الطريق الإقليمي.. رحلة عمر أو نهاية عمر
لا نُنكر أن الدولة خلال السنوات الأخيرة قامت بخطوات كبيرة في ملف تطوير البنية التحتية، وعلى رأسها قطاع الطرق؛ شوارع تم توسيعها، كباري ظهرت كأنها خرجت من تحت الأرض، وطرق جديدة ربطت مناطق كانت معزولة لعقود، ولكن، وكما يقول المثل الشعبي: "الحلو ما يكملش"... لأن الطريق مش بس أسفلت، الطريق منظومة.
خد عندك مثلًا الطريق الدائري الإقليمي؛ الطريق اللي المفروض كان يخفّف عن القاهرة، بقي مصدر دائم لأخبار حزينة؛ كل فترة نسمع عن حادثة مروّعة: تصادم جماعي، ضحايا أبرياء، أسر راحت بالكامل… ونكتفي بنشرة إخبارية حزينة، ثم نعود لحياتنا وكأن شيئًا لم يكن.
الغريب أن الحل هذه المرة لم يكن في تحسين الإضاءة، أو وضع إشارات تحذيرية، أو فرض رقابة مرورية.. بل في إغلاق الطريق. نعم، قرار رسمي بإغلاق واحد من أهم الطرق الحيوية وتحويل المرور إلى طرق بديلة مزدحمة أصلًا، وكأن الدولة تقول للمواطن: "لا هنسيبك تموت، ولا هنخليك توصل".
طبعًا لازم نعترف إن في نسبة من الحوادث بتحصل بسبب سلوكيات خاطئة من بعض المواطنين: سرعة جنونية، تحميل زائد، تجاهل للإشارات، واعتقاد غريب أن الطريق السريع صالة تدريب على سباقات الفورمولا! لكن هل ده يعفي الدولة من مسؤولياتها؟ طبعًا لأ.
في الدول اللي بتحترم أرواح الناس، أول ما تحصل كارثة على طريق، تشتغل اللجان الفنية، وتُحاسب الجهات المقصّرة، وتُصرف تعويضات، ويتعلن عن خطة عاجلة للإصلاح. لكن هنا… أسهل حل: "اقفل الطريق وخلاص"، ولما الناس تشتكي، يبقى "ما هو أنتم السبب".
الحكومة أعلنت إن الإغلاق مؤقت لحين الانتهاء من أعمال الصيانة، وده شيء طيب لو اتعمل بشكل احترافي ومخطط، بس السؤال المنطقي: ليه ما يتمش العمل مع استمرار استخدام الطريق جزئيًا؟ ليه مفيش إشارات تحذيرية، ممرات بديلة مؤقتة، أو حتى مجرد لوحة بتقول للناس يمين ولا شمال؟ ألا توجد طرق في الدنيا يتم العمل فيها والسيارات تسير بجانب المهندسين؟ أم أن هذه تكنولوجيا أجنبية لا تصلح لمجتمع عبقري مثلنا؟
المشكلة مش في الطريق نفسه، المشكلة في إدارة الطريق. المواطن مش عايز معجزة، ولا بيحلم بحاجة خرافية. هو بس عايز طريق يمشي عليه من غير ما يتحول لرحلة عمر… أو نهاية عمر.
الأكثر قراءة
-
سبب وفاة الإعلامية هبة الزياد.. وموعد ومكان العزاء
-
مفاجأة في تقرير الطب الشرعي وكاميرات المراقبة بشأن واقعة تلميذتي المدرسة الدولية وسائق "الباص"
-
مصادر لـ"تليجراف مصر": الوحدات المغلقة والبديلة تعيد "الإيجار القديم" لمجلس النواب في فبراير المقبل
-
التعتيم يطغى على التعليم، 5 ساعات لاقتفاء أثر "جريمة سيدز" في غرفة الرعب
-
وفاة الإعلامية هبة الزياد بشكل مفاجئ
-
القبض على 4 أشخاص خدشوا براءة صغيرين في إمبابة
-
حملات على المحلات، قرار عاجل من "تموين الفيوم" بشأن 132 رأس "بتلو"
-
نتيجة قبول الجامعات السودانية 2025، رابط وخطوات الاستعلام
مقالات ذات صلة
بعد توجيهات الرئيس.. هل حان وقت تحديث الحياة السياسية في مصر؟
19 نوفمبر 2025 03:32 م
زهران ممداني.. حين انتصرت نيويورك على ترامب
05 نوفمبر 2025 05:25 م
ميثاق الشرف الانتخابي.. محاولة لتغيير قواعد اللعبة
01 نوفمبر 2025 09:42 ص
محمد سلام.. حين كرّم الوطن ضمير الفن
27 أكتوبر 2025 11:14 ص
فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان بين الثقة والمسؤولية
16 أكتوبر 2025 03:55 م
رجل من مصر على عرش اليونسكو
08 أكتوبر 2025 10:18 ص
الاعتراف بفلسطين.. بين ورق السياسة ودماء غزة
24 سبتمبر 2025 02:19 م
الأديب العالمي نجيب محفوظ.. ما زلنا نحاصره بعد الموت
31 أغسطس 2025 01:39 م
أكثر الكلمات انتشاراً