
انتخابات الصحفيين 2025.. تجديد بلا جديد!
انتهت أمس انتخابات نقابة الصحفيين، ومعها تبدأ الدورات الانتخابية عادةً مرحلة جديدة من الأمل والتطلعات، لكنها تفتح في الوقت نفسه بابًا كبيرًا من التساؤلات حول ما إذا كانت التغييرات ستقتصر فقط على الأشخاص أم أن الأمور ستتغير فعلاً نحو الأفضل. فوز خالد البلشي بمنصب نقيب الصحفيين للمرة الثانية على التوالي، يمكن أن يوصف بلحظة إضاءة شمعة في غرفة مظلمة، لكن التساؤل الأهم يبقى: ماذا بعد؟ هل سيتغير شيء جوهري في أوضاع الصحفيين أم سيظل الحال كما هو، مع تغيير الأشخاص فقط؟ إذا كان البلشي هو "الدم الجديد"، فأعتقد أن الأزمات هي "الدم القديم" الذي لا يتغير.
فاز البلشي بـ 3,346 صوتًا، متفوقًا على عبد المحسن سلامة الذي حصل على 2,562 صوتًا، مما يعكس رغبة واضحة لدى الصحفيين في التغيير والتجديد. لكن، وفي الوقت ذاته، تبرز الحاجة لتساؤل مهم: هل "التغيير" يعني بالضرورة تحسن الأوضاع؟ يذكرني الأمر بتغيير مكان الكرسي في الطائرة، بينما الطائرة نفسها ما زالت تحلق في نفس السماء الملبدة بالغيوم.
أما بالنسبة لعضوية المجلس، فاز محمد شبانة، ومحمد سعد عبد الحفيظ، وحسين الزناتي في مقاعد فوق السن، بينما فاز أيمن عبد المجيد، ومحمد الشاذلي، وإيمان عوف في مقاعد تحت السن. يبدو أن الصحفيين يطالبون بتغيير القيادة، لكنهم لا يفضلون أن يكون هذا التغيير "مفاجئًا" أو "مؤلمًا". يريدون التغيير، ولكن بطريقة مألوفة، دون أن يزعجهم أو يصدمهم. "الجديد" لا يجب أن يكون صادمًا، بل يجب أن يأتي في شكل تطور تدريجي غير مفاجئ.
استمرار فوز البلشي للمرة الثانية يحمل في طياته دلالة واضحة: الصحفيون يرغبون في التجديد، لكنهم يريدونه بأسلوب متدرج وآمن. نعم، يفضلون نقيبًا مستقلاً، لكن مع الاحتفاظ بأثاث المكتب نفسه. الصحافة بحاجة لتغيير جذري، لكن هذا التغيير يجب أن يكون سلميًا بحيث لا يتسبب في هزة كبيرة. فالمسألة ليست في تغيير الأفراد فحسب، بل في تغيير الذهنيات والممارسات، وفي خلق بيئة صحفية أكثر أمانًا وأكثر قدرة على التأثير في المجتمع.
لكن هل فعلاً سيؤدي هذا التغيير إلى تحسين الأوضاع المعيشية للصحفيين؟ هل سيتوقف الصحفيون عن كتابة التقارير عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة وهم يعانون منها شخصيًا؟ هل ستختفي المشاهد التي نراها كل يوم حول الصحفيين الذين يعانون من الأجور المتدنية، والعمل في بيئة لا توفر لهم الحد الأدنى من الأمان الوظيفي؟ للأسف، أظن أن ذلك لن يحدث بين عشية وضحاها. التغيير الحقيقي يتطلب جهدًا جماعيًا أكبر من مجرد تبديل الأشخاص في المناصب.
البلشي وفريقه أمامهم مهمة ليست بسيطة، فالصحافة في مصر لا تزال تواجه العديد من التحديات التي تحتاج إلى حلول مبتكرة. ومع الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بات من الضروري أن تسعى النقابة لتوفير بيئة عمل أكثر استقرارًا وأمانًا للصحفيين. النقابة ليست مجرد هيئة للدفاع عن الحقوق السياسية، بل هي كيان يجب أن يعمل على تحسين أوضاع الصحفيين المهنية والاجتماعية على حد سواء. الصحافة في حاجة إلى نقابة قادرة على الانتقال بالصحفيين من مرحلة "العمل تحت ضغط" إلى مرحلة "العمل بأمان"، حيث يشعر الصحفي بالأمان المهني والرفاهية الاجتماعية، دون أن يكون مضطرًا للقتال يوميًا من أجل توفير قوت يومه.
في الختام، يبدو أن فوز البلشي يمثل خطوة إلى الأمام، ولكن هذه الخطوة لا يجب أن تكون مجرد رفع شعارات "التغيير" في كل مرة، بل يجب أن تتحول إلى واقع ملموس. نقابة الصحفيين بحاجة إلى أن تكون أكثر من مجرد مركز دفاع عن الحقوق، بل كيانًا قادرًا على التأثير في تشكيل مستقبل الصحافة في مصر. لكننا لا نريد أن نكون مثل من يراقب سقوط أوراق الشجر في الخريف ويعتقد أن ذلك سيغير الطقس. التغيير الحقيقي لا يأتي عبر الانتخابات فقط، بل عبر إرادة حقيقية في تقديم حلول جذرية لمشاكل الصحفيين، ولعل هذا هو التحدي الأكبر الذي سيواجهه البلشي وفريقه.
لننتظر ونرى إن كان البلشي سيقود الصحفيين إلى مرحلة جديدة من العمل النقابي أم أن التاريخ سيعيد نفسه، مع تغيير الاسم فقط!

الأكثر قراءة
-
"دمها سال أمام الدكاترة ومتحركوش".. طلاب يكشفون تفاصيل وفاة روان بجامعة الزقازيق
-
تفاصيل وفاة طالبة سقطت من الطابق الرابع بـ"علوم الزقازيق"
-
أزمة قلبية تنهي فرحة أب ببراءة ابنه من السرقة في سوهاج
-
بعد ضبطهم داخل شقة.. النيابة تخلي سبيل 4 رجال و3 فتيات في سوهاج
-
حظك اليوم الاثنين 5 مايو 2025.. شريكك العاطفي في مزاج سيء
-
12:00 AMالفجْر
-
12:00 AMالشروق
-
12:00 AMالظُّهْر
-
12:00 AMالعَصر
-
12:00 AMالمَغرب
-
12:00 AMالعِشاء


مقالات ذات صلة
حقوق الإنسان بالمنطقة العربية.. قراءة في تقرير ماعت
17 أبريل 2025 02:13 م
الأمم المتحدة: حكم المباراة بلا صفارة
26 مارس 2025 03:40 م
إردوغان وإمام أوغلو.. القصة التي لا تنتهي
20 مارس 2025 04:12 م
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الرقمية
18 مارس 2025 04:15 م
أكثر الكلمات انتشاراً