الثلاثاء، 29 يوليو 2025

12:08 م

من الرئيس إلى شعبه.. لماذا يهاجمون مصر؟!

هل تستحق مصر موجة الاستعداء والهجوم الشرس الذي تتعرض له حالياً، طعناً في موقفها تجاه أشقائنا في غزة؟

يجب أن نفصل بين مشهدين رئيسين في هذه المأساة الإنسانية التي لن تمحى من ذاكرة هذا الكوكب البائس، الأول معاناة أهل غزة من عملية تجويع ممنهجة الهدف منها إجبارهم على مغادرة وطنهم، إلى دول أخرى نسقت سراً مع إسرائيل، وما صاحب ذلك من استهداف مباشر لأبناء هذا الشعب الأبي أثناء محاولة حصولهم على الطعام في ظروف توجع قلب وضمير كل شخص لديه ذرة من إنسانية.

أما المشهد الثاني فيتمثل في موجة الهجوم الشرسة التي تستهدف مصر حالياً، والتي وصلت إلى درجة محاصرة السفارات المصرية في دول عدة بالمظاهرات والسلاسل، وتشويه دورها إزاء القضية الفلسطينية، واتهامها بالمشاركة في مضاعفة معاناة أهل غزة بإغلاق معبر رفح!

هناك أحداث وأوقات لا تحتمل النفاق أو الدعاية المضللة "البروباجندا" مثل القضية التي نتحدث عنها، فنحن ترفاً يمكن أن نقول أننا نجد صعوبة في النوم، وتراودنا الكوابيس بسبب المشاهد المفزعة التي نراها، وكأننا نعاين بروفة من يوم القيامة، حين يتزاحم الآلاف من الفلسطينيين، بينهم الشيوخ والنساء الأطفال حول شاحنات الأغذية، وقد ظهر عليهم النحول والبؤس والجوع

من العار حين نشاهد ذلك أن ننبري في الدفاع عن سياسة أو موقف أو حكومة، أو نكذب وندلس حول ما تقدمه أو لا تقدمه بلادنا ، فهناك بشر يموتون من الجوع، ويتم تصفيتهم بدم بادر من أكثر أهل الأرض شراًَ في هذا الزمن!

لذا ارتأيت الفصل بين المشهدين، وإن كانا يلتقيان في نقطة واحدة، لأنني لا اتخيل أن يتصور عاقل تواطؤ مصر في ترسيخ معاناة أهلنا في فلسطين، خصوصاً بعد موقف بلادنا الواضح من التهجير، لأنها لم يكن ضمنياً أو سرياً أو خجولاً.

رئيس مصر رفض التهجير في تصريح واضح أمام العالم كله، بل تجاهل دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لزيارة الولايات المتحدة، في وقت كان يتمنى كثيرون الحج إلى البيت الأبيض!

هذا موقف مشهود، وأنا شخصياً اراه طبيعياً دون مبالغة أو تهليل، فليس من المنطقي أن توافق دولة ذات سيادة أن يتم تهجير شعب آخر إلى أرضها قسراً واقتداراً، لكن لا يمكن في المقابل أن ينكر أحدهم على بلادنا ذلك، خصوصاً وأن كثيراً من الأبواق المعادية كانت تروج لفكرة أن القيادة المصرية وافقت سراً على مخطط التجهيز بل واعدت الارض لذلك!

وفيما يتعلق بإغلاق المعبر، لن انقل أي وجهة مصرية في هذا الشأن، لأنني لن أزايد على شعب يعاني، لكن شاهدت فيديو لشاب فلسطيني يتحدث من غزة في هذا الجانب، ويلخص الجدل في كلمتين، معبر رفح له بوابتان، أحدهما في الجانب المصري والأخر في الأراضي الفلسطينية تسيطر عليها قوات الاحتلال، فكيف يمكن لمصر أن تتحكم في دخول، وكيف تتحمل بمفردها المسؤولية، إلا إذا كانوا يريدون أن تدخل في صدام مباشر مع إسرائيل، وهذا مع احترامي للجميع، قرار سيادي له انعكاس مباشر على الأمن القومي والشعب المصري، ولا يحق لأحد كائناً من كان أن يفرضه علينا.

الرئيس عبدالفتاح السيسي كان حاسماً في كلمته، واستوقفني كثيراً حرصه على تقديم المصريين في حديثه، بقوله " كلمتي موجهة للمصريين أولاً، اوعوا تتصوروا أننا ممكن نقوم بدور سلبي تجاه الأشقاء الفلسطينيين، دورنا محترم ومخلص وشريف، وموقفنا ثابت لا يتغير. تجاه التهجير، ولم نتوقف عن تقديم المساعدات أو الحديث عنها.

لقد تحدث الرئيس بعد مناشدة من كثيرين، حسبما ذكر في كلمته المهمة، وهذا أمر جيد حتى تتضح الصورة للجميع خصوصاً من أبناء هذا الشعب الذين طالما قدموا تضحيات واستقبلوا ملايين الضيوف من كل الدول دون شكوى أو تذمر.

الاتهامات المتكررة والتصرفات المسيئة التي تتعرض لها مصر، لا يمكن أن تشكل ضغوطاً على موقفها، أو تشوه جهود لم تتوقف على مدار عقود، سواء في تقديم المساعدات، أو استقبال المصابين من أبناء الشعب الفلسطيني أو التصدي لمخطط التهجير، أو التجهيز لخطة إعمار غزة حال انتهاء هذا العدوان الغاشم.

نحن نشعر بمعاناة أهلنا في غزة، ونتألم لألمهم، ولا نبالي بمحاولات التقليل من دور بلادنا، فلسنا الطرف الذي يتاجر بالقضية أو يسترزق منها سياسياً ومادياً، وكما ذكر الرئيس لغزة أربعة أبواب أخرى، ومن يحاصر سفاراتنا في الخارج، نذكرهم بأن لإسرائيل سفارات لم يجرؤ أحدهم على الاقتراب منها! 

title

مقالات ذات صلة

search