
لماذا تعزف الجماهير عن حضور مباريات المنتخب؟
صار بعيدًا، تلك الأيام التي كنت أذهب فيها إلى استاد القاهرة قاطعة المسافات الطويلة ومتنقلة بين وسيلة مواصلات وأخرى، فقط كي أشجع المنتخب، أحمل علمه، أهتف من اجل الفوز، وأعود في الغالب مبتسمة لأن كتيبة حسن شحاته لم تكن تستسلم بسهولة حتى وهي تواجه أعتى الفرق وأشرس المهاجمين.
آنذاك أيضًا، لم يقل لي أحد أن عليّ الذهاب، لم يطالبني أحد بالحضور أو بضرورة تشجيع المنتخب، لا لأن تلك بديهية ولم أكن أفعل ذلك من منطلق وطني فقط، بل لأن المنتخب كان يستحق أن يبذل من أجله الكثير، والحقيقة أيضًا لأكون منصفة، وقتها لم يكن هناك أفضلية للأندية ولا أقصد هنا الأندية المصرية بل الأندية العالمية كما سنتطرق في السطور التالية، يمكن القول أن خياراتنا كانت بسيطة كجيلنا، المنتخب المتوج بالألقاب دائمًا حافز قوي لنا لنشجعه لأننا نضمن مشاهدة أداء جيد حتى لو خسرنا، ثم النادي المحلي وأخيرًا العالمي.
تلك الذكريات تداعت إلى ذهني وأنا أستمع إلى الدعوات التي تتكرر خلال السنوات الماضية والتي هي عبارة عن حث الجمهور على الذهاب لتشجيع المنتخب في مبارياته، وحمل الأعلام الوطنية بعيدًا عن الانتماءات الكروية المختلفة والمشاحنات الرياضية المعتادة، بل إن بعض الدعوات وهي حميدة بالمناسبة، اقترحت حلولا تحفيزية لعودة المدرجات الممتلئة والجميع في مخيلته صورة ستاد القاهرة وهو يهتف "حسن شحاته يا معلم".
لماذا لا تنجح تلك الدعوات؟، هذا هو السؤال الأهم من تكرارها، وللإنصاف فإن الأمر لا يحتاج إلى دعوات قدر احتياجه إلى معرفة من نخاطب؟، نعم ذلك هو السؤال، وإجابته تتطلب عدة نقاط أبرزها، أن معظم جماهير الكرة الآن من هم تحت الثلاثين وهؤلاء بنظرة أبعد لم يشاهدوا منتخب بلادهم يفوز بأي بطولة منذ 15 عاما، أي منذ أن أدركوا كرة القدم وهؤلاء عكسنا الجيل الأقدم الذي نشأ على مشاهدة الكؤوس تُرفع سواء في 98 أو بالثلاثية لاحقًا، وبالتالي لم يعتادوا على التشجيع لأن "الفراعنة" في نظرهم ليس أكثر من منتخب يحاول وحين وصل إلى نهائي أفريقيا في 2021 التفوا حوله.
النقطة الثانية إنه خلال الـ15 عاما الماضية، جرت في النهر أمور كثيرة، فجيل "زد" كما بات يطلق عليه هو جيل الانفتاح وثورة الاتصالات الكبرى، وهؤلاء فتحوا أعينهم على عالم متسع يمكنهم المشاركة فيه من خلال ضغطة زر، فرأينا ظاهرة تشجيع الأندية العالمية وبات السؤال ليس أهلاوي أم زملكاوي، بل برشلوني ام ملكي، ليفربول أم مانشستر يونايتد، وهؤلاء لم يكتفوا بذلك بل صاروا جزء من الحدث من خلال الـ"فانتازي" والتصويت وما إلى ذلك من وسائل تفاعلية جذبتهم أكثر، وعلى الصعيد المحلي ومع تتويج الأهلي ببطولات أفريقيا ألتف كثيرون حول "الأحمر" باعتباره الفريق المنتصر دائما وانحاز آخرون إلى الزمالك، الخريطة تغيرت والمنتخب تذيل قائمة الاهتمامات.
النقطة الثالثة والتي يجب وضعها في الحسبان هو الشق الاقتصادي، وصحيح إن الدخل تضاعف خلال السنوات الماضية مقارنة بما كان عليه قبل 2010، لكن بحساب التضخم والظروف العالمية يتأكد أيضًا أن هناك الكثير من الرفاهيات بات الشعب المصري غير قادر عليها ومنها حضور المباريات في الاستاد، إذ أن حضور أسرة كاملة لمباراة قد تمثل مبلغا لا يقدر عليه كثيرون، وبالتالي المشاهد الخالدة في ذاكرتنا عن الأسر المصرية تملأ المدرجات هي مشاهد غير قابلة للتكرار على الأقل في الوقت الحالي.
لماذا لا يحضر الجماهير مباريات المنتخب، الإجابة ببساطة لأن هناك جيلا جديدا نشأ وتربى على رؤية منتخب لا يفوز، وبالتالي أعرض عنه، في نفس الوقت الذي تمددت فيه ظاهرة تشجيع الأندية العالمية بالكرة الجميلة والمباريات المثيرة وسهولة الوصول إليها فانحازوا إلى هذا الجانب، ولولا تتويج الأهلي بالألقاب ومعافرة الزمالك وإرثهما الجماهيري لأعرضت عنهم الجماهير أيضًا، كما أن الظروف الاقتصادية لها دور في ذلك وإن كانت تلك هي أهم العوامل، وببساطة أكثر تريدون عودة الجماهير للمدرجات؟ أعيدوا المنتخب للبطولات.

الأكثر قراءة
-
المحكمة تخلي سبيل المتهمة بإنهاء حياة زوجها في سوهاج لهذا السبب
-
من طالبة صفر الثانوية بالمنيا لـ أحمد الدجوي.. مفاجأة بشأن تقرير منى الجوهري
-
بالتردد.. القناة المجانية الناقلة لمباراة بيراميدز وأوكلاند سيتي
-
5 أعوام من العطش.. الفشل الكلوي يتفشى بين أهالي عزبة الصعايدة بالمنيا
-
المتهمة في واقعة مصر القديمة: "باركتلها على الخطوبة من طليقي فشتمتني" (خاص)
-
"ضربه بشومة".. ضبط حارس عقار تعدى على كلب في المقطم
-
غرق صغيرة داخل حوض "ماتور مياه" في الأقصر
-
غدا.. مصر تتسلم جائزة الآغا خان للعمارة 2025 عن "إحياء إسنا التاريخية"

مقالات ذات صلة
عن توخيل المصري أو حسام حسن الإنجليزي
14 سبتمبر 2025 02:44 م
لماذا لن يحسم الدوري بالمواجهات المباشرة بين الكِبار؟
29 أغسطس 2025 05:44 م
الفريضة الغائبة في الدوري المصري (2-2)
21 أغسطس 2025 01:32 م
الفريضة الغائبة في الدوري المصري (1-2)
14 أغسطس 2025 02:56 م
أكثر الكلمات انتشاراً