الإثنين، 15 سبتمبر 2025

09:13 ص

عن توخيل المصري أو حسام حسن الإنجليزي

إن تصفحت جريدة الجارديان الأسبوع الماضي، ستجد بارني روناي كبير كتاب الرياضة في الصحيفة الشهيرة وهو يطرح أسئلة "ماذا كان هذا بالضبط؟ لماذا هذا الأداء الرتيب الممل؟ أين الأهداف؟" معلقًا بذلك على مباراة منتخب بلاده ضد منتخب أندورا ضمن تصفيات كأس العالم 2026.

بارني رغم فوز منتخبه لم يقتنع بأن توخيل قادر على قيادة المنتخب لأي نقطة بعيدة أو حسم أي لقب، خاصة أن منتخب اندورا  وهو منتخب حديث احتاج 49 مباراة لكي يحقق أول فوز.

بارني أيضًا وجّه سهام نقده إلى اللاعبين مطالبًا إياهم بعدم العبث بالكرة وترك أوقات التنهد والاسترخاء وكأنهم مرهقين، لافتًا إلى أن اللاعبين لا يشعرون بقيمة منتخب إنجلترا ولا ملعب فيلا بارك الذي امتلأ بالجماهير التي جاءت من أجل سحر كرة القدم.

المثير أن انتقادات بارني روناي جاءت في وقت حقق فيها توخيل العلامة الكاملة في التصفيات برصيد 15 نقطة من أصل 5 مباريات، أي أنه يتحدث عن مدير فني لم يتعادل مباراة ناهيك عن الخسارة، رغم ذلك كان في مرمى سهام النقد من الناقد الرياضي الكبير ومن الجماهير التي تنتقد توخيل أيضًا لأنها لا ترى أي أداء في الملعب حتى لو كانت النتائج 100%.

نعم لا يحتاج الأمر إلى شرح أن هذا يعد نسخة مكررة مما يحدث في مصر، ويمكن اعتبار أن توخيل هو حسام حسن الإنجليزي أو العكس، مع الفارق أن الفراعنة لم يحققوا العلامة الكاملة ولم ينتصروا في جميع مبارياتهم وإن كان الوصول إلى المونديال قد تحقق بنسبة تفوق الـ90%.

الحقيقة أن سؤال الأداء أم النتائج هو ما يتكرر بصيغ مختلفة مع جميع منتخبات العالم، وكل فريق يتحصّن بدوافعه، فالمدير الفني يتحدث بلغة الأرقام التي تؤكد نجاحه بدليل انتصاراته داخل الملاعب وتأهله أو اقتراب تأهله إلى البطولة الأهم في الموسم المقبل، والجمهور يريد أن يرى منتخبه كما هو في مخيلته، لعب ممتع وأهداف ونتائج جيدة، كما أن الجمهور يريد أن يطمئن أن منتخب بلاده قادر على المنافسة بحق إن وصل إلى أدوار إقصائية في أي بطولة وقادر على التتويج، ومن خلال الأداء الباهت لن يتحقق ذلك وبالتالي فالأحلام تتهاوى والآمال تتضائل وفي المقابل يزداد الغضب وتكثر الانتقادات.

ربما الفرق الوحيد بين مصر وإنجلترا، أنه لا أحد خرج وانتقد بارني روناي ولم يتعرض لاتهامات التخاذل وعدم الوقوف بجوار بلده، كما لم يخرج عليه أحد في برنامج ليقول أن هناك خلافات بين بارني وتوخيل دفعه إلى هذا النقد الشديد.

على كل، هذا فرق بين فروق كثيرة، ونعود الآن لثنائية النتائج أم الأداء؟، وفي رأي أن هذا يُحسم حسب موقع المدير الفني نفسه، ولنعد إلى الوراء وتحديدًا عام 2008 بعد أن حقق حسن شحاتة بطولة أمم أفريقيا لمرتين متتالتين، هل كان سيتهمه أحد بالإخفاق إن لم يفز ببطولة 2010؟ بالطبع لا، لماذا؟ لأنه مدير فني له رصيد كبير من خلال البطولات ولهذا لم يتوقف أحد عند التأهل للمونديال الذي أخفقنا فيه، صحيح كان الأداء رائعًا لكن في النهاية "المعلم" بنى رصيدًا من المجد الكروي الذي يمكّنه من التركيز على تقديم أداء كروي قوي يطغى في بعض الأحيان على النتائج نفسها.

لن نذهب بعيدًا تلك مرة، فليونيل سكالوني مثلًا مدرب الأرجنتين، هل لو أخفق في المونديال المقبل سيتهمه أحد بالتخاذل؟ أو ينتقده الجمهور وهو من جلب لهم الكأس الثالثة للمونديال وهذا مجهود ينسب إليه لأن ميسى لعب مع مدربين كثر لبلاده ولم يتوج، ناهيك أن في خزانة الرجل كوبا أمريكا أيضًا؟


خلاصة القول، إن المدربين الذين يمتلكون رصيد من البطولات والإنجازات هم فقط من سيقدمون أداءً ممتعًا، لأن هؤلاء ليسوا في حاجة إلى إثبات أنفسهم أو إثبات قدراتهم للجماهير، فالجماهير جربتهم مرة واثنين ونجحوا، وبالتالي يمارسون مهنتهم باطمئنان وراحة وإبداع، الأمر ينطبق على المدربين أصحاب الشهرة العالية فجوارديولا رغم أنه لم يتول منتخب بلد لكن لو تولى لن يشعر أنه في حاجة إلى إثبات نفسه بالتأكيد.

أما المديرين الفنيين الذين لا يزالوا في بداية المشوار أو من لم يملكون رصيدًا جماهيريًا كبيرًا مثل توخيل أو حسام حسن، فهؤلاء يعرفون جيدًا أن بقاءهم متعلق بالنتائج وما يمكن الوصول إليه من أدوار وتحقيقه من بطولات، وحتى تحقيق ذلك لن يلتفتوا إلى الأداء حتى لو كان باهتًا ومملًا ويصيب الجمهور بالسأم.

search