الأحد، 17 أغسطس 2025

10:33 م

نجوى مصطفى
A A

الفريضة الغائبة في الدوري المصري (1-2)

لن نحتاج إلى تحديد موقعك لنقول لك ما ستراه، فسواء جلست في شمال المدرجات أو يمينها، أو حتى في المقصورة الرئيسية، ففي النهاية لن ترى سوى كرة القدم كما أحبها الناس منذ أكثر من قرن، وكما اتفقوا على تطويرها بداية من حارس مرمى و22 لاعبا ووقت محدد ودكة احتياط ومدير فني وحكم ساحة وما إلى ذلك من مكملات للساحرة المستديرة.

لكن هناك آخرين لا يجلسون في مدرجات ولا يكترثون بمقصورة رئيسية، هؤلاء ستجدهم في المكاتب الفخمة أو جالسين حول طاولة ضخمة يتفاوضون على الأسعار ويحللون النسب ويرصدون الاحتمالات ويجرون اتصالات مكوكية للوصول إلى قرار، وهؤلاء أيضًا من يقرروا ماذا يرتدي اللاعب وأي لافتة يجب أن تبرز أكثر وأي شاشة يمكنها نقل المباراة ومن يفوز باللقاءات الحصرية.

ربما تلك هي الصورة التي استوحاها موقع الانتقالات العالمي ترانسفير ماركت وهو يعد تقريره بالتزامن مع انطلاق معظم الدوريات الكروية حول العالم خلال الشهر الجاري، وهو تقرير أكد أن الملاعب صارت سوقا اقتصاديا منعشا ويقدر بمليارات الدولارات، وهذا يؤدي إلى تقاطع مصالح البث والإعلانات والعقود الاحترافية ما يجعل المعركة شرسة طوال الوقت غير مكتفية بــ90 دقيقة.

أهم ما سلط تقرير ترانسفير ماركت الضوء عليه هو قيمة دوريات القارات من الناحية التسويقية، وهو ما يعني أن الأرقام لا تتوقف على اللاعبين أو قيمته، بل تشمل البث والإعلانات وما إلى ذلك، وهي أرقام يمكن من خلالها معرفة أين نحن وأين هم وماذا نحتاج كي نصل إلى هناك أو على الأقل تقليل الفجوات.

البداية بالتأكيد مع أوروبا "المسرح الكبير" بنصّ التقرير إذ أن القارة العجوز تحتضن 55 دوريا للمحترفين وتقدر قيمتهم التسويقية مجتمعين بـ42 مليار يورو، وهو ما يعادل أكثر من 6 أضعاف إجمالي دوريات آسيا وأفريقيا، و يتصدر الدوري الإنجليزي القائمة بقيمة 12.2 مليار يورو فيما يتذيلها دوري مالطا دون قيمة تسويقية تذكر!

في المرتبة الثانية حلت الأمريكتان التي تملك 22 دوريا محترفا بقيمة سوقية إجمالية تبلغ 6.1 مليار يورو، ورغم وجود نجوم مثل ميسي وسواريز في الدوري الأمريكي لكن من يتصدر القائمة الدوري البرازيلي الذي تقدر قيمته بـ1.7 مليار يورو، وهو ما يعني أنه الدروي الأكثر حيوية ومتابعة في تلك المنطقة، كما أنه يحافظ على دوره الاقتصادي الكبير داخل الملاعب وخارجها، خاصة فيما يتعلق بتصدير اللاعبين بأسعار مرتفعة إلى أوروبا، أما دوري بوتورييكو فهو الأدنى في الامريكتين بقيمة 100 ألف يورو فقط.

آسيويا، يتوزع النشاط الكروي على 34 دوريا للمحترفين وتقدر قيمتهم السوقية بـ3.3 مليار يورو، ومن يتصدّر القائمة الدوري السعودي بقيمة 1.03 مليار يورو، وفي المقابل يتذيل الدوري النيبالي القائمة بقيمة لا تتجاوز 1.1 مليون يورو.

للأسف في المركز الأخير تسجل قارة إفريقيا نفسها من خلال 10 دوريات محترفة تبلغ قيمتها السوقية الإجمالية 672 مليون يورو، ويتصدرهم الدوري المصري بقيمة 156.3 مليون يورو، وذلك نتيجة جماهيريته والأندية العريقة مثل الأهلي والزمالك بنص التقرير، فيما يتذيل القائمة الدوري الأوغندي بقيمة 850 ألف يورو فقط.

بالطبع، أسئلة كثيرة يمكن طرحها بعد تقرير ترانسفير ماركت: هل نحن فعلًا نستحق تلك المكانة المتأخرة في ترتيب دوريات العالم، خاصة أن الأمر لا يتعلق بالنجوم فقط لأن الدوري البرازيلي مثلًا ليس فيه نجوم مشهورين عالميًا، ورغم ذلك يتصدر في الترتيب والدوري الأمريكي رغم أنه يحتوي على أشهر نجم في العالم مازال في مرتبة متأخرة، وإذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن فرصة تحسين أوضاعنا متاحة فماذا نفعل لكي نحقق ذلك؟ هذا ما سنتناوله في الجزء الثاني من هذا المقال.

search