الخميس، 25 سبتمبر 2025

03:46 م

مصير الشرق الأوسط بين "ريفيرا ترامب" و"إسرائيل الكبرى"

يراودني منذ زمن ليس ببعيد سؤال: لماذا أنشأ الغرب دولة إسرائيل في الشرق الأوسط، وخاصة في فلسطين؟
ولكن تظل إجابات هذا السؤال متعددة، حتى جاءت عملية "طوفان الأقصى" لتكون كاشفة لنا عن المخطط الحقيقي لهذه المنطقة. وأكاد أجزم أن كل دول المنطقة العربية والإسلامية مستهدفة من هذا المخطط؛ الذي طالما تحدثنا عنه، وكان البعض يظنه مجرد كلام عابر.
ولكن تظل مشكلة هذه المنطقة العربية أن الصهيونية تخطط منذ زمن بعيد وتنفذ، بينما تبقى المنطقة بلا إطار واضح لمواجهة تلك المخططات.

بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر، عندما كانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، هي من خطّطت لوجود إسرائيل. ساعد على ذلك تغلغل اللوبي اليهودي في المجتمع الإنجليزي، وخاصة في الحياة الاقتصادية والمصارف؛ فعائلة روتشيلد كان لها الفضل في إنشاء اقتصاد بريطاني قوي، وظلت بريطانيا واقعة تحت التأثير الصهيوني- اليهودي الاقتصادي، حتى أن بريطانيا عيّنت "دزرائيلي" رئيسًا للوزراء، وهو يهودي، كمكافأة للوبي الصهيوني.

وبدأت خطوات إنشاء دولة إسرائيل على الأرض بهجرة اليهود إلى فلسطين، واحتلت بريطانيا مصر عام 1882، حتى تعزل مصر عن محيطها العربي. ثم جاء وعد بلفور عام 1917 ليكون صريحًا بأن هناك دولة لليهود في فلسطين.

واجهت مصر والدول العربية ذلك المخطط، ولكنها اصطدمت بتغيرات عالمية شديدة وجيوسياسية، أهمها تحول الولايات المتحدة من قوة عظمى إلى قوة كاسحة. وتظل الولايات المتحدة، بموقعها الجغرافي الفريد، بعيدة عن أي تهديد أمني مباشر لأراضيها.

ولكن، تظل الخطيئة الكبرى التي قسمت العالم العربي هي احتلال صدام حسين للكويت، مما سمح للقوات الأجنبية بإقامة قواعد عسكرية في منطقة الخليج العربي. ومنذ ذلك الحين أصبح العالم العربي في حالة غياب للرؤية، ونتيجة لذلك غابت استراتيجيات الأمن القومي العربي.

احتل جورج بوش العراق عام 2003 دون سبب حقيقي، وأعلنها صريحة بأن هناك "شرق أوسط جديد". هذا الشرق الأوسط الجديد انبثق عنه مؤامرة كبرى، وهي تمكين جماعات الإسلام السياسي من الوصول إلى حكم تلك الدول العربية.

كان الهدف الأساسي من ذلك ليس تغيير الأنظمة أو نشر الديمقراطية، بل تمكين تلك الجماعات "الإرهابية" من حكم الدول وتفكيك الجيوش العربية. وهذا ما حدث في سوريا وليبيا واليمن والصومال؛ فسقوط الجيش السوري كان كارثة كبرى، مثل سقوط الجيش العراقي عام 2003.

فإسرائيل استباحت كل المنطقة العربية في آسيا، وضربت الدوحة، بل وحتى ضربت إيران نفسها، ومن فتح أبواب السماء أمام الطيران الإسرائيلي هو سقوط الجيش السوري.

وتظل إجابة السؤال الذي طرحته في البداية: لماذا تم إنشاء دولة إسرائيل؟ ولماذا تقوم الولايات المتحدة بتغيير ملامح الشرق الأوسط؟

الإجابة ليست بسيطة؛ فهناك عصابة صهيونية تتحكم في العالم، وقررت أن تفرض أجندتها المتطرفة على أرض الواقع.

ويظل كلام نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى" ليس خرافة، بل هو مخطط موضوع منذ مئات السنين. ولكن الواضح أن متخذ القرار في هذا العالم أصبح لديهم غرور وعنجهية القوة المتغطرسة، في ظل انقسامات كبرى كانت موجودة في الشرق الأوسط، وحروب تلك الدول ضد الإسلاميين المتطرفين الذين استنزفوا مقدراتها.
وكان الإسلاميون – أيًا كان توجههم – فرس الرهان لضرب عمق الدول العربية، وقدموا أعظم خدمة للصهيونية.

أختم مقالي بأن السبيل الوحيد للخروج من أزمة المنطقة هو أن تعيد الدول العربية صياغة استراتيجيات أمن قومي حقيقية، يمكن أن تكون حائط صد فعليًّا لهذه الهجمة الصهيونية- النازية.

search