بيبو والمعلم.. نموذج استثنائي للروح الرياضية تخطى حدود الملاعب

محمود الخطيب وحسن شحاتة
تظل المقارنة بين محمود الخطيب وحسن شحاتة واحدة من أبرز القضايا الجدلية في تاريخ الكرة المصرية، ليس فقط لأنهما من أعظم ما أنجبت الملاعب، بل لأن كليهما ارتبط بإنجازات تاريخية وبصمات خالدة تركت أثرًا لا يُمحى في قلوب جماهير الأهلي والزمالك، لكنها لم تُفسد العلاقة التاريخية الطيبة بين الأسطورتين أبدًا.
“بيبو” يُعد أحد أعظم لاعبي الأهلي والمنتخب الوطني، إذ تألق في مركز المهاجم وصانع الألعاب، ونجح في تسجيل أكثر من 150 هدفًا خلال مسيرته.
كما حصد جائزة أفضل لاعب في إفريقيا عام 1983، ليكون أول مصري يتوَّج بهذا اللقب. عُرف بمهاراته وأهدافه الحاسمة، إضافة إلى شخصيته الهادئة وأخلاقه خارج الملعب.
في المقابل، “المعلّم” الذي تألق لاعبًا مع الزمالك ومنتخب مصر، ثم حقق نجاحًا تاريخيًا كمدرب للفراعنة، إذ قاد المنتخب للفوز بثلاثة ألقاب متتالية في كأس الأمم الإفريقية أعوام 2006 و2008 و2010، وهو إنجاز غير مسبوق.
وتباينت الآراء بين الجماهير لسنوات، فهناك من يعتبر الخطيب رمزًا للموهبة والإبداع داخل الملعب، بينما يرى آخرون أن شحاتة يتفوّق بإنجازاته التاريخية على المستوى التدريبي، غير أن الجميع يُجمع على أن مكانة كل منهما تبقى استثنائية في سجل الكرة المصرية، كلٌّ في مجاله.
مقارنة غير حقيقية
ورغم الحديث الدائم عن المقارنة بين حسن شحاتة والخطيب باعتبارهما من أكبر نجمين في مصر، فإن أسطورة القلعة البيضاء علّق على تلك المقارنة وعلى ما يُثار حول شعوره بالغيرة من النجم التاريخي للقلعة الحمراء، خاصة أن الخطيب حقق مع الأهلي خمس بطولات إفريقية وأكثر من 15 بطولة محلية، بينما هو، مع الزمالك خلال 17 عامًا، لم يحقق سوى بطولة دوري واحدة وثلاث بطولات كأس.
فأجاب قائلًا: “النجم الذي يغار من نجم آخر أو يحقد عليه لا يمكن أن يكون نجمًا حقيقيًا، وليس لديَّ استعداد أن أقول إنني والخطيب أكبر نجمين في مصر، ثم أُظهر الغيرة منه بسبب ما حققه من بطولات.”
وأضاف: “نعم، الخطيب حقق بطولات محلية وإفريقية كثيرة مع الأهلي، أما أنا فقد قضيت مع الزمالك من عام 1973 إلى 1982، أي نحو تسع أو عشر سنوات، فزت خلالها ببطولة دوري مرة واحدة وببطولة الكأس ثلاث مرات فقط.”
وتابع: “بينما محمود الخطيب، وهو أصغر مني، استمر مع الأهلي الذي كان يحقق بطولات محلية وإفريقية باستمرار، وكان ضمن الفريق الذي أحرز تلك الإنجازات. فهل من الطبيعي أن أغار منه؟ بالتأكيد لا.”
وأتم: “مثل هذا الكلام عادة لا يصدر عن اللاعبين ولا عن الأصدقاء، بل يردده بعض النقاد أو الصحفيين. أما بيننا نحن اللاعبين، فلا وجود لهذه الأحاديث.”
استغراب الحكم الأجنبي
ورغم الصراع الدائم بين الأهلي والزمالك على مستوى المنافسة وبين الجماهير، فإن المواقف التاريخية بين الثنائي جسّدت أرقى معاني الروح الرياضية.
ومن أبرز تلك المواقف ما حدث في إحدى مباريات القمة، حين كان الزمالك على وشك بدء المباراة والملعب ممتلئ بالجماهير من كلا الجانبين.
بدأت بعض الهتافات المسيئة تُوجَّه لنجم الزمالك حسن شحاتة، ولم يتردد الخطيب حينها في التدخل.

توجّه الخطيب إلى ملعب الزمالك رغم استغراب الحكم الأجنبي، واصطحب حسن شحاتة معه نحو جماهير الأهلي، وصفق الاثنان للجماهير، ثم توجها معًا إلى جماهير الزمالك فبادلتهما التحية.
كان المشهد مؤثرًا، إذ جسّد معنى الروح الرياضية الحقيقية؛ الخطيب نجم مصر يتقدّم بحسن شحاتة نجم مصر الآخر، ليؤكد أن التنافس لا يُلغي الاحترام.
“ليست حربًا”
وقال الخطيب عن تلك اللقطة: “كان هناك صراع بين الأهلي والزمالك، لكن لم يصل أبدًا في الفترات التي نتحدث عنها إلى ما يُشين أو يُعكر العلاقة ويجعلها غير طيبة، إذ أعتز بالعلاقة مع حسن شحاتة.”
وأضاف: “كانت الأندية كلها تضم نجومًا كبارًا في وقت واحد، كل واحد منهم كان مميزًا في شيء ما، حتى إنه كان من الصعب المقارنة بينهم.”
وتابع: “المحلة، والمنصورة، والإسماعيلي، وبورسعيد، والسويس، والترسانة، كل الأندية كانت تضم مواهب كثيرة جدًا، حتى إنك عندما تذهب لأي مباراة تشعر أنها غير مضمونة على الإطلاق.”
وواصل: “هذا الوضع بدأ يقلّ بعض الشيء مع الوقت، لكن اللاعب الذي ينجح في الوصول كان يعتمد على قدراته ومواهبه، إلى جانب أخلاقه وثقته بالله، وهي قيم عظيمة لا تُقدَّر بثمن.”
وأكمل: “اللاعبون بالفعل أصدقاء مقربون، حتى وإن تنافسوا داخل الملعب. فالمنافسة معروفة، لكنها لا تتحول إلى عداوة.”
وتابع: “نحن شعوب طيبة، حتى لو غضبنا أو شدّتنا المنافسة، ومع قوة الانتماء، لا يجب أن يصل الأمر إلى الأذى. وهذا ما كنا نحرص عليه دائمًا.”
وأتم: “لذلك أرى أن اللاعب يجب أن يكون له دور داخل الملعب، ليس فقط في الأداء الكروي، بل أيضًا في تقديم قيمة ورسالة. الرياضة منافسة، نعم، لكنها ليست حربًا.”
اعتزال بيبو
شهدت مباراة اعتزال الخطيب واحدة من أكثر اللحظات الرائعة في تاريخ كرة القدم المصرية والعربية، إذ التقى في هذا اليوم فريق يضم نجوم الأهلي والزمالك مع منتخب مكوَّن من أبرز نجوم الكرة العربية، وسط حضور جماهيري غير مسبوق تخطى حاجز 50 ألف متفرج في المدرجات، في مشهد لا يُنسى.
لم تكن المباراة مجرد وداع لأسطورة، بل تحولت إلى مهرجان كروي عنوانه الروح الرياضية، إذ ارتدى الخطيب قميص الزمالك في بداية اللقاء، قبل أن يستبدله لاحقًا بقميص الأهلي.
وفي المقابل، خطف أسطورتا الزمالك حسن شحاتة وفاروق جعفر الأنظار حين ارتديا قميص الأهلي، في لفتة رمزية عكست حجم المحبة والتقدير المتبادل بين رموز الناديين الكبيرين.
فالمباراة لم تكن مجرد حدث رياضي، بل مناسبة لتجسيد معنى الروح الرياضية بين قطبي الكرة المصرية.

تكريم أسطورة الزمالك في قلب الأهلي
وفي عام 2022، استضاف النادي الأهلي بمقره بالجزيرة حفل إفطار جماعي، وجّه خلاله الدعوة لعدد من أبرز رموز الرياضة المصرية، وذلك في إطار تكريمهم والاحتفاء بمسيرتهم وما قدموه للرياضة المصرية.
وشهد مقر النادي حضورًا لافتًا لأسطورة الكرة المصرية حسن شحاتة، الذي لبّى الدعوة للمشاركة في احتفالية نظمتها إدارة النادي في إطار برنامج "رد الجميل" برعاية محمود الخطيب.

ونشر طارق قنديل، عضو مجلس إدارة الأهلي حينها، صورًا توثق الزيارة عبر حسابه الرسمي على موقع "فيس بوك"، مؤكداً أن اللقاء كان بمثابة رسالة قوية لإحياء قيم الروح الرياضية التي طالما ميزت الكرة المصرية.

وشهدت الاحتفالية تكريم “المعلم” حسن شحاتة إلى جانب عدد من رموز الرياضة، من بينهم هشام يكن نجم الزمالك السابق، والدكتور حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد، وعلي خليل نجم الزمالك السابق، وعصام عبد المنعم رئيس اتحاد الكرة الأسبق، إضافة إلى فتحي نصير لاعب ومدرب الأهلي السابق، وأسرة الراحل محمد عبد الوهاب، ومحمد عباس نجم الأهلي السابق.
زيارة “المعلم”
واليوم، نشر كريم حسن شحاتة، نجل المدير الفني التاريخي لمنتخب مصر، صورًا من زيارة محمود الخطيب، رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي، لوالده في المستشفى.
وكان حسن شحاتة قد أجرى عملية جراحية خلال شهر يوليو الماضي بعد تعرضه لوعكة صحية، وما زال يتلقى الرعاية الطبية اللازمة.
وشهد صباح اليوم الاثنين تواجد محمود الخطيب بالمستشفى للاطمئنان على حالة شحاتة الصحية ومتابعة تطورات تعافيه، في لفتة إنسانية لاقت تفاعلًا واسعًا بين جماهير الأهلي والزمالك على السواء.


وهكذا، تظل العلاقة بين محمود الخطيب وحسن شحاتة نموذجًا استثنائيًا يجسّد المعنى الحقيقي للروح الرياضية في الكرة المصرية.
ورغم المنافسة التاريخية بين الأهلي والزمالك، فإن المواقف التي جمعت الثنائي عبر السنين أكدت أن الاحترام المتبادل يعلو فوق الصراع داخل المستطيل الأخضر، ليؤكدا أنهما ليسا رمزين كرويين فقط، بل قدوة في الأخلاق والاحترام.

الأكثر قراءة
-
على طريق الغدر.. التفاصيل الكاملة للتخلص من سائق على يد زميله في العمل
-
اتصور مع الأمن.. الحقيقة الكاملة لصورة مرشح داخل مجمع الأقصر الطبي
-
مصور "الفعل الفاضح": كان هيتسبب في كارثة على المحور
-
كرم ضيافة يليق بالرئيس السادات
-
6 أشهر في الشارع.. سيدة أجنبية تستغيث: "ابني طردني وجواز السفر اتسرق"
-
منصة الإيجار القديم 2025 تنطلق رسميًا.. إليك الرابط وطريقة التقديم
-
أبطال في الكورة والحرب.. نجوم شاركوا بملحمة أكتوبر أبرزهم من الأهلي والزمالك
-
برشلونة يسقط برباعية أمام إشبيلية بالدوري الإسباني

أخبار ذات صلة
لماذا اختار السادات حلمي البلك لإذاعة بيان نصر أكتوبر؟
06 أكتوبر 2025 05:43 م
"يا طبول دقي للنصر".. السمسمية تتحرّر من الهزيمة
06 أكتوبر 2025 03:46 م
قصة عمرو طلبة.. العميل النائم الذي رفع العلم في قلب العدو
06 أكتوبر 2025 03:40 م
أسباب أزمة الإسماعيلي في الدوري الممتاز.. و"روشتة العلاج"
06 أكتوبر 2025 03:29 م
أكثر الكلمات انتشاراً