الأحد، 10 أغسطس 2025

03:01 م

تحذيرات إسرائيلية لـ نتنياهو من احتلال غزة: ستتحول لـ فيتنام ولن تجد من ينقذك

بنيامين نتنياهو- أرشيفية

بنيامين نتنياهو- أرشيفية

أثار قرار احتلال غزة حالة كبيرة من الجدل في أوساط الإسرائيليين، خوفا من التكلفة البشرية المتوقعة، خاصة بعدما تكبده الاحتلال خلال حربه طوال العامين الماضيين في غزة.

هل يريد نتنياهو احتلال القطاع.. جولة في عقله

يشكك الكاتب الإسرائيلي آفي بنياهو، المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي والمستشار الإعلامي لكل من إسحاق رابين وشيمون بيريز، في جدية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن رغبته في "احتلال غزة"، مؤكدًا أنه ليس من طراز القادة الذين يميلون إلى الغزو الفعلي. 

وأشار بنياهو، في مقال له بصحيفة “معاريف”، إلى أن أكثر ما "احتله" نتنياهو طوال مسيرته كان العناوين الصحفية وقلوب زوجاته الثلاث، فضلًا عن إعجاب نساء يهوديات به خلال فترة عمله سفيرًا لدى الأمم المتحدة في التسعينيات.

وذكّر الكاتب بأن نتنياهو لم يكتفِ بعدم توسيع السيطرة الإسرائيلية، بل وافق على الانسحاب من أراضٍ سيطر عليها أسلافه، مثل الخليل، وصوّت لصالح خطة الانفصال عن غزة. 

نتنياهو يدرك تمامًا كلفة احتلال غزة 

واعتبر بنياهو أن نتنياهو يدرك تمامًا كلفة احتلال غزة وتحمل مسؤولية مليوني فلسطيني من حيث الموارد، وفقدان الشرعية الدولية، والتورط في مواجهة مع مقاومة مسلحة بأسلوب حرب العصابات، لكنه، في الوقت نفسه، يوجّه رسائل لجذب دعم حلفائه في اليمين المتطرف مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، رغم علمه أن الدخول إلى غزة سهل، لكن الخروج منها مجهول التوقيت والعواقب، محذرًا من أن "أبناء الشعب" هم من سيدفعون ثمن المغامرة، لا أبناء صانعي القرار.

وسلط الكاتب الضوء على التوتر بين المستوى السياسي والعسكري، منتقدًا الهجوم الذي يتعرض له رئيس الأركان أيال زامير من بعض السياسيين ووسائل الإعلام الموالية للحكومة، ومن حتى نجل نتنياهو، في ظل اتهامات بـ"قلة المبادرة الهجومية". 

وأشار إلى أن زامير يرفض التنازل عن مواقف مهنية تتعلق بالتجنيد الكامل وخدمة الجيش، ما يجعله هدفًا لانتقادات حادة.

فيتنام على شاطئ المتوسط

بينما يرى المحلل السياسي الإسرائيلي بن كاسبيت، أنه عند سؤال مؤيدي نتنياهو: ما الذي يجب أن يحدث حتى يمكن إعلان النصر في غزة؟ تجد أنه لا جواب واضح، حيث يقول البعض: "على حماس أن تستسلم"، آخرون يرددون "ينبغي ألّا يبقوا هناك"، فيما هناك من يدعو صراحة إلى "تطهير غزة من الفلسطينيين"، والبعض يكتفي بالقول "نواصل الضغط حتى نسمع صوت الانكسار"، ويعلق الكاتب قائلاً: “إذا سمعنا صوت الانكسار الآن فسيكون من أعناقنا نحن”.

وقال بن كاسبيت، في تحليله بصحيفة “معاريف” الإسرائيلية، إن النصر العسكري في غزة تحقق منذ زمن طويل، لكن نقطة التوازن الحاسمة تم تجاوزها قبل أشهر، وربما قبل ذلك بكثير، ليتحول الإنجاز العسكري إلى هزيمة سياسية ووطنية وأخلاقية، وبالتالي إلى خسارة فعلية. 

وشبّه الأمر بـ"فيتنام على شاطئ المتوسط"، مع فرق واحد: الولايات المتحدة نجت من فيتنام بفضل قوتها ونفوذها.

وأكد الكاتب أن الجماعات الجهادية لا تستسلم أبدًا؛ لا "طالبان" في أفغانستان، ولا "داعش"، ولا "القاعدة"، ولا حتى "الإخوان المسلمون" بنسخهم المسلحة، وكذلك حماس التي لم تستسلم حتى بعد عملية "السور الواقي"، وهذه التنظيمات قد تضعف وتفقد قادتها وقدراتها، لكن جذوتها تبقى مشتعلة وسط حاضنة شعبية. 

تطهير غزة من الفلسطينيين.. غير قابل للتنفيذ

أما عن فكرة "تطهير غزة من الفلسطينيين"، فيرى بن كاسبيت أنها غير قابلة للتنفيذ حاليًا، حتى لو جرت اتصالات مع دول لاستقبالهم، الخطة التي روّج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقيت مجرد حلم على الورق، وباءت محاولات تطبيقها بالفشل، وهو ما جعله – بحسب الكاتب – يشعر بخيبة أمل عميقة من نتنياهو، الذي لم ينجح في استغلال الدعم الأميركي الكامل.

ويصف المحلل السياسي الإسرائيلي قرار الحكومة بتفضيل استمرار الحرب حتى قـتـل مزيد من الفلسطينيين، بدل السعي الحثيث لتحرير الأسرى، بأنه إفلاس أخلاقي وسياسي يحوّل إسرائيل إلى "دولة منبوذة" ويُلحق بها ضررًا طويل الأمد.

وأضاف أن إسرائيل منذ قيامها لم تدخل حربًا أو خطوة استراتيجية كبرى إلا بتوافر شرطين: إجماع وطني واسع، وتوصية مهنية من قيادة الأمن، وفي "احتلال غزة"، لم يتحقق أي منهما، ومع ذلك، يلهو نتنياهو – وفق النص – بـ"لعبة خطيرة" لإرضاء القوميين المتطرفين في حكومته، على حساب المال العام والأمن القومي.

برأي الكاتب، حماس لم تعد تمثل تهديدًا عسكريًا جديًا؛ ترسانتها من الصواريخ تضاءلت إلى عشرات معدودة، والأسلحة الفردية أقل بكثير مما كان،  لكن استمرار القصف والدمار لن يوقف تدفق المقاتلين الجدد من شباب غزة الذين لا يجدون أمامهم إلا خيار الموت مقاتلين بدلًا من الموت جوعًا أو مرضًا. فلماذا إذًا تستمر الحرب؟ الجواب – كما يرى – لأنها تخدم أجندة الاستيطان التي يريدها بن غفير وسموتريتش.

ويختم بأن نتنياهو، الأسير بيد المتطرفين، يدير ملف غزة بلا استراتيجية، يكرر الأخطاء ويغرق في الأوهام السياسية، فيما تواصل صورة إسرائيل في العالم الانحدار إلى مستوى لا يفوقه إلا كوريا الشمالية، ما يهدد الاقتصاد والسياحة وكل ما تبقى من سمعة الدولة، فقط لإبقاء "القاعدة الكهانية" راضية.

search