مجرد رأي: هل يجب الاستعانة بعمرو موسى الآن؟
في السياسة، كما في الأفلام القديمة، هناك شخصيات لا تموت أبدًا، ربما تختفي لبعض الوقت، وربما تتوارى خلف المشهد، لكن في اللحظات الحرجة، يعود المخرج لاستدعائها من الكواليس، لأنها الوحيدة التي تعرف كيف تدير الحوار قبل أن ينتهي الفيلم بكارثة.
وها نحن الآن أمام واحدة من تلك اللحظات الحرجة: تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين، وهي تصريحات تعيد إنتاج كوارث القرن الماضي بجرأة القرن الحالي. فالعالم يوشك على الدخول في مرحلة جديدة، والخيارات تضيق، وهنا يبرز السؤال: هل يجب على الدولة المصرية أن تستعين بعمرو موسى كمبعوث رئاسي لهذا الملف الحساس؟ أم أننا ببساطة نعيد تدوير الشخصيات بدلًا من البحث عن استراتيجيات جديدة؟
عمرو موسى ليس مجرد دبلوماسي متقاعد يجلس على شرفة منزله يكتب مذكراته، ولا هو من هواة الحديث عن "أيام زمان" بحسرة العجائز. الرجل جزء أصيل من أرشيف السياسة العربية، ورغم تبدل الأزمان، لا يزال من القلائل القادرين على دخول البيت الأبيض دون أن ينبهروا بثريات القاعة، والجلوس مع الأوروبيين دون الحاجة إلى قاموس، والتفاوض مع الإسرائيليين دون أن يتحول اللقاء إلى جلسة "فضفضة" حول حق الشعوب في تقرير مصيرها.
منذ سنوات، لعب عمرو موسى دورًا بارزًا في الدبلوماسية العربية، وكان صوتًا مصريًا قويًا في المحافل الدولية، لكن المشهد تغير، واللغة السياسية أصبحت مختلفة، والمصالح الدولية لم تعد تخضع لمجرد التصريحات والخطابات الرنانة.
واليوم، مع تصاعد التوترات ومع الحاجة إلى وسيط ذي خبرة، قد يكون الرجل المناسب لهذه المهمة، مستندًا إلى خبرته الطويلة وعلاقاته الواسعة.
تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة، التي أظهرت تأييد مطلق في الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل، تفرض على الدبلوماسية المصرية تحركًا سريعًا ومؤثرًا. وجود شخصية مثل عمرو موسى، قادرة على التفاوض بمهارة، قد يساعد مصر في دورها التقليدي كوسيط رئيسي في القضية الفلسطينية، خاصة مع قدرته على التعامل مع الأطراف المختلفة بلغة سياسية متزنة.
ولكن؛ هل يكفي أن نعيد شخصيات الماضي لكي نضمن دورًا مؤثرًا في مستقبل شديد التعقيد؟ الرهان على الخبرة ليس خطأً، بل قد يكون فرصة لإعادة تأكيد للدور المصري في القضية الفلسطينية، ولكن الأهم هو التأكد من أن هذا التحرك سيكون مؤثرًا، وليس مجرد استدعاء لرموز الماضي في مواجهة تحديات الحاضر.
مصر تدير الملف الفلسطيني بحرفية، وموقفها واضح: لا لتهجير الفلسطينيين، لا لتصفية القضية عبر حلول ديموغرافية. وقد نجحت مصر عبر السنوات في لعب دور الوسيط الفاعل، بفضل دبلوماسيتها الهادئة التي تجمع بين الحزم والمرونة، وتحركاتها التي تحظى بقبول إقليمي ودولي. إن هذا الدور يتطلب تضافر الجهود بين جيل جديد من الدبلوماسيين والخبرات المخضرمة التي تمتلك فهماً عميقاً لطبيعة الصراع وتشابكاته الدولية، مما يجعل الاستعانة بشخصيات مثل عمرو موسى خياراً لتعزيز الأداء الدبلوماسي وليس بديلاً عن الكفاءات الموجودة حاليًا.
ربما يكون عمرو موسى هو الخيار المتاح الآن، وربما يكون الاستعانة به فرصة للاستفادة من تراكم خبراته، لا بديلاً عن تجديد الدماء الدبلوماسية. فالتحدي الحقيقي ليس البحث في دفتر الأسماء القديمة، بل في كيفية المزج بين الخبرة والتجديد، حتى تستمر مصر في أداء دورها الإقليمي والدولي بكفاءة تتناسب مع تعقيدات المرحلة.
في النهاية، يبقى الأمر مجرد رأي، لكنه رأي يستحق التفكير: هل آن الأوان لاستدعاء عمرو موسى كرمز للخبرة، أم أن الوقت قد حان لتجديد أدوات اللعبة بالكامل؟
الأكثر قراءة
-
"مين هيدخل الجنة؟"، عبدالله رشدي يفند تصريحات إبراهيم عيسى في 8 نقاط
-
بالمستندات، نص التحقيقات مع نائب رئيس مجلس إدارة مدرسة ضحايا الاعتداء بالإسكندرية
-
حدث أثري، تمثال عملاق لـ أمنحتب الثالث يستعيد مكانه في الأقصر
-
الذهب يشتعل عالميًا ويسجل أعلى مستوى في 7 أسابيع، ما أسباب الصعود؟
-
افتكرتها شوكولاتة، نقل طفلة إلى المستشفى في حالة حرجة بعد تناولها الحشيش
-
14 وفاة في غزة خلال 24 ساعة جراء المنخفض الجوي
-
وفاة 3 شباب أثناء التنقيب عن الآثار في الفيوم
-
45 جنيهًا للجرام، قفزة في أسعار الذهب بمصر خلال صباح الجمعة
مقالات ذات صلة
الأسئلة العشرة التي تكشف ما جرى في الدوائر الـ19
08 ديسمبر 2025 04:11 م
47 دائرة ملغاة.. فهل نقترب من الإلغاء الكامل للانتخابات؟
30 نوفمبر 2025 06:00 م
29 نوفمبر تضامن سنوي.. وإبادة مستمرة!
28 نوفمبر 2025 02:16 م
بعد توجيهات الرئيس.. هل حان وقت تحديث الحياة السياسية في مصر؟
19 نوفمبر 2025 03:32 م
زهران ممداني.. حين انتصرت نيويورك على ترامب
05 نوفمبر 2025 05:25 م
ميثاق الشرف الانتخابي.. محاولة لتغيير قواعد اللعبة
01 نوفمبر 2025 09:42 ص
محمد سلام.. حين كرّم الوطن ضمير الفن
27 أكتوبر 2025 11:14 ص
فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان بين الثقة والمسؤولية
16 أكتوبر 2025 03:55 م
أكثر الكلمات انتشاراً