين على امتلاك أفخم الفيلات والقصور والشاليهات.. لا استثمار أو رفاهة دون قانون محكم وعدالة ناجزة وسرعة في التنفيذ..

الأكثر قراءة
-
فوضى في سوق المحمول.. رسوم الهواتف المستوردة تشعل أزمة بين التجار والعملاء
-
توقعات تنسيق طب بشري 2025 حكومي.. مؤشرات أولية
-
كادت تطرده.. السفير الإسرائيلي يثير غضب الإمارات بـ"تصرف مشين" في أبو ظبي
-
لماذا دبي؟
-
ماتوا ببطء.. مفاجأة صادمة في واقعة "أطفال المنيا"
-
قبل ما تسجل في تنسيق 2025.. قائمة الجامعات الحكومية والخاصة بالمحافظات
-
لماذا تحاصر مصر سكان غزة؟
-
ذروتها اليوم.. متى تنتهى الموجة الحارة؟

مقالات ذات صلة
الحكمة تنتصر على البلطجة
17 يوليو 2025 03:52 م
من يبتلع الإهانة لا يستحق الشفقة
11 يوليو 2025 06:40 م
قبل أن تبرد قلوبنا
01 يوليو 2025 05:48 م
دماء الملائكة.. على أسفلت الفوضى والفساد!
28 يونيو 2025 10:38 م
أكثر الكلمات انتشاراً