الإثنين، 09 ديسمبر 2024

02:46 ص

هدف محمد مجدي أفشة في نهائي القرن
A A

القاضية ممكن.. حين توقف الزمن على إيقاع الحلم!

قاسية هي لحظات النصر كالهزيمة تمامًا، قاسية ولا تعترف ببكاء ملايين المهزومين ولا حسرتهم التي تعيش بداخلهم طويلًا، لا تلتفت إلى أن هناك أناس راح أملهم وقيادات خاب سعيها وتاريخ سيلتصق بهم مهما مرت السنوات، ينظر الرجل إلى زميله، يقول ها قد فعلناها.. انتصرنا.. نجونا من لعنات الزمن.. شتائم المشجعين.. سطرنا التاريخ، لم يعد السؤال من، من الذي سيفوز في معركة الأمتار الأخيرة، من القادر على إزاحة خصمه ومن يستحق الذهب.


خالدة لحظات النصر، لا يسمح لها الزمن بمرور الكرام، يتوقف عندها.. يخلدها.. يحفظها الأجيال ويدوّنها الكتاب ويصورها المخرجين بالدقيقة والثانية لتصير مجردة وقادرة على توضيح المعني بل وقادرة على استدعاء فلاش باك على طريق السينما المصرية، كأن تقول الدقيقة 85 و45 ثانية، فيعرف الجميع ما تقصد، هدف قفشة في مرمى الزمالك، هدف القاضية، بطولة أفريقيا التاسعة للنادي الأهلي، حسرة الزملكاوية، وصوت عصام الشوالي في الخلفية كموسيقى تصويرية وهو يردد "هو ولدنا هو قفشة"، كل هذا دون أن تقول كلمة، توضح معنى، فقط رددت هذه الأرقام ففرح عشاق الأهلي وتحسر عشاق الزمالك وتذكر الجميع ليلة الـ27 من نوفمبر من 2020 وهكذا تكسب اللحظات خلودها.


صعبة لحظات النصر، لا تأتي على طبق من ذهب، لا تأتي مبكرًا ابدًا ويجب أن تذوق مرّها قبل أن تذوق حلاوتها، كامرأة جميلة إن صبرت على صدّها نلت رضاها، وأن أنكرت وجودها اعطتك ظهرها ولن ترى وجهها ابدًا، لذلك صبر موسيماني على التعادل.. ابتلع الشناوي مرارة أن يسجل فيه شيكابالا هدف.. ارتضى معلول احتمالية أن يذهب مجهوده سُدى، واحتملت الجماهير زحف الوقت حتى نهاية المباراة، الجميع دفع القربان للجميلة السمراء ولم يملّوا أو يلوموها حتى.


مثيرة لحظات النصر، لا ترضى بالسيناريوهات السهلة، الحوادث المتوقعة، ولا تقبل بأن تكون عند ظن أحد مهما على شأنه أو بلغ صدق حدسه، وحدها من تملك الأحداث، تعرف متى تزيد خفقات القلب.. متى تُخرج الابتسامة.. الآه، وفي أي لحظة بالتحديد تُسكت الكل وتجعل أعينهم تبحلق في السماء، لذلك لم تمنح الأهلي الأفضلية في البداية، لم تجعله يشعر أن النصر قريب، ولم تُشعر الزمالك بفقدان الأمل من الدقيقة الأولى، ما فائدة أن يطمئن طرف إنه رابح وآخر خاسر، أين اختلاط المشاعر، زيادة الأدرينالين، هنا هدف، وهناك هدف، والوقت يمر، والقائم يتصدى لكرة زيزو، وقفشة يحرز هدف القاضية في الدقائق الأخيرة كفيلم أتقن مخرجه في إجلاس المشاهدين صامتين حتى تتر النهاية.


كريمة لحظات النصر، قدر صعوبتها.. إثارتها.. انتقائيتها في اختيار أبطالها، لكنها ما إن تجد البطل المنشود، المغامر، الرجل الذي يحسم المعارك وينفذ إلى قلبها، حتى تمنحه كل ما يليق بفارس نجح في الاختبار فتبدأ بالتكريم والإشادات وهتافات الملايين باسمه وتغنى الشاشات بما فعله، والأهم تمنحه الإرث.. التاريخ.. ذكر أجيال وأجيال بما فعله في الليلة الفلانية بالدقيقة والثانية، ولم يكن "قفشة" سوى هذا الفارس الذي مُنح حق الخلود.


جميلة لحظات النصر، كالحلم تماما، حلم يتردد صوته كصدى كلما جاء هذا اليوم، استمع بوضوح إلى الشوالي وهو يقول "خلاص خلاص خلاص.. ديربي القاهرة يحكم بأحكامه.. فاينال التشامبيونز ليج يُدلي بأرقامه.. النادي الأهلي.. النادي الأهلي بطل أفريقيا.. النادي الأهلي بطل أفريقيا.. مبروك الفريق الأحمر، بيتسو موسيماني يصبح مثل الجوهري ومثل أوسكار فولوني ينتصر.. بيتسو مبروك الفريق الأحمر.. بالتشاميونزليج بألوان مختلفة.. البارحة مع صن داونز.. الليلة مع الأهلي.. وفي المناسبتين على نادي الزمالك.. الزمالك في برج العرب واليوم في حضور كل العرب. "هنا في استاد القاهرة، الأهلي بطل أفريقيا والزمالك وصيف.. هارد لك للأبيض.. مبروك للأحمر لقب يستحقه، ويا كاتب التاريخ، سجّل، لوّن، اطبع، اصبغ النجمة التاسعة على القميص".

search