الموديلات والوديعة عراقيل "فرملت" مبادرة سيارات المصريين بالخارج

فوجئ عدد من المصريين بالخارج من المشاركين في “مبادرة استيراد السيارات” التي أطلقتها الوزارة المالية عام 2023، بعدد من المشكلات، عرقلت الاستيراد.

غياب الموديلات الجديدة من الفئات الفارهة

أبرز هذه العراقيل كان زيادة مبالغ الوديعة المقرر وضعها في البنوك مقابل الحصول على إعفاءات جمركية، إضافة إلى غياب الموديلات الجديدة من الفئات الفارهة مثل سيارات رنج روفر ومرسيدس، فضلًا عن أن موقع المبادرة لم يحدد الفروق التي يجب سدادها في حالة استيراد سيارات موديلات حديثة.

ويتابع العديد من المصريين بالخارج المتقدمين للحصول على الإعفاءات الجمركية مقابل الوديعة، الأمر وسط حالة من الارتباك والتساؤلات حول مصير طلبات دخول السيارات العالقة، والتي قام أصحابها بتحويل مبالغ دولارية كوديعة باسم وزارة المالية المصرية، في وقت كانوا قد قرروا تأجيل عملية استيراد سياراتهم.

مطالبات بدفع مبالغ مضاعفة

وتفاجأ المصريون بالخارج الذين حصلوا على خطابات بإمكانية استيراد سيارات ضمن المبادرة، وسددوا قيمة الودائع، بمطالبات جديدة ودفع مبالغ مضاعفة مع بدء عملية استيراد السيارات، وذلك مقارنة بالأرقام المعلنة على الموقع الرسمي للمبادرة، فضلًا عن عدم وضوح القيم المطلوب سدادها في حالة استيراد السيارات الحديثة، خاصة أن المبادرة كانت قد حددت الموديلات حتى عام 2020 فقط.

شكاوى من مضاعفة مبالغ الوديعة

وبحسب شكاوى تلقتها “تليجراف مصر”، أكد عدد من المتقدمين للمبادرة أن مبالغ الودائع ارتفعت إلى الضعف دون أي إعلان رسمي أو تحديث عبر الموقع الإلكتروني، إلى جانب عدم ظهور قيمة الفروق التي يجب سدادها في حالة استيراد سيارة حديثة على المنصة الخاصة بالمبادرة، ما تسبب في ارتباك شديد بين المستفيدين.

وقال أحد المشاركين في المبادرة إنه يرغب في استيراد سيارة من طراز رنج روفر موديل 2025 ودفع وديعة بقيمة 94 ألف دولار وفقًا للموقع الرسمي، لكنه فوجئ بطلب جديد من الجهات الحكومية المسؤولة عن المبادرة بسداد مبلغ مماثل للوديعة السابقة، مشيرًا إلى أن مسؤولي الخط الساخن برروا الزيادة بأنها تعود إلى فروق أسعار الموديلات الحديثة.

فيما أكد آخرون أن المسؤولين عن المبادرة رفضوا تحديد قيمة وديعة سياراتهم الحديثة غير الموجودة على منصة المبادرة لحين استيرادها فعليًا إلى مصر، على أن يتم تحديد قيمة الوديعة عقب انتهاء عملية الاستيراد والتقييم والتسعير.

وأضاف أن المنصة الخاصة بمبادرة سيارات المصريين في الخارج تتضمن قيم ومبالغ الودائع التي يجب سدادها مقابل استيراد السيارات، لكن السيارات الموجودة تعود موديلاتها إلى عام 2020، وفي حالة الرغبة في استيراد سيارة حديثة موديلات 2025 أو ما بعدها، فإنها غير متوفرة على المنصة.

وأكد أنه عند الاتصال بالخط الساخن لخدمة العملاء في المبادرة، طُلب منه شراء السيارة الحديثة أولًا، على أن يتم تحديد القيمة بعد ذلك، مؤكدًا أنه فوجئ بالمبالغة في قيمة الوديعة التي ارتفعت إلى الضعف تقريبًا.

وأضاف الشاكي أن هذه الفروق “لم تكن مذكورة أو موضحة ضمن شروط المبادرة ولا على المنصة الخاصة بمبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج، ولم يتم إخطار أي من المتقدمين مسبقًا بوجود تعديل في قيمة الوديعة أو قواعد التسعير”، مؤكدًا أن عشرات الحالات المماثلة واجهت الأزمة نفسها.

وأجرت “تليجراف مصر” اتصالًا بالخط الساخن لمبادرة استيراد المصريين في الخارج للاستفسار عن أسباب عدم وجود سيارات موديلات حديثة لبعض الفئات، وقال مسؤول خدمة العملاء: “فيما يخص عدم وجود سيارات موديلات 2025 أو 2026، يمكن للمصري في الخارج إضافة أي نوع من السيارات وأي موديل موجود في الأسواق، ويتم تحديد قيمة الإعفاء المطلوب بناءً على سعرها عبر المنصة، على أن يسدد العميل الفروق المالية لاستكمال عملية الاستيراد”.

في المقابل، نفى مصريون في الخارج ذلك الأمر تمامًا، وأكدوا أن السيارات غير المتوفرة على منصة المبادرة غير محدد لها قيمة وديعة، وأن الرد من خدمة العملاء يدور حول تقييم السيارة بعد انتهاء عملية الاستيراد، ما يعني أن المصري "مستورد السيارة" يقوم بالاستيراد وإدخالها إلى مصر دون معرفة قيمة الوديعة مسبقًا، ثم يتفاجأ بالمبالغ المطلوبة أو تُحجز السيارة في الجمارك.

تضارب في الضوابط وتراجع عن الوعود

تعرضت مبادرة استيراد سيارات المصريين في الخارج منذ إطلاقها في عام 2023 تحت مسمى “قانون تيسيرات استيراد سيارات المصريين بالخارج” لضغوط وانتقادات بسبب التعديلات التي مست جوهرها، فبعد أن تم الإعلان عن إمكانية استيراد أي طراز سيارة مع إعفاءات جمركية مقابل وديعة تُسترد بعد خمس سنوات، تغيرت الضوابط أكثر من مرة، منها إلغاء شرط بقاء الوديعة في الحساب البنكي لمدة ثلاثة أشهر قبل التسجيل، ثم توقف التطبيق الإلكتروني للمبادرة لفترات متقطعة، ما خلق حالة من الغموض والمخاوف لدى كثير من المستفيدين.

مصدر: الوكلاء خارج المشهد تمامًا

كشف مصدر مطلع بأحد توكيلات السيارات الكبرى أن وكلاء السيارات في مصر ليس لهم علاقة بالمبادرة نهائيًا، مؤكدًا أن عملية الاستيراد تتم مباشرة من جانب العميل دون تدخل من الشركات المحلية.

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن المبادرة “افتقدت منذ البداية إلى الوضوح في بعض البنود، خاصة فيما يتعلق بسنة الموديل والفئة السعرية، كما أن توحيد مبلغ الوديعة لجميع الفئات والموديلات أمر غير منطقي”، لافتًا إلى أن الفجوة بين المبالغ المعلنة على الموقع الرسمي والمبالغ الفعلية المطلوبة لاستلام السيارات “فاقمت الأزمة الحالية”.

واقترح أن يتم تقسيم السيارات إلى ثلاث فئات رئيسية: اقتصادية ومتعددة الاستخدام وفاخرة، على أن يُحدد مبلغ الوديعة لكل فئة وموديل بشكل منفصل، لتجنب تضارب الأسعار وحماية المستهلكين من المفاجآت المالية بعد شراء سياراتهم.

ما أسباب ارتفاع قيمة الوديعة المطلوبة لاستيراد سيارات المصريين في الخارج؟

من جانبه، قال مستشار وزير المالية لشؤون الجمارك، مجدي عبدالعزيز، إن الأزمة الحالية ترتبط بتغيرات سعر الصرف والظروف الاقتصادية في الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن “من دفعوا ودائعهم في عامي 2022 و2023 فعلوا ذلك وقت كانت الأسعار والدولار في مستويات مختلفة تمامًا”، فضلًا عن أن السيارات التي كان مسموحًا باستيرادها تعود لعام 2020.

وفي عام 2023، كان سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يتراوح بين 25 و30 جنيهًا، بينما ارتفع في عام 2024 مع قرار تحريك سعر الصرف في مارس إلى 48 جنيهًا كمتوسط سعر للدولار حتى الآن.

وأضاف مستشار وزير المالية أن من قاموا بتأجيل عملية الشراء حتى عام 2025 “تأثروا بارتفاع سعر الدولار وأزمة الأوفر برايس، بالتالي أصبح فارق السعر كبيرًا”، مؤكدًا أن الموديلات الحديثة تتغير أسعارها بين الحين والآخر، بالتالي فإن قيمة الوديعة ليست ثابتة ويتم تحديدها وقت تقديم طلب الشراء.

وتابع أن المواطن الذي يقرر شراء موديل حديث مضطر لسداد فروق السعر وفروق الجمارك كوديعة بسبب ارتفاع أسعار الدولار واختلاف أسعار السيارات.

وأكد عبدالعزيز أن المبادرة حققت بالفعل هدفها الأساسي المتمثل في توفير العملة الصعبة، حيث أدخلت إلى السوق أكثر من مليار دولار قبل تجميدها، موضحًا أن المبادرة توقفت رسميًا في 29 أبريل 2024 بعد أن حققت حصيلة إجمالية بلغت نحو 2 مليار دولار، وتم الإفراج عن 47 ألف سيارة من خلالها، بينها 26 ألف سيارة خلال عام 2024 فقط.

مبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج

واستهدفت المبادرة تمكين المصريين المقيمين بالخارج من استيراد سيارات شخصية معفاة من الضرائب والجمارك، مقابل إيداع جزء من قيمة الضرائب المستحقة في حساب مصرفي بالدولار لمدة خمس سنوات، تُسترد بعدها بالجنيه المصري بسعر الصرف الرسمي وقت الاسترداد.

ورغم تحقيق المبادرة نتائج مالية جيدة من وجهة نظر الحكومة، فإنها واجهت انتقادات تتعلق بآلية التنفيذ، وتفاوت مبالغ الودائع، وتأخر الإفراج الجمركي للسيارات، ما أدى إلى تجميدها بشكل نهائي، وفقًا لما أعلنته وزارة المالية في وقت سابق.

في المقابل، كشف وزير الخارجية بدر عبدالعاطي، خلال مؤتمر صحفي حول مبادرات المصريين في الخارج، أن الدولة تدرس حاليًا إعادة إطلاق عدد من المبادرات الموجهة للمصريين بالخارج، من بينها مبادرة استيراد السيارات، ومبادرة تسوية الموقف التجنيدي، إلى جانب إنشاء مركز جديد بوزارة الخارجية لإصدار الوثائق الثبوتية عبر البريد لتسهيل الإجراءات.

وأكد عبدالعاطي أن هذه التحركات تأتي في إطار سياسة الدولة لدعم المصريين بالخارج وتخفيف الأعباء الإجرائية عنهم.

اقرأ أيضًا:

بطاقة إنتاجية 50 ألف وحدة سنويًا، كامل الوزير: مصنع ماك نواة لمدينة متكاملة لتصنيع سيارات

لطفي منصور: بداية الإنتاج بمصنع ماك لوسائل النقل ديسمبر 2026

تفاصيل إنشاء مصنع ماك لوسائل النقل لإنتاج 50 ألف سيارة سنويًا