
هل كنّ صغيرات على الحلم أم كبيرات على الحياة؟
لم يكن في الحافلة وردٌ ولا أغانٍ ولا زغاريد، كانت فقط تمتلئ بفتياتٍ أنهكهن صمت البيوت، وحكايات البساطة، والخوف على الأهل من ضيق الرزق. حملن حقائبهن، لا ليرحلن إلى سفر، بل إلى يوم جديد من الكدّ، لم يكن يعرفن أنه الأخير.
في الطريق الإقليمي، توقفت الحياة فجأة. وماتت تسع عشرة بنتًا… كنّ فقط يحلمن بأشياء صغيرة.
شوية مصروف، مساعدة في جهاز أخت، علبة دواء لأبٍ مريض، أو حجاب جديد كانت تؤجل شراءه كل أسبوع.
منْ يكتب عن هؤلاء؟
من يكتب عن قلبٍ صغيرٍ، تَعلّم أن لا يطلب شيئًا لنفسه؟
عن فتاة تنام على ألم ظهرها بعد يوم شاق، وتنهض لتقول: "أنا بخير"، وهي ليست كذلك.
هؤلاء الفتيات لا ينتمين لعناوين الأخبار، بل لعناوين الحكايات التي لم تُكتَب.
بنات، لم يَمنحن الحب بعد، لكنهن مِلكُ من أحبّوا آباءهن وأمهاتهن أكثر من أنفسهن.
هُن من علّمنا أن الحب لا يُقال فقط، بل يُحمل فوق الكتف ويُساق في الصباح الباكر إلى العمل.
أين كنا من حكاياتهن؟ وأين كان المجتمع الذي علّم البنت كيف تطبخ وتغسل وتخجل وتنتظر… لكنه لم يُعلّمها كيف تَطلب أمان الطريق؟
علّمناها أن الخروج خطر، والحب عيب، والعمل رجولة، ثم تركناها تذهب وحدها في حافلة الموت،
ماتت البنات… ليس لأنهن فقيرات، بل لأن الفقر في بلداننا كثيرًا ما يُقابل بالتعوّد، بالتهوين، بالطرق المحفوفة بالهاوية، وبصمتٍ قاتل.
كنّ صغيرات على الحلم…
لكنّ كبيراتٍ على الحياة التي طالبت بهن قبل أوانهن، كبرن قبل الوقت، وماتت أحلامهن دون أن يعرف أحد ما كانت عليه بالضبط.
وراء كل بنت كانت في تلك الحافلة، أمٌّ تنتظرها، أو أختٌ تفخر بها، أو أبٌ يتكئ على قوتها دون أن يقول.
هؤلاء الفتيات لم يطلبن الكثير من الحياة… فقط فرصة، وكرامة، وبعض الأمان.
وربما لا نملك اليوم أن نُعيدهن، لكن يمكننا أن نُعيد التفكير في طريقة رؤيتنا لبناتنا: لا ككائنات هشّة، بل كأرواحٍ قوية، لكنها تستحق أن تُحمى من التعب، من الخوف، ومن الغياب.
فيا كل من قرأ هذا، لا تقل "الله يرحمهن" وتمضي، بل قل: متى نمنح فتياتنا طريقًا آمنا... لا إلى القبر، بل إلى الحياة!!!

الأكثر قراءة
-
موعد نزال حمزة شيماييف 2025 والقنوات الناقلة
-
"الكورة مع ماهر": الأهلي يطمئن جماهيره برباعية نارية في فاركو
-
مدبولي يناقش تفعيل لجان حصر المناطق الخاصة بقانون الإيجار القديم
-
البؤساء.. رؤية فلسفية تتجاوز الزمن
-
الشوط الأول.. نتيجة مباراة الزمالك الآن ضد المقاولون العرب بالدوري
-
بسبب ماس كهربائي.. اندلاع حريق في شقة سكنية بأسيوط
-
أول تعليق من شقيق لاعبة الجودو دينا علاء عن سبب وفاتها الحقيقي
-
طفلة تبهر وزير الرياضة ومحافظ بورسعيد بأدائها في الكاراتيه (صور)

مقالات ذات صلة
العيش في بيت العيلة.. امتحان صعب للحب والزواج
14 أغسطس 2025 09:30 ص
وجوه مشوّهة لـ امرأة قوية مستقلة متحكمة
07 أغسطس 2025 09:00 ص
كيف تفتح المرأة قلبها للحب من جديد بعد أن أغلقه رحيل الأب؟
31 يوليو 2025 01:26 م
الدنجوان مان
24 يوليو 2025 11:29 ص
من الثانوية للكلية.. خطوة نحو الحلم
23 يوليو 2025 11:46 ص
فوبيا المرأة الجميلة
17 يوليو 2025 11:55 ص
جيل يتهرب من الزواج.. هل تغيّرت المرأة أم الرجل؟
10 يوليو 2025 09:30 ص
غادروا بصمت وبقي الدرس حاضرًا
09 يوليو 2025 06:28 م
أكثر الكلمات انتشاراً