السبت، 16 أغسطس 2025

03:13 م

قمة ألاسكا.. ما الثمار التي ينتظرها بوتين وترامب؟

بوتين وترامب

بوتين وترامب

كشف أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بونتيفيشيا دي كوميلاس، وعضو المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وعضو اللجنة الإسبانية للأونروا خيسوس نونيث فيلافيردي، أن الشيء الوحيد الذي لا يمكن توقعه من قمة دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، يوم الجمعة في ألاسكا، هو الإعلان عن اتفاق سلام لأوكرانيا، أو ظهور فولوديمير زيلينسكي أو أي من قادة الاتحاد الأوروبي. وكل ما عدا ذلك يبقى مرهونًا بما يقرره، في ممارسة صارخة للإمبريالية، رجلٌ ملاحَق من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وآخر هو مجرم مُدان (بالإضافة إلى كونه انقلابياً في النوايا).

فوائد بوتين من قمة ألاسكا

وأكد فيلافيردي، في مقاله بصحيفة البايس الإسبانية، أنه بعد سبع سنوات من آخر لقاء شخصي لهما، يصل بوتين وترامب إلى أنكوريج ليس فقط بأهداف متباينة، بل وبإحساس مختلف بإلحاح الوقت.

يشعر بوتين بالإحباط لعدم تمكنه من حسم "عمليته العسكرية الخاصة" في أوكرانيا منذ زمن طويل. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن قواته تواصل التقدم على الأرض وأن اقتصاده لا يزال يقاوم عقوبات المجتمع الدولي، فإنه ما يزال مقتنعًا بأن الوقت لا يزال في صالحه. اليوم، خوفه الأكبر ليس ذا طبيعة عسكرية، بل اقتصادية.

من ناحية، يخشى أن يقرر حلفاء كييف الغربيون أخيرًا مصادرة الأموال المجمدة لديه منذ بدء الغزو (حوالي 300 مليار دولار) واستخدامها لتمويل المقاومة العسكرية الأوكرانية إلى درجة تجعل رهانه الحربي غير مجدٍ.

ومن ناحية أخرى، يؤرقه احتمال أن تفرض واشنطن في نهاية المطاف رسومًا جمركية عقابية مرتفعة على الصين والهند، بهدف قطع شرياني الدعم الاقتصادي والتكنولوجي الرئيسيين لموسكو. 

وهو يرى أنه، لمنع ذلك، يكفيه أن يكون ترامب إلى جانبه، متظاهرًا برغبة غامضة في التفاوض لا تُلزمه بشيء في العمق، وتسمح له بالحفاظ على المبادرة الاستراتيجية على الأرض.

ماذا يريد ترامب؟

بعبارة أخرى، في ظل هذه الظروف، لا يحتاج بوتين إلى اتفاق على المدى القصير، لكنه مستعد لمجاراة ترامب، الذي يواجه ضغوطًا من عاملين؛ الأول هو حساب جيوسياسي مرتبط بحاجة الولايات المتحدة إلى تحرير الموارد من مناطق لا تتعلق بمصالحها الحيوية (مثل أوكرانيا) لمواجهة التحدي الذي تفرضه الصين كمنافس استراتيجي رئيسي على الهيمنة العالمية.

أما العامل الثاني، الذي يستجيب مباشرة لنرجسيته المهووسة، فينبع من قناعته بأن التوصل إلى اتفاق مع بوتين بشأن أوكرانيا – أياً كان هذا الاتفاق، حتى لو كان بعيدًا كل البعد عما يمكن أن تعتبره كييف وبروكسل اتفاقًا عادلًا ودائمًا – يضمن له الحصول على جائزة نوبل للسلام، التي يعتبر نفسه جديرًا بها.

لهذا السبب، ومما يزيد من قلق زيلينسكي اليائس، واتحاد أوروبي يزداد خضوعًا لإملاءات واشنطن، قد يخرج "شيء ما" من ألاسكا، أي شيء يمكن للزعيمين تقديمه كدليل مزعوم على حبهما للسلام؛ حتى لو كان مجرد وقف مؤقت وغامض للأعمال العدائية، دون إجبار بوتين على التخلي عن أي من مطالبه القصوى (تحقيق تنازل كييف عن جزء من أراضيها وعن الانضمام إلى الناتو، وخفض قدرتها العسكرية إلى المستوى الذي تراه موسكو مناسبًا).

موقف أوكرانيا من قمة ألاسكا

كلاهما يعتقد أن مثل هذه اللفتة ستضع زيلينسكي على الفور في صورة "عدو السلام" – الذي يتهمه ترامب بأنه من بدأ الصراع، وبوتين لا يعترف به حتى كمحاور صالح – حيث سيضطر إلى رفض ما قرراه.

من جانبه، يمكن لبوتين أن يواصل حلمه بالعودة كلاعب عظيم على الساحة الدولية، وبرؤية روسيا متحررة من العقوبات وأوكرانيا راسية في الفلك الروسي؛ بينما يمكن لترامب أن يحلم هو الآخر برؤية العالم يهتف له كأفضل مفاوض وصانع سلام على الكوكب.

بين هذا وذاك، يقف زيلينسكي، الذي يتعرض لانتقادات متزايدة من الداخل، دون موارد ذاتية لكسر سيناريو يحوله بالفعل إلى قطعة يمكن التخلص منها على المدى القصير.

جهوده المضنية لمقاومة الحقائق الناتجة عن قيوده الخاصة، وعدم رغبة حلفائه في تجاوز ما ترسمه واشنطن، لا تسمح له بالهروب من القناعة السائدة بأنه سيتعين عليه في النهاية قبول خسارة إقليمية كبيرة؛ فالحديث عن "تبادل" الأراضي ليس سوى إحدى المغالطات التي تروج لها واشنطن وموسكو، في حين أن دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا كلها أراضٍ أوكرانية.

كما أن الاتحاد الأوروبي لا يصل إلى هذه النقطة في وضع أفضل، حيث يلتزم باستراتيجية تبدو مقتصرة على عدم إغضاب الساكن غريب الأطوار للبيت الأبيض، حتى لو كان ذلك يدمر حلمه في أن يصبح يومًا ما لاعبًا عالميًا حقيقيًا. 

وإذا تمت دعوته غدًا، مع زيلينسكي، للمشاركة في اجتماع جديد إلى جانب ترامب وبوتين، فسيكون ذلك فقط للمصادقة على ما يقرره هذان الزعيمان بناءً على مصالحهما الخاصة.

search