الإثنين، 08 سبتمبر 2025

10:22 م

سامح مبروك
A A

الكائن المرموط| خارج حدود الأدب

ملحوظة 1: جميع المعلومات الواردة في هذا المقال لا تتعلّق بأشخاص أو بمؤسسات أو أماكن حقيقية، إنما هي فقط من وحي خيال الكاتب المريض.
ملحوظة 2: المريض تعوَّد على الكاتب.

بالتأكيد يا صديقي، أثناء إبحارك اليومي في موجات الفيديوهات القصيرة، التي تُسمَّى "ريلز" أو "شورتس"، قد صادفت ذلك الكائن اللطيف الذي يشبه إلى حدٍّ كبير السناجب، إلا أنّه أكبر بقليل.
رأيته يقف على قائميه الخلفيَّين، ويفتح ذراعيه الصغيرتين، ويصرخ بشكلٍ يُثير الضحك والدهشة في آنٍ واحد.

ولعلَّ الأكثر طرافة في هذا الكائن هو اسمه، فاسمه "المرموط". ومنذ أن انتشرت تلك المقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الكائن المرموط نجمًا دائم الظهور في العديد من المناسبات. لذلك، فقد قررت اليوم أن أصطحبك يا صديقي في رحلة قصيرة، تُشبه برنامج عالم الحيوان، لتتعرّف معي على هذا الكائن المرموط.

علميًّا، يُعتبر الكائن المرموط من الثدييّات، وعلى الرغم من ذلك فهو – خلافًا لبني جنسه – يُعَدّ من ذوات الدم البارد "جدًّا"، والثقيل "جدًّا جدًّا". وللمصادفة، وعلى خلاف معظم الثدييات أيضًا، يبيض الكائن المرموط. ولكن ليس فقط بغرض التكاثر، فهو – في الحقيقة – يبيض بلا هدف.

ويتغذّى الكائن المرموط على البيض أيضًا، ممّا يجعل للبيض دورًا محوريًّا في حياة هذا الكائن. وتنتشر فصائل متنوّعة من هذا الكائن في بعض الأماكن ببرّ مصر. ويظهر بكثرة على الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي، وينشط موسم تزاوج الكائن المرموط كلَّ ليلة أمام الكاميرات، وبعد الأحداث الرياضيّة المحليّة الهامّة.

وقد ظهرت العديد من الفصائل والأنواع من هذا الكائن. فمنها قصيرُ القامة، سمجُ الطلّة، ثقيلُ الدم. ومنها قصيرُ النظر، الأبلهُ، طويلُ اللسان، ثقيلُ الوزن. ومنها قصيرُ الشعر، ضخمُ الجثّة، عريضُ المنكبين، صاحبُ المساحة الصوتيّة الضخمة. ومنها الفصيلة صاحبةُ الصوت الرخيم، والشخصيّة الأرخم، والتي تسكن دائمًا في المقص. وغيرها من الفصائل المتنوّعة الآخذة في الانتشار.

ومنذ أن انطلقت شرارة الشهرة في حياة هذا الكائن، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي شغفه الأوّل والوحيد، وبات "الريتش" أسمى أمانيه. فصار، بكل فصائله، يقضي الساعات من يومه أمام الكاميرات، ينبش عن مواهبه المزعومة والمدفونة، بحثًا عن إعجابٍ أو تعليق.

وعلى الرغم من أن الظهور الأوّل لهذا الكائن كان لطيفًا ومضحكًا، إلّا أن شغفه المَرضي بالشهرة، وإصراره على التحوّل إلى مسخٍ حيواني يستجدي "الترند"، جعلا في ظهوره المتكرّر خطورةً بالغةً على حياة الجنس البشري.
فقد أثبتت أحدث الدراسات العلميّة غير المؤكّدة أن وجود هذا الكائن على الشاشات يهدّد حياة آلاف، بل ملايين البشر، بعد تسبُّبه في انتشار العديد من حالات العُقم، والجلطات، والسكتات الدماغيّة والقلبيّة، ناهيك عن فَقْع المرارة المحتمل – للذُّكور فقط– بسبب مشاهدة ذلك الكائن باستمرار.

لذلك، نُهيب بأجهزة حماية الصحّة النفسيّة والعقليّة للحيوان والإنسان في مصر، أن تقوم بدورها العادل والناجز تجاه تلك الظاهرة.
وكما قامت أجهزة الشرطة بتقييد انتشار صنّاع المحتوى المشبوه على "تيك توك"، وحدّت من انتشار البلطجة في الشوارع، فإنّنا نُطالبها بسرعة العمل على منع انتشار ظاهرة "المراميط" المؤذية.

وأنت يا صديقي، عليك أن تعتبر من هذه الكائنات، ولا تحاول أن تُقلّدها. فمِن السهل أن تُصبح مرموطًا، ولكن مِن الصعب أن تبقى إنسانًا، في وسط هذا الكمّ من "المرمطة" التي صارت "خارج حدود الأدب".

search